كيف يستطيع الإنسان أن يتحول الى شرير بين لحظة وأخرى؟ تساؤل تثيره قضية المتهمين الذين قتلوا صديقهم وأحرقوه في نفس الوقت، ولا ذنب له سوى أنه يحصل على قوت عيشه بالعاصمة ويبيت بالشاليه المشؤوم· وحسب ما رواه الشهود، فإن ليلة وقوع جريمة القتل اختارها المتهمون أن تكون ليلة سهر، حيث اشتروا الكحول والمخدرات وقصدوا الشاليه الذي كان يأويهم مع مجموعة كبيرة من الزوافرة بالدار البيضاء، ما نجم عنه مشاجرات عدة مع باقي القاطنين على مستوى الشاليه وحتى أصدقائهم الذين يقصدونه في كل ليلة، فحاول المتهم الرئيسي الاعتداء جسديا على الضحية الاول لما رفض أن يعطيه هاتفه النقال وما كان يحمله من نقود، وهنا تدخل سائر أصدقائه لإنقاذه من الوعيد وتهديده بالقتل والحرق بالبنزين وقارورة الغاز التي كانت في مكان الجريمة·· ويؤكد شاهد آخر أن أحد المتهمين جاءه طالبا منه خنجرا حادا كان يستعمله لتقشير البطاطا مقابل اعطائه خنجرا كبيرا كان بداخل كمه باليد اليسرى بحجة أنه ذاهب لسرقة المارة ويلزمه سلاح أبيض من الحجم الصغير·· فرفض الشاهد بدعوى أنه يحتاجه لغايات أخرى، كما رأى كل الشهود أغطية كثيرة داخل غرفة المتهمين تم وضعها على سرير الضحية والمتهم، قالوا بأنها توحي بوجود شخص تحتها، ثم استتب السكون داخل الغرفة بعد الفوضى التي سادت المكان، وفي حدود العاشرة ونصف ليلا، نشب حريق داخل الغرفة مما جعل الشهود يسارعون إلى مغادرة الشاليه ليجدوا المتهمين الثلاثة خارج الشالي مذهولين وأذهانهم شاردة من وقع المخدرات التى تعاطوها، فحاول الشهود إنقاذ الضحية الذي لم يسمع له صوت وتمكنوا من اخراج جثته باستعمال عصا حديدية عبر النافذة، حيث وجدوها متفحمة الى غاية مجيء مصالح الحماية المدنية التي اخمدت الحريق وعثرت على الجثة الثانية دون ان يتعرف على هويتها احد من الحاضرين· وأثناء المحاكمة اكد المتهمون ب·م، س·ج، ر·ص، بأنهم تغيبوا عن الحادث بحكم مغادرتهم الشاليه ولم يعودوا إلا وألسنة الحريق قد أتت عليه· ممثل الحق العام التمس عقوبة الإعدام في حق المتهمين، مع تعويض أهل الضحية ودفع عشرة آلاف دج كغرامة مالية· أما دفاع المتهمين، فحاول دحض التهم المنسوبة إلى موكليه عن طريق التشكيك في تصريحات الشهود، خاصة وأن القضية قيدت ضد مجهول في السابق لانعدام آثار الجريمة بعد استحالة وصول الطب الشرعي إلى أسباب الوفاة، وبعد المداولات قضت هيئة محكمة الجنايات لمجلس قضاء العاصمة، بالسجن المؤبد للمتهمين الثلاثة لارتكابهم جناية القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد والحرق عن طريق تكوين جماعة اشرار، بالاضافة الى تهمة الاعتداء على ملك الغير·