هي جريمة تذكرنا بالجرائم الهوليودية التي لا يستطيع المشاهد فكّ طلاسمها إلا في النهاية، حيث نكتشف أن المجرم هو الزوج والأب! وحتى بعد ما فصلت محكمة الجنايات لمجلس قضاء الجزائر العاصمة في القضية بحكم الإعدام، إلا أنه لا الشهود ولا أهل الضحية ولا حتى المتهم تمكّنوا من كشف السبب وراء هذه المجزرة البشعة. إلهام بوثلجي تعود وقائع هذه الجريمة النكراء التي اقترفها عمر في حق فلذات أكباده، خديجة ونورة وإيمان، وزوجته ليلى إلى ليلة من ليالي مارس2001 الباردة برودة هذا الزوج القاتل، الذي قام بخنق زوجته وبناته الثلاثة، وبدون رأفة ولا رحمة أضرم النار في البيت لإخفاء كل دليل يدينه، وبقي داخل المنزل إلى أن أُغمي عليه جرّاء الدّخان الكثيف، وفي تلك الأثناء طلب والد عمر من ابنيه عمار ومحجوب إيصال مواد البناء إلى منزل أخيهما، ولما وصلا وجدا منزله يحترق فسارعا إلى نجدته. وعند دخولهما وجدا عمر في حالة غيبوبة والبنات الثلاثة مع والدتهن مطرُوحات على الأرض وأثار الخنق بادية عليهن، هنا قام محجوب بإخراج بنات أخيه الواحدة تِلو الأخرى ونقلهن على متن سيارته إلى مستشفى عين طاية لإسعافهن لكن الأجل حان وقد لفظن أنفاسهن الأخيرة في الطريق ليلحقن بأمهما التي توفيت في المنزل قبل وصول سيارة الإسعاف، أما المتهم عمر فقد نُقل إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي »مصلحة الأمراض العقلية« وهو في حالة هستيرية. وبعد صدور تقرير الطب الشرعي تبيّن أن الوفاة كانت بفعل فاعل، فتحت مصالح الضبطية القضائية تحقيقا في القضية حيث تبيّن أن عمر هو الفاعل الرئيسي رغم إنكاره، وأُحيل إلى محكمة الجنايات لإدانته بجريمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد يوم11 جويلية 2006. المتهم: أربعة أشخاص هجموا عليّ وقتلوا عائلتي... ولما مثل المتهم عمر بين يدي القاضي أنكر التهم الموجهة له، وصرح أنه بتاريخ الوقائع حوالي الساعة الثالثة أو الرابعة صباحا خرج من بيته قصْد قضاء حاجته وتفاجأ بضربة على مستوى رأسه من الخلف أفقدته وعيه بعدها هجم عليه أربعة أشخاص قيّدوا يده اليسرى بسلك كهربائي واتجهوا به داخل بيته بعد أن وضعوا قطعة قماش داخل فمه لمنعه من الصراخ، وكانوا حسب روايته ملثمين مرتدين ألبسة سوداء وقاموا بالضغط على يديه لخنق زوجته وفعلوا نفس الشيء مع بناته الواحدة تلو الأخرى وفي الأخير أخرجوه من البيت بعد أن ضربوه على رأسه وتركوه ساقطا على الأرض في الساحة ولاذوا بالفرار. وأضاف المتهم أنه لم يدر بنفسه إلا وهو في المستشفى، هذه هي الرواية التي نسجها المتهم لينجو بفعلته وبحبكة سينمائية فاقت تلك الموجودة في أفلام هوليود، ورغم براعته في نسج السيناريو باعتراف القاضي الذي وقف حائرا أمام روايته خاصة لعدم وجود شهود، فإن كل الدلائل كانت ضده وحتى تصريحاته التي استطاع القاضي أن يحولها إلى دليل إدانة ضده لأنّه روى بأنه تعرض لاعتداء مسلح ثم قال بأنه لم يعرف ما جرى لعائلته إلا بعد دخوله السجن أين أخبره أخوه بالحادث، فكيف يقتل الملثمون زوجته وبناته ويتركونه على قيد الحياة ولا يسرقون الأموال والمجوهرات التي وجدتها الشرطة في المنزل؟ هذا هو السؤال الذي ردّده القاضي أثناء الجلسة ولم يستطع المتهم الإجابة عليه، وما حيّر المستشارين هو وجود جثث البنات بملابس النهار ومغطيات بعناية وكأن المجرمين أخذتهم الرحمة بالبنات، فهل يعقل أن يغطي القاتل ضحاياه؟. النائب العام: الإعدام لقاتل أفراد عائلته بدون رحمة رغم الغموض الذي اكتنف هذه الجريمة بسبب عدم وجود شهود في الميدان وإجماع أفراد العائلتين على عدم وجود خلافات بين الزوجين، إلا أن ممثل الحق العام التمس الإعدام في حق المتهم عمر الذي قتل وبدون رحمة زوجته وبناته الثلاثة، حيث لا يتجاوز عمر ابنته الصغرى الثلاث سنوات! ولأن تقرير طبيب الأمراض العقلية أكد أنه لا يعاني من أي اضطراب في قدراته العقلية ساعة وقوع الجريمة. أما محامي الدفاع عن المتهم الأستاذ شريف شرفي، فطلب من عدالة المحكمة الانتقال إلى مكان الحادثة لاستكمال بعض التحقيقات التي تفيد في فك الغموض عن هذه الجريمة وإعادة فحص المتهم من طرف هيئة من أطباء الأمراض العقلية قبل النطق بأي حكم. ولكن القاضي والنائب العام رفضا طلباته، لأن الانتقال إلى الأمكنة أصبح بدون جدوى بعد مرور أربع سنوات على الحادثة، كما أنّ فحص المتهم من طرف فريق طبي غير مؤسس، لأنّ هذا الأخير تم فحصه من طرف خبيرين مختصين في الأمراض العقلية أكدا أنّه لم يكن في حالة جنون ساعة ارتكابه الجريمة، وبالتالي حكمت المحكمة على المتهم عمر بالإعدام لارتكابه جناية القتل العمدي مع سبق الإصرار، الفعل المنصوص والمعاقب عليه بالمواد 254 ، 256 و261 من قانون العقوبات.