سادت أمس أجواء من الحزن والأسى في بيت الفقيد والمجاهد لخضر بن طوبال الذي وافته المنية أول أمس بمستشفى عين النعجة بالعاصمة، فقد سارع المقربون من أهل المرحوم فور أن بلغهم نبأ الفاجعة التي ألمت بعائلة بن طوبال إلى تقديم التعازي والمواساة. كان الصمت والذهول لفقدان أحد القادة البارزين للثورة التحريرية يسيطران على وجوه المقربين لعائلة الفقيد بن طوبال، من أهل وأصدقاء ورفقاء الدرب، الذين أبوا إلا أن يسارعوا لمواساة أبنائه وزوجته إثر المصاب الجلل، ولم يكف الحاضرون عن تذكر اللحظات الأخيرة من حياة المرحوم ومعاناته مع المرض الذي ألزمه الفراش لفترة طويلة، خصوصا عند نزوله بمستشفى عين النعجة بعد ان ساءت حالته الصحية، مما استلزم نقله على جناح السرعة للمستشفى بما يمكن من بقائه باستمرار تحت الرقابة الطبية المشددة. واقتصر الحضور أمس على المقربين فقط من المرحوم في بيته الكائن بحيدرة بالعاصمة، ويتقدمهم أفراد أسرته الذين تحلوا بكثير من الصبر وهم يتلقون نبأ الفاجعة الأليمة، وقد ظل بعضهم مذهولا حول كيفية التعايش مع فقدان أحد الباءات الثلاثة للثورة المجيدة. ورغم تدخلات الفريق الطبي من أجل تخفيف المعاناة والمرض عن أحد الأسماء البارزة في الثورة التحريرية "سليمان بن طوبال" وهو اسمه الحقيقي والمدعو عبد الله، إلا أن القدر كان أقوى وأسرع، فقد كان من ابرز قادتها، وكان عضوا في مجموعة 22، وأشرف على عدة عمليات بمنطقة جيجل وميلة، كما كان أيضا من بين الذين حضروا لهجومات 20 أوت 1955 رفقة الشهيد زيغود يوسف، وشارك الفقيد بن طوبال ضمن وفد المنطقة الثانية في مؤتمر الصومام، وعين عضوا إضافيا في مجلس الثورة. مسيرة المجاهد الراحل كانت تجوب مخيلة وخاطر رفقاء الدرب أمس، خصوصا أهله وأقاربه الذين عايشوه عن قرب، وعرفوا عنه الكثير، وكانوا يستمدون منه قوة الشخصية والعزيمة والإرادة التي لم يستطع المرض أن يقهرها أو يهزمها يوما، بدليل أنه كان يتمتع بقدرة كبيرة في التغلب على المرض والعجز حسب تأكيد بعض الحاضرين، وظل صامدا إلى غاية اللحظات الأخيرة من حياته، ولم يستسلم للمرض إلا بعد أن تدهورت حالته الصحية مما تطلب ضرورة خضوعه لرقابة طبية صارمة. ورغم نبأ الفاجعة الذي ألم بأسرة الفقيد، الذين لم يصدقوا يوما بأنهم سيحيون من دونه، إلا أن كافة أرجاء بيت المرحوم وأركانه كانت تتحدث عن مسيرته وحضوره ونضاله المشرف، خصوصا حينما استذكر الحضور كيف كان يؤازر رفقاءه ورفيقاته في الجهاد، ويقوي عزيمتهم في التغلب على مصاعب الحياة.