في إيران يتحدثون مليا عن صناعة السجاد العجمي وكيف تمكث الاسر الايرانية المشتغلة بنسجه سنوات عدة لانجاز واحدة منه من حرير خالص ويحكون كثيرا عن طقوس الانتهاء من النسج وعن المدن المشهورة بذلك والى من يباع وكيف يقدم كجزء من المهر للعروسة.. * ومن هنا نقترب من تأمل مراقد الائمة في مشهد وقم وكيف يعمل الايرانيون بإتقان في تركيب الصورة.. هؤلاء الايرانيون هم من قدم للأمة علما نافعا غزيرا عبر قرون الأسلام الوسيطة من علم النحو إلى الفلسفة وغيره من العلوم النافعة. في منعطف تاريخي صعب تمر به الأمة وبعد كامب ديفد وسقوط قلاع المقاومة في الأمة نهض الإيرانيون الذين توحّدوا حول مرجعيتهم الدينية الفذة في ثورة شعبية قلّ نظيرها في الثورات العالمية.. ثورة محددة المعالم والأهداف والمضمون الفكري وواضحة الخطى.. ومن إبرز معالمها أنها تنتمي إلى رؤية حضارية في الصراع، إذ حددت منذ البداية خياراتها الاستراتيجية أنها حليفة العرب في معركتهم ضد الكيان الصهيوني وانها على النقيض من الاستراتيجية الأمريكية والغربية التي تستهدف الأمة وبهذا تحولت هذه القوة الاقليمية الكبيرة الحليفة للأمركيان واسرائيل إلى قوة في رصيد قوى الأمة الفاعلة . تسلحت إيران الثورة بمعاني الإسلام في الصبر والتضحية والثبات وعدم التنازل عن الثوابت أمام محاولات التدخل الأمريكي المباشر وغير المباشر.. وأعطت إيران للغرب نموذجا جديدا عن الطرح الإسلامي وكما وصف أحد منظري الفكر الإسلامي أن إيران الثورة حررت الإسلام من المخطط الامريكي الذي استغل الاسلام في معاركه ضد الشيوعية وبعض الانظمة الثورية والقومية . وكانت الثورة الايرانية تتحرك في حقل ألغام متشعبة وأخطرها المسألة الطائفية والقومية.. ورغم محاولات دءوبة لقادة الثورة الايرانية على انهم ضد الطائفية والدعوات الطائفية وكذلك ضد الدعوات القومية الا ان حربا شرسة اعلنت ضد ايران مرة باعتبارها فارسية ومرة باعتبارها شيعية واستفادت هذه الحرب من سلوكات معزولة هنا او هناك تمارس من قبل مرجعيات دينية شيعية جاهلة او مفكرين وسياسيين مسكونين بروح قومية منتنة.. وتجند في هذه الحرب علماء دين مسلمين واعلاميون عرب وكانت دول البترودولار تدفع بسخاء على اعتبار ان هذه الجبهة ستعزل ايران . في السياسة كما في كل مجالات الحياة هناك فاحص للمواقف وكاشف للحقيقة.. فمثلا لايمكن ان يكون الموقف من فلسطين مسألة ليست ذات دلالة.. وهنا لايمكن التقليل من دور إيران في تأجيج الصراع ضد الكيان الصهيوني وتمثل ذلك في تقوية حزب الله اللبناني العربي بالكامل في حربه ضد اسرائيل ودعمه دعما شاملا وكذلك في باب التحالف والمساعدة لسوريا وايضا دعم فصائل المقاومة الفلسطينية علنا وبلا مواربة ماديا وسياسيا . ان هذا الموقف جدير بأن يعطف العرب مع ايران وينشئ علاقات واسعة بينهم وايران اقتصادية وعسكرية وسياسية وسياحية وغيرها، الا ان العكس هو المشاهد اليوم.. صحيح هناك قضايا عالقة مع ايران كمسألة الجزر الاماراتية والحدود العراقية ولكن هذه قضايا تناقش في اجواء اخوية لاسيما وايران تلتحم مع القضية العربية الاساسية قضية فلسطين ضد عدو العرب الاساسي المتمثل بالكيان الصهيوني . اليوم يتحدث الخبراء الامريكان عن احتمال حدوث هجوم اسرائيلي وشيك على المفاعل النووية الايرانية وتشترك البروبوغندا الاسرائيلية بالإيحاء ان الضربة اصبحت في حكم الامر الواقع.. فهل يكون رمضان هذا هو الحاسم في مستقبل ايران ونظامها السياسي؟؟ ايران والادارة الامريكية تعرفان جيدا حجم الخسائر المحتملة في حال نشوء حرب.. وتدرك الادارة الامريكية ان الحرب لن تكون نزهة وان مصالحها في المنطقة بما فيها القواعد العسكرية الامريكية ستكون في مرمى الاستهداف الايراني كما ان الادارة الامريكية لست في متسع من امرها بعد ان تورطت في حربين متزامنتين اودت بهيبتها العسكرية كما ان الحرب مع ايران تعني ان الادارة الامريكية تنصرف عن استراتيجيتها في الباكستان والصين وكوريا الشمالية . رغم تردد الادارة الامريكية في قرار الحرب الا ان الإصرار الاسرائيلي قد ينجح في جر الولاياتالمتحدة لها .. لكنه احتمال محفوف بمخاطر حقيقية على أمن اسرائيل ووجودها . تكون ايران جمعت من عناصر القوة ما يؤهلها لجعل الحرب قرارا ليس سهلا على الاسرائيليين والامريكان لكن هناك عناصر قوية ضرورية على ايران الاهتمام بها والاقتراب من معالجتها اولها التصدي للنهج الطائفي الذي يتحرك من خلاله البعض من مراجع الشيعة المذهبيين الذين لا همّ لهم إلا العبث باستقرار المسلمين وتنفير الناس من ايران بالتبشير الطائفي للمذهب الشيعي في المجتمعات السنية.. ثم التقدم بمبادرات حسن نية وحسن جوار مع العرب المجاورين حتى لو كان في الامر بعض التنازل لان ذلك من شأنه جمع الامة حولها في معركتها ضد الامريكان.. رمضان هذا لن يكون عاديا فإما أن تنجو إيران بمشروعها النووي وإما أن تكون الحرب وتداعياتها، لكن من المؤكد أن إسرائيل ستكون الخاسر الأكبر في الحالين .