مزيان يُعوّل على التحوّل الرقمي    ألنفط تُؤهّل يونايتد غروب    إنفانتينو يعزّي في وفاة مناد    الصفراء تبحث عن ثالث إنجاز    بلمهدي يستقبل المتوّجين    الجزائر تعرب عن تضامنها التام مع جمهورية اتحاد ميانمار إثر الزلزال العنيف الذي ضرب البلاد    بوغالي يعزي في وفاة الفنان القدير حمزة فيغولي    بومرداس..وزير الصناعة يشرف على عملية الإنتاج التجريبي لمادة السكر بمصنع تفاديس    مزيان: تنظيم لقاء مرتقب لمناقشة القيم المهنية للصحافة    سوناطراك: حشيشي يتفقد الوحدات الانتاجية لمصفاة الجزائر العاصمة    إجتماع تنسيقي بين وزارة الفلاحة والمحافظة السامية للرقمنة لتسريع وتيرة رقمنة القطاع الفلاحي    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال هذا السبت    كرة القدم (مقابلة ودية): مقابلة دولية ودية للمنتخب الجزائري أمام السويد في يونيو المقبل    وضع حد لأربع شبكات إجرامية تحترف سرقة المركبات بالعاصمة    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شهر شوال غدا السبت (وزارة)    عيد الفطر: الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين تدعو إلى الالتزام الصارم بالمداومة    ذكرى يوم الأرض: الفلسطينيون يتشبثون بأرضهم أكثر من أي وقت مضى رغم استمرار حرب الإبادة الصهيونية    شراء ملابس العيد من المتاجر الإلكترونية: راحة و وفرة في العصر الرقمي    كرة القدم: الممثل الاقليمي للقسم التقني على مستوى الفيفا في زيارة عمل بالجزائر    العقيد عميروش, قائد فذ واستراتيجي بارع    وفاة الفنان حمزة فغولي عن عمر ناهز 86 عاما    كأس الجزائر: تأهل اتحاد الجزائر ومولودية البيض إلى الدور نصف النهائي    المسابقة الوطنية لحفظ وترتيل القرآن الكريم لنزلاء المؤسسات العقابية: إختتام الطبعة ال15 في أجواء روحية مميزة    اليوم العالمي للمسرح: المسرح الوطني الجزائري يحتفي بمسيرة ثلة من المسرحيين الجزائريين    في يوم الأرض.. الاحتلال الصهيوني يستولي على 46 ألف دونم في الضفة الغربية سنة 2024    مركز التكفل النفسي الاجتماعي ببن طلحة: إفطار جماعي وتقديم ملابس عيد الفطر لأطفال يتامى ومعوزين    الجزائر- قطر: التوقيع على الاتفاقية النهائية للمشروع المتكامل لإنتاج الحليب بجنوب البلاد    اختتام "ليالي رمضان" بوهران: وصلات من المديح الأندلسي والإنشاد تمتع الجمهور العريض    التبرع بالدم.. سمة جزائرية في رمضان    الحماية المدنية تدعو إلى الحيطة    سوناطراك: حشيشي يستقبل الأمين العام لمنتدى لدول المصدرة للغاز    الرجال على أبواب المونديال    مكسب جديد للأساتذة والمعلمين    تعيين نواب من العهدات السابقة في اللجنة الخاصة    فرنسا.. العدوانية    هذه رزنامة امتحاني البيام والبكالوريا    2150 رحلة إضافية لنقل المسافرين عشية العيد    هذا موعد ترقّب هلال العيد    صحة : السيد سايحي يترأس اجتماعا لضمان استمرارية الخدمات الصحية خلال أيام عيد الفطر    قطاع الصحة يتعزز بأزيد من 6000 سرير خلال السداسي الأول من السنة الجارية    فوز المنتخب الوطني على الموزمبيق "رسالة واضحة للمشككين"    أمطار رعدية على عدة ولايات من شرق البلاد    اللقاء بسفير المملكة لدى الجزائر فرصة لتأكيد "ضرورة تعزيز التعاون والشراكة"    عرض فيلم زيغود يوسف    "أطباء بلا حدود" تطالب بمرور المساعدات الإنسانية لفلسطين    حلوى "التمر المحشي" على رأس القائمة    سوريا تواجه تحديات أمنية وسياسية خطيرة    أغلب رواياتي كتبتها في رمضان    سنعمل المستحيل للتأهل إلى المونديال    برامج ومسلسلات ومنوعات اختفت    رفع مستوى التنسيق لخدمة الحجّاج والمعتمرين    حج 2025: برايك يشرف على اجتماع تنسيقي مع وكالات السياحة والأسفار    عيد الفطر: ليلة ترقب هلال شوال السبت القادم    الجزائر تندد    استشهاد 17 فلسطينيا خلال استهداف منازل وخيام لنازحين    فرسان صغار للتنافس بمساجد قسنطينة    الدعاء في ليلة القدر    المعتمرون ملزمون بالإجراءات التنظيمية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استعمال قذر للثقافة والفن والفكر
المخابرات المغربية وحروبها السرية على الجزائر(15)
نشر في الشروق اليومي يوم 16 - 10 - 2010


الحلقة الخامسة عشر والأخيرة
5- إنشاء مشاريع لإدماج المغاربة أو العرب في الخارج: إضافة إلى تحقيق غايتها التي أشرنا إليها سابقا، فالمخزن يعمل على صعيد إدماج المغاربة والعرب وحتى الصحراويين إن أمكن ذلك في أطر مشاريع سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية من أجل ضمان ولائهم لأطروحاته. كما أن ذلك يسهل على المخابرات اختراقهم والتجسس عليهم وتوجيههم بطرق ماكرة نحو ما يرمون إليه.
وقد انكشف أمر الجهاز في مواقع مختلفة، آخرها -مثلا- ما حدث في مطلع سبتمبر 2010 لما أدانت محكمة هولندية ب 240 ساعة عمل للصالح العام، ضابطا سابقا من اصل مغربي، بتهمة التجسس على مواطنين من أصله لصالح المخابرات المخزنية، وقد انكشف أمره في 2008، أدى ذلك إلى طرد عنصرين من الجهاز من لاهاي، بعدما احتجت الحكومة الهولندية على عملية التجسس هذه.
وقد عمل الضابط مع شبان مغاربة في روتردام وكان صاحب المبادرة في إقامة مشروع يروم إلى إدماج الشباب المغربي في الحياة العملية الهولندية، وتمكينهم من تكوين متخصص يؤهلهم للعمل في مطار أوتردام.
وقد اختار اسم "ماكسيما" لمشروعه، تيّمنا بعقيلة الأمير ويليام ألكسندر ولي عهد هولندا، وعند تقديم هذا المشروع في فيفري 2008، تمّ تعيين هذه الأميرة سفيرة له، والتي بدورها نوهت به وبصاحب المشروع. وكان هدف المخابرات المغربية ليس الحصول على أسرار هولندية بل الأمر يتلق بنشطاء مغاربة في الحقل الديني والحقوقي والسياسي في هولندا. كما أن جلسة المحاكمة كشفت عن الضغوطات التي يتلقاها المتهم كلما يزور المغرب صيفا، وأجبر على التعامل مع الجهاز المغربي.
1 - محاولات لتوريط الجزائريين في الشغب والفوضى والجريمة المنظمة:
تعرف الضواحي الباريسية ومناطق أخرى من فرنسا فوضى وشغبا وحتى جرائم تقدم عليها شبكات مجهولة في كثير من الأحيان، وهذا من أجل إشعال فتيل المواجهات ما بين الشرطة الفرنسية والمهاجرين، والغريب أن أغلب المناطق التي تشهد مثل هذه المواجهات هي تلك الأحياء التي تسكنها الأغلبية الجزائرية، في حين الأخرى التي يتواجد بها المغاربة بكثافة لا تعرف إلا أحداثا طفيفة وعابرة، وتشير مصادر مطلعة إلى أن الأحداث لا تأتي بعفوية ولا جزافا، بل هي مخططة ومنظمة، وتستهدف الجزائريين أولا وقبل كل شيء.
والمتابعون لشأن هذه الأحداث، ومن دون الرجوع إلى أسبابها الأخرى التي تتعلق بالداخل الفرنسي، فإن البعض يراها مخططات تريد تحطيم سمعة الجزائريين في الخارج حتى لا يكون لهم أدنى تأثير.
ولو تتبعنا من جهة النشاط الديني، سنجد المغاربة ممن يعمل أغلبهم في أطر يرعاها المخزن، قد غزوا المساجد في أوروبا من أجل السيطرة على هذه المراكز التي يكون لها التأثير البالغ على الجاليات، ومن خلالها يتم توجيهها نحو أفق تدرك المخابرات كيفية استغلاله في المراقبة والاختراق والسيطرة على المبادرات سواء كانت ذات أبعاد سياسية أو مدنية أو دينية... الخ.
- إثارة الفتنة بين الجزائر والدول الصديقة:
لو تجولت في المكتبات المغربية لوجدت منشورات وكتب ومذكرات ودراسات كلها تروج لمغربية الصحراء، أو أنها تمجّد العرش العلوي وتشيد بالحكم الذاتي
لقد ذكرنا الكثير فيما تقدم ونحن نغوص في أغوار هذه الحروب السرية التي تخوضها المخابرات المغربية ضد الجزائر، دولة وشعبا، تاريخا وحضارة، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، فكرا وسياسة، عسكريا ومدنيا... وهنا تجدر الإشارة إلى أمر هام، هو سعي هذا الجهاز إلى إثارة الفتنة بين الجزائر وكثير من الدول الصديقة، ولم تسلم حتى الدول المغاربية نفسها.
فقد روج الجهاز عبر موقعه المسمى "الجزائر تايمز" لما نشر بتاريخ 20 / 04 / 2010 من أن المعارضة الموريتانية تخطط لقلب نظام حكم الرئيس محمد عبد العزيز بدعم جزائري، وقد أثار الخبر جدلا في الصحافة الموريتانية خصوصا، وأجرى الصحفي المهدي ولد المرابط حوارا معي بتاريخ 26 / 04 / 2010، نشره في عدة منابر بخصوص هذا الموقع والموضوع المشار إليه، وأكدت له أنه تديره المخابرات المغربية، مما دفع صحفا مختلفة إلى توجيه الاتهامات لهذا الجهاز الذي يريد "دقّ إسفين في العلاقات الجزائرية الموريتانية" كما علق موقع "الحصاد" الموريتاني بتاريخ 22 / 04 / 2010.
وظلّ هذا الجهاز عبر موقعه المشار إليه، يلحّ على إثارة الفتنة مع موريتانيا، وآخر ما ذهب إليه هو تقرير نشره بتاريخ 02 / 09 / 2010 حاول محرره في دوائر المنصوري الخفية، من أن العملية الانتحارية التي استهدفت قيادة المنطقة العسكرية الخامسة بمنطقة النعمة على الحدود الموريتانية المالية، في 25 / 08 / 2010، هي من تدبير جزائري كرد فعل على تسليمها للمدعو عمر الصحراوي لمالي، والذي من خلاله أنقذ الرهينتين الإسبانيين ألبرت فيللتا وروكي بسوكال، وتم إطلاق سراحهما وبدفع فدية أيضا تباينت الأخبار في قيمتها، وقد قدرتها صحيفة "الموندو" الإسبانية ب 7 ملايين أورو.
روّج لهذ الكذب بالرغم من أن منفذها موريتاني يدعى إدريس ولد يرب والتحق بمعاقل "القاعدة" في 2005، وتبنّاها التنظيم المذكور في بيان عبر مواقعه في الانترنت مطلع شهر سبتمبر 2010 وهو الذي كشف عن هوية هذا الانتحاري.
بالطبع الصحافة الموريتانية لم تهتم بهذا الأمر غير المؤسس والكاذب الذي لا يمكن أن يخطر على ذهن عاقل، فضلا عن أنهم عرفوا حقيقة الموقع الذي ينتحل تسمية جزائرية وهو يدار بين الرباط ونيويورك، وتحت إشراف مباشر من جهاز المخابرات المغربية.
وطبعا لن يقتصر الأمر على موريتانيا التي فضّلت الحياد في شأن الصحراء الغربية، بل ستتعدّى إلى دول أخرى، والهدف الأول والأخير هو نيل ولو تزكية عابرة لأطروحة المخزن في الصحراء الغربية المحتلّة.
ثقافة للاستغلال وتاريخ لم يسلم من الاستحلال
تستعمل الثقافة والفن استعمالا قذرا من أجل تحقيق الغايات التي يعمل من أجلها جهاز المخابرات، كما أن التاريخ بدوره يجري التلاعب به في الكواليس وفي العلن أيضا، وفي ظل هذه الازدواجية بين المعلوم المبطن في التعامل مع الشأن الجزائري، نرى ما لا يمكن تصوره من العبثية المطلقة التي تجعل من الأطماع مبررا لأفعال تتنافى والقيم الإنسانية والتاريخية والإيديولوجية والثقافية والفنية، وحتى أخلاق رجال الدولة والدبلوماسية، حيث نرى أن ما يأتي على ألسنة المسؤولين في خرجاتهم المدروسة مسبقا، لا يمتّ بصلة إلى ما هو خفي ويتحرك في الظل وفق رؤية استخباراتية قذرة للغاية.
ومن أجل تقريب المفاهيم والمعطيات للقارئ الكريم، نرى من الضروري أن نشير باختصار شديد، إلى محاور هي بالتأكيد غير كافية في سياق ما يمكن تناوله بخصوص هذا الشأن، ولكن وفق مقاربتنا لشأن المخابرات المغربية، تفرض نفسها علينا وبإلحاح شديد للغاية.
1 - الملتقيات الفكرية والأدبية والمهرجانات الفنية:
يحاول المخزن من خلال المهرجانات الفنية والثقافية وخاصة تلك التي يحضرها جزائريون، الترويج لأطروحته، عبر بعض السلوكيات والتصرفات، من مثل الالتحاف بالعلم المغربي أو النداء بما يسمى "مغربية الصحراء"، وقد تورّط بعضهم كما جرى مع مطرب الراي رضا الطلياني، أو محاولات أخرى استهدفت الشاب خالد... الخ، وكل ذلك من أجل الدعاية لأطروحته المتآكلة، وذلك باستغلال شهرة المطربين أو الفنانين أو الممثلين أو الكتّاب والشعراء.
كما أن بعضهم حسب المعلومات التي بحوزتي قد تم إجبارهم عن طريق ابتزازهم، حيث تورطوا مع عاهرات أرسلن خصيصا لهذه المهمة، حيث تجد الغرفة التي يسكنها الضيف مجهّزة بكاميرات سريّة، ويجري تصوير اللقاء وكل ما يحدث.
وقد حاولوا استدراجي بهذه الطريقة حيث أرسلوا لي بنات وكنّ في قمة أنوثتهن وجمالهن، بل سلمت لهم غرفا بجواري، ولكنني طردتهن لما قصدنني في الغرفة، وأيضا حاولن التحدث معي في المطعم، فأخلاقي لا تسمح لي بالتورط في مثل هذه الانحرافات المحرّمة، فضلا عما كنت أعرفه عن مهمة هؤلاء الفتيات.
2 - نشر الكتب والدراسات والتحقيقات المناصرة للأطروحة المغربية:
لو تجولت في المكتبات المغربية لوجدت منشورات وكتبا ومذكرات ودراسات كلها تروج لمغربية الصحراء، أو أنها تمجّد العرش العلوي وتشيد بالحكم الذاتي، وقد علمت من مصادري أن المؤلفين يتلقون دعما بالنشر والتعويض والأجر، لجل هذه المساهمات ولو بتزوير التاريخ والتلاعب بالقانون الدولي. ولا يسمح بنشر أي شيء يتعارض والتوجهات المخزنية، ولو كانت موثقة بالقوانين والأدلة والبراهين الساطعة التي لا تشوبها أدنى شائبة.
3 - تزوير التاريخ المتعلق بالصحراء الغربية ومصادرة الآثار التي تؤكد زيف الأطروحة المغربية:
لم يسلم تاريخ الثورة الجزائرية من التطاول والتجنّي الذي لا سبق له، فقد ادعى المخزن أنه لولاه ما حقق الجزائريون استقلالهم، وظهرت الكثير من المحاولات لإبراز هذه الفرضية الوهمية لا أصل لها ولا فصل
من أخطر ما عمل المخزن عليه أيضا، منذ مسيرته التي وصفها بالخضراء، هو السعي الحثيث من أجل إلغاء الشواهد التاريخية والآثار وكل الدلائل التي تدحض أطروحته في الصحراء الغربية، أو تكشف زيف ما يعمل من أجل تثبيت أقدامه في هذه الأرض، وأكّد لي الكثيرون من أن الصحراء الغربية ومتاحفها وما تملكه من تراث ثقافي كبير قد تم احتواؤه وتزويره ومحوه من الوجود بطرق تدينها القوانين الدولية، حتى لا يظل إلا ما يخدم الغزو المغربي الذي طال كل شيء.
فالكتب والصحف الموجود بمكتبات العيون أو الداخلة أو السمارة أو غيرها كلها تصب في إطار ما تسمى "مغربية الصحراء"، بل أكد لي صحافيون ممن يقدمون أنفسهم كباحثين في شؤون القضية المعقّدة، من أنه لم يجدوا دليلا ماديا سواء ما يتعلق بالآثار أو المخطوطات أو المنشورات التي تقرّ حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ولما أخبرتهم من أنها قد تمت مصادرتها ومحوها ونقل حتى شواهد أخرى من الشمال إليها، أنكروا ذلك حتى وإن برروا أنه واجب على الدولة حماية ذاكرتها وتراثها وبأي طريقة كانت.
علمت من مصادر مختلفة، أن المخابرات المغربية فتشت بيوت الصحراويين وصادرت ممتلكاتهم وأحرقت الصور والشواهد التي تدين المغرب كثيرا جدا، وقد علق أحد الصحراويين في الداخلة من أن ما يجري عندهم لا يختلف إطلاقا عما يجري في فلسطين باستهداف القدس ومحاولات إظهار الهيكل المزعوم، أو ما يحدث في العراق ومتاحفها وآثارها العظيمة. 4 - التطاول على تاريخ الثورة الجزائرية والتشكيك في الشهداء:
لم يسلم تاريخ الثورة الجزائرية من التطاول والتجنّي الذي لا سبق له، فقد ادعى المخزن أنه لولاه ما حقق الجزائريون استقلالهم، وظهرت الكثير من المحاولات لإبراز فرضية وهمية لا أصل لها ولا فصل، مفادها أن الاستقلال الجزائري جاء بدعم من الملك محمد الخامس ومجاهدين مغاربة، وطبعا نحن لا ننكر أبدا دعم الشعوب المغاربية الشقيقة لثورتنا، ولكنها ليست بتلك الصورة التي يريد أبواق المخزن إبرازها، وهذا من أجل التمني الذي لا فائدة ترجى منه.
هذا بغض النظر عما يلاك من ترهات لا أساس لها في تاريخ المنطقة، فقد راحوا مؤخرا يروّجون لبعض الشوائب التي تطفو على السطح والتي يراد منها المساس بأقدس ثورة في العصر الحديث، كما قرأت في كثير من الصحف الترويج المبيت بنوايا سيئة لأطروحة عضو مجلس الأمة الأسبق جمال الدين حبيبي الذي شكك في عدد الشهداء، وأيضا النائب في البرلمان نورالدين آيت حمودة نجل عميروش.. وهذا كله من أجل إشفاء غليل الحقد الذي يحرق أعماق المخزن وأذنابه، فلما فشل في كل الخطط التي تحدثنا عنها من قبل، راح يلعب على أوتار القيم والمقدسات عساها أن تؤتي أكلها.. فأنّى لهم.
كلمة لا بد منها في الختام
لقد حاولت أن أختصر بقدر الممكن وتفاديت الغوص في الماضي السحيق، لأنني لو فعلت ذلك ما كفتني مجلدات، لأن المستور قذر والملفات ساخنة وكثيرة تتجاوز حدود المعقول، ولو استرسلنا في قطاعات أخرى كالاقتصاد والاستثمار والسياحة والرياضة والتربية والجامعات، وأيضا الأعمال الإنسانية الأخرى، لوجدنا أنفسنا أمام واقع مؤلم ومخزي وهالة من التناقضات والخفايا التي ينام عليها هذا الجهاز المخزني، الذي تحول إلى مجرد دائرة استخباراتية لا شغل لها سوى الجزائر وجبهة البوليزاريو، وكأن ما يهدد أمن المغرب قد أفلح في ترويضه والقضاء عليه.
في ختام هذا البحث الذي عرّى الأشياء بتجربة صحفية شخصية رعتها "الشروق"، نرى من الضروري أن نؤكد على ما كان محلّ نقد عندنا، وهو هاجس المخابرات الذي صار مرضا مزمنا لكثير من التيارات والأحزاب وحركات المعارضة، وكذلك السياسيين والمفكرين والإعلاميين، ولكن ما جرى مع شأن المخزن، لم نجد ما يمكن من خلاله استبعاد هذه الجهاز من أمر الواقع الذي صار يسيطر على حركية كل الأشياء، مهما كان نوعها أو لونها أو طعمها. حتى خلت نفسي أنني أتعامل مع ثلاثية تتكون من: أرض وشعب ونظام، تخضع لشيء واحد هو جهاز المخابرات، والذي يجمع بين فصائل هذه الثلاثية ويحرك التصورات ويغذي الأطماع والغايات والأهداف، هو شيء واحد ينبع من تفكير استخباراتي محض، يصور الكل مجرد خصوم هدفهم تصفية الآخر وفق وسيلة الاختراق والاختراق المضاد.
أتمنى أن أكون قد وفقت إلى حد ما في تأطير الإشكالية بناء على معطيات استغرقت أكثر من ثلاث سنوات من الصبر على ما لاحقنا من اتهامات، ومن التجلّد على المفاجآت التي كانت تباغتنا من حين لآخر، ومن المغامرة التي تعني الاستعداد المطلق للسفر إلى ما وراء الشمس في أي لحظة.
لقد كنت صحفيا وكاتبا أبحث عن الحقيقة وبطريقتي الخاصة التي فرضها عليّ الطرف الآخر من حيث يعتقد أنه في الطريق الصواب، كما أنني لم أكن يوما رجل مخابرات ولا واليت أي جهاز فوق الأرض، بالرغم من أنني في غفلة من الزمن وجدت نفسي في قلب عاصفة هوجاء وإعصار مثير، لمخابرات ذوّبت خصومها في الحمض ودفنت معارضيها في سجون سرية لا تتسلل لها حتى خيوط الشمس ولا حتى أضواء المصابيح...
بالتأكيد ستكون لنا عودة إلى شؤون أخرى عندما يقتضي الأمر وفي وقتها المناسب. وفي الأخير أؤكد على أنه في حال تعرّضي لأي مكروه فإنني أحمّل المسؤولية للطرف المغربي، وخاصة أنني تلقيت تهديدات كثيرة واتهامات مختلفة منذ الشروع في نشر تحقيق الداخلة ولا تزال مستمرّة، كما أن التسجيلات التي قد تبثّ فأنا أبرأ منها لأن مهمتي كانت تقتضي أحيانا التنازل في كثير من المواقف، ومجاراة الطرف الآخر حتى يتحقق المراد... وهذه هي ثمار ذلك العمل.
طالع أيضا
الحلقة الأولى
مأزق البوليزاريو و تضليل الرأي العام
الحلقة الثانية
الأخبار الكاذبة والقصة الكاملة لمؤامرة " الجزائر تايمز "
الحلقة الثالثة
فريق استخباراتي لمتابعة "الشروق أونلاين"
الحلقة الرابعة
الجهاز المخزني يعمل لإشعال "حرب أهلية" بين الصحراويين بمخيمات تندوف
الحلقة الخامسة
حقوق الإنسان في مزادات المخزن
الحلقة السادسة
وجها لوجه مع محمد ياسين المنصوري (رئيس جهاز الاستخبارات المخزنية)
الحلقة السابعة
رئيس استخبارات المخزن : جريدة " الشروق " تزعجنا
الحلقة الثامنة
استخبارات المخزن تروج لمسرحية "اغتيال" الانفصالي فرحات مهني
الحلقة التاسعة
استمالة للصحفيين واستثمار في الضباط الفارين
الحلقة العاشرة
استخبارات المخزن تصطاد في مياه "تبحيرين" العكرة
الحلقة الحادية عشرة
المخزن وتحالف الإرهاب مع مافيا المخدرات
الحلقة الثانية عشرة
الجناح العسكري للبوليزاريو يؤرق أمن المخزن
الحلقة الثالثة عشرة
استعمال بشع للإسلام والعروبة
الحلقة الرابعة عشرة
النفوذ الصهيوني في المخزن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.