رحيل آخر كبار قادة حرب التحرير انتقل إلى رحمة الله أول أمس المجاهد الكبير سليمان بن طوبال المدعو لخضر بمستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة عن عمر 87 سنة بعد معاناة مع المرض وسيوارى جثمانه الثرى اليوم بمربع الشهداء بمقبرة العالية. ويعتبر لخضر بن طوبال أو سي عبد الله كما كان يدعى خلال حرب التحرير آخر القيادات الكبيرة للثورة التي ظلت على قيد الحياة إلى الآن بالنظر للمناصب النافذة التي كان يحتلها في هرم قيادة ثورة التحرير مند السنوات الأولى والى غاية سنة 1962.وقد ولد سليمان بن طوبال سنة 1923 بميلة من عائلة متواضعة انضم إلى حزب الشعب في شبابه، وبعد الحرب العالمية الثانية ومباشرة بعد الشروع في إنشاء المنظمة الخاصة ألتحق بها بمنطقة قسنطينة، وبعد انكشاف أمرها من طرف البوليس الاستعماري وتفكيكها أرسلته قيادة حركة انتصار الحريات الديمقراطية إلى الأوراس حيث عاش في سرية تامة وهناك تعرف على مصطفى بن بولعيد، شيهاني بشير وعاجل عجول الذين سيصبحون بعد اندلاع الحرب التحريرية قادة للمنطقة.لبىّ سي لخضر بن طوبال النداء الذي وجهه محمد بوضياف من اجل إشعال فتيل الثورة التحريرية وكان احد أعضاء مجموعة ال 22 التاريخية التي فجرت الثورة في الفاتح نوفمبر 1954، وكلف بعدها بالمنطقة الممتدة من جيجل والطاهير حتى قسنطينة مرورا بالميلية وغيرها.وكان المجاهد احد المخططين لهجمات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 رفقة القائد زيروت يوسف ثم احد أعضاء وفد الولاية الثانية - الشمال القسنطيني - إلى مؤتمر الصومام في أوت 1956 حيث عيّن بعدها عضوا إضافيا في المجلس الوطني للثورة وفي سبتمبر من نفس السنة يعوض زيروت يوسف الذي سقط في ميدان الشرف في ذات الهيئة. عقيد في جيش التحرير الوطني يقطع بن طوبال رفقة كريم بلقاسم وبن يوسف بن خدة - عضوا لجنة التنسيق والتنفيذ - الطريق نحو تونس في أفريل من العام 1957 ثم يعين عضوا في لجنة التنسيق والتنفيذ الثانية مكلف بالشؤون الداخلية ويحتفظ بهذه الحقيبة في تشكيلة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية الأولى والثانية تحت رئاسة عباس فرحات، من سبتمبر 1958 إلى جويلية 1959، ومن جانفي 1960 إلى أوت 1961 على التوالي.لكنه يصبح في الحكومة المؤقتة الثالثة برئاسة بن يوسف بن خدة وزيرا للدولة بدون حقيبة.ويعتبر بن طوبال احد ابرز قيادات الثورة الفعليين بدء من سنة 1957 رفقة الثنائي عبد الحفيظ بوالصوف وبلقاسم كريم الذين شكلوا ما يعرف "بالباءات الثلاث" والذين تحكموا في كل شؤون الثورة إلى غاية 1962، وقال عدد من رفقاء السلاح ومصادر أخرى أن بن طوبال كان متحفظا على المصير الذي لقيّه عبان رمضان في نهاية المطاف وقبل هذا كان سي عبد الله بن طوبال ضمن الوفد المفاوض للفرنسيين في لقاء روس بين 11 و19 فيفري 1962، وضمن الوفد المفاوض أيضا في لقاء ايفيان 2.بعد الاستقلال ينسجب بن طوبال نهائيا من الحياة السياسية خاصة بعد أزمة صيف 1962 التي حدثت بين الولايات، ليشغل بعد سنة 1965 منصب الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للحديد وفي سنة 1972 يعين رئيسا لمجلس إدارة الاتحاد العربي للحديد والصلب الذي كان مقره بالجزائر.كتب الفقيد مذكراته كاملة في ثمانينيات القرن الماضي لكنه فضل عدم نشرها إلى حين وفاته، وبرحيل سي لخضر بن طوبال تكون الجزائر قد فقدت أحد عمالقة الثورة التحريرية واحد اكبر قادتها بل وآخرهم على الإطلاق.