قال العقيد جمال عبد السلام زغيدة مدير الأمن العمومي بقيادة الدرك الوطني "إن خريطة شبكات تزوير الأموال في الجزائر في توسع مستمر، وتتغير من سنة إلى أخرى، مشيرا إلى أن الجزائر أصبحت منطقة تدفق لنشاط التزوير المالي من دول خارجية، أكثر منها منطقة لصناعة العملات المزورة ". * وأكد مدير الأمن العمومي بالدرك الوطني أن معالم خريطة نشاط شبكات "ترويج"العملات المزورة تتغير حسب تدخلات مصالح الدرك، مؤكدا استحالة حصر هذه الظاهرة في نطاق جغرافي محدود، مشيرا إلى أنه خلال هذه السنة تركز نشاط شبكات التزوير في شرق البلاد، خاصة في أم البواقي التي تمكنت فيها مصالح الدرك الوطني من إحباط أكبر محاولة إغراق السوق المحلية بالأموال المزورة، بالإضافة إلى ولايات ميلة، المسيلة، وهران، تبسة، الطارف، سطيف، وتلمسان لكن أغلب القضايا المعالجة بحسب تقرير الدرك الوطني كانت بولايات الشرق الجزائري، إلى جانب ولايات البيض وهرانمستغانم وتلمسان بغرب البلاد . * كما أوضح أن الشبكات التي تنشط في التراب الجزائري "منحصرة في شبكات ضعيفة الإمكانيات، وتنشط بشكل بدائي، عكس الشبكات الدولية التي تحرز حسبه على أحدث التجهيزات الالكترونية"، مما جعل هذه الأخيرة تتخذ من الجزائر منطقة تدفق لنشاط التزوير المالي من دول خارجية، أكثر منها منطقة تزوير وصناعة العملات المزورة، موضحا أن أكبر نشاط لهذه الشبكات هو ترويج الأوراق المالية المزورة وهو "نشاط نسبي"، كما أوضح أن الشبكات المحلية تنشط عن طريق وسطاء محليين ينشطون ضمن شبكات دولية مختصة في تزوير وتهريب العملة الصعبة والمحلية من الخارج نحو الجزائر باستغلال بعض المسالك الحدودية غير المحروسة لتمرير الدينار المزور، مؤكدا أنه من خلال بعض القضايا التي عالجتها مصالح الدرك الوطني تبين علاقة شبكات الترويج المحلية بشبكات دولية تنشط في كل من فرنسا وايطاليا. * * البنوك الأولية تقوم باكتشاف النقود المزروة وتحيل حامليها على التحقيق * بنك الجزائر الضامن الوحيد للعملة الوطنية من التزوير * * يتكفل البنك المركزي الجزائري بمهمة محاربة أشكال التزوير من خلال حفاظه على سلامة الأموال المودعة لديه أو تلك التي تطبع، عقب عملية حرق الأوراق القديمة المهترئة . * وبحكم أن الزبون لا يستطيع فتح حساب بنكي لدى بنك الجزائر، فإن حركة الأموال النقدية، تضمن بقاء السيولة الدائرة في خزائن البنك في مأمن من اختراق الأوراق المزورة، مقارنة بالبنوك الأولية خاصة التجارية أو العمومية، التي يفوق عددها 22 بنكا، حيث تقوم البنوك الأولية في حالة تسجيل أوراق نقدية مزورة بمراسلة المفتشية العامة من خلال تقرير مفصل، ويتم وضع المحضر بعد إخطار الشرطة، هذه الأخيرة تتكفل بالتحقيق لتحديد المتورطين، علما أن الأوراق المزورة تكتشفهم الآلة الحاسبة، كما يوجد آلة أخرى تعطي لونا خاصا، للعملة الصعبة بأشكال الأورو والدولار . * وقال مصدر من بنك الجزائر ل "الشروق"إنه يستحيل اختراق أوراق نقدية مزورة للبنك المركزي، على اعتبار أن البنوك الأولية لا تقع في خطأ من هذا النوع، على خلفية أنها تتخلص من تلك المزوّرة بمجرد اكتشافها، مشيرا إلى أن السوق السوداء لصرف العملات تعتبر سببا مباشرا في رواج النقود المزوّرة، وكذلك التعاملات التجارية بين المواطنين والتجار بما يصطلح عليه شعبيا التعامل ب "الشكارة«، سواء في الأسواق الشعبية أو في المعاملات التجارية البسيطة، موضحا أن البنك المركزي أعطى لهم تعليمات بحرق الأوراق النقدية المكتشفة مؤخرا، والتي شاع لدى عامة الناس أن مصدرها الصين، مع تحرير محاضر عن ذلك وتمكين مصالح الأمن من فتح تحقيقاتها في أثر حركة تلك الأموال المزوّرة، وأضاف مصدرنا "مادام التعامل بالشكارة مستمر فإن قضية النقود المزورة لن تنتهي«. * وأوضح محدثنا أنه في كل بنك، يتم خلال إيداع الأموال ملأ كشف يحدد رقم الأموال وفئات الأوراق النقدية، وقال "في حال إيجاد أوراق نقدية مزوّرة، يستدعى رجال الدرك أو الشرطة لاستدعاء المعني، لكشف مصدر هذه الأموال." * * العقيد زغيدة رئيس قسم الشرطة القضائية بقيادة الدرك الوطني : * "طالك "الأطفال ومواد صيدلانية لتزوير الأوراق النقدية * * تزويد المؤسسات المصرفية ببطاقات فنية تتضمن المناهج المستعملة في التزوير * * * كشف العقيد جمال عبد السلام زغيدة مدير الأمن العمومي بالدرك الوطني ل"الشروق"أن الركيزة الأولى التي يعتمد عليها المزورون هي نوعية الورق التي يتم بها طبع الأوراق المالية، وعادة ما يعتمد على ورق معالج يشبه الأصلي من الناحية النظرية لإستحالة الحصول على الورق الذي يتم به طبع العملة الصحيحة، فهو معروف ب"LE PAPIER TRAMER" الذي يكون وزنه بين 40 و80غ، وهذا مايسّهل على العارفين بالنقود التمييز بين العملة الصحيحة من المزورة التي تكون ملساء جدا ولينة عند الملمس عكس العملة الصحيحة، كما أن لونها يميل للاصفرار ولا تحافظ على نقاء لون العملة الحقيقية، ثم يقومون باستعمال بعض المواد التي تستعمل في الطب مثل "مادة بيتادين "وبعد جفافها تطلى بمادة "الطالك " لتأخذ اللون الرمادي . * وحسب العقيد زغيدة فإنه توجد طرق يمكن من خلالها التأكد من صحة الأوراق النقدية، أهمها تلك المتعلقة بميزات الأوراق النقدية الصحيحة كانعدام وجود مادة "أزوران أوبتيك"في الورق المستعمل في صناعة النقود الذي لا يبدو عليه أي إشعاع أو تفاعل إذا تعرضت إلى الأشعة مافوق البنفسجية، على عكس الورق العادي الذي يتفاعل مع الأشعة . * * البنوك تتوقع انحسار الظاهرة بدخول استعمال الشيك والحوالة في المعاملات الكبيرة * مبتول : " النقود المزورة أخطر من الإرهاب " * * حذّر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول من تداعيات انتشار النقود المزيفة الذي سيكون وقعه أخطر من الإرهاب على أمن الجزائر، في حين أكد عبد الرحمن بن خلفة المفوض العام لجمعية البنوك الجزائرية أن تعويض السيولة بالشيك والحوالة سيوقف تسريب تلك الأوراق المزيفة التي تملك البنوك وسائل كشفها حاليا . * فضح انتشار الأوراق النقدية المزورة، التي كشفتها أجهزة الأمن والدرك في المدة الأخيرة، هشاشة النظام المصرفي الجزائري وتأخر الجزائر الكبير في تطبيق آليات الدفع المختلفة المعتمدة في باقي دول العالم، وهو الشيء الذي "جعل أكثر من 40 % من الكتلة النقدية السائلة في الجزائر تتداول في السوق الموازية خارج إطار البنوك "حسب الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول، الذي أكد أن هذا الوضع " سيكون أثره أوقع من الإرهاب على أمن الجزائر، ويهدد كامل الاقتصاد الوطني ". * وكشف مبتول أن "إغراق السوق بالعملة المزيفة قد يكون بفعل شبكة عالمية تريد ضرب أمن واستقرار الجزائر«، مضيفا أن مواجهة الأوراق النقدية المزيفة "ليس عمل الأمن"بل كما قال "يجب إعادة النظر في النظام المصرفي الجزائري بكامله في أقرب الآجال«، خاصة وأن الخلل في هذا النظام حسبه "لا يعالج بتغيير القوانين بصفة مفاجئة ما يساعد على دعم السوق الموازية ". * ولم يخف الخبير قلقه من عدم كشف نتائج التحقيق في قضايا كبيرة يكون لها صلة بانتشار الأوراق المزيفة "لم نعرف إلى حد اليوم أين وصلت التحقيقات في سرقة آلاف الأطنان من الورق النقدي لبنك الجزائر بين ليون ومرسيليا في فرنسا". * وقال مبتول "البنوك الجزائرية ليست إلا مؤسسات إدارية وهي غير مربوطة بالشبكة العالمية ولا تقوم بدورها في تحريك الاقتصاد«، مؤكدا أنه لا يمكن تأمين السوق من خطر الأوراق المزورة إلا "باحتواء السوق الموازية في السوق النظامية التي تقضي على التلاعب والرشوة والتهريب "كما يعيب على السلطات "الدولة لا تفعل شيئا من أجل توعية المواطنين بالخطر المحدق وذلك عبر وسائل الإعلام الثقيلة ". * * مصفاة البنك المركزي تعجز عن امتصاصها * غياب ثقافة الادخار ورداءة المادة الأولية يوسعان كتلة الأوراق النقدية البالية * * تعتبر الأوراق النقدية رمزا من رموز الدولة وهي تمثل شخصيتها وتعبر عن هيبتها في الأسواق المالية، ولذلك تحرص الدول على إصدارها في جودة عالية، وتسن القوانين التي تردع من يتورط في تشويهها أو تزويرها.. مفاهيم لم تغيّر في واقع الأوراق النقدية في الجزائر. * فعند مقارنة ورقة نقدية وطنية مع أخرى أجنبية يُدرك حجم الفارق في الجودة والجمال، معايير مطلوبة بإلحاح، كونها تتحكم في عمر الورقة النقدية، وتضفي عليها هبة. غير أن واقع العملة الوطنية يبقى مخجلا بالنظر إلى حالة الكثير من الأوراق المتداولة، والتي توجد في وضعية متردية، تسيء إلى سمعة البلد . * فالبنك المركزي وضع إستراتيجية لامتصاص الأوراق النقدية المهترئة من التداول واستبدالها بأخرى جديدة، غير أن انتشار المتردية منها بقوة، حال دون امتصاصها بالكامل، فكيف تفسر هذه الظاهرة؟ يجمع خبراء الأوراق النقدية على أن غياب نص قانوني يحظر تداول الأموال بقيم كبيرة في صورة سيولة، يعتبر من الأسباب الفعالة التي تلعب دورا كبيرا في انتشار الأوراق النقدية المتردية . * وكان يمكن لمنع تداول السيولة بقوة القانون، أن يحصر الظاهرة ويساهم في الحفاظ على الأوراق النقدية من التلف، غير أن عدم توفر الدولة على آليات التعامل عن طريق بطاقات الائتمان من جهة وغياب هذه الثقافة لدى المواطن من جهة أخرى، جعل الورقة النقدية حاضرة في كل العمليات التجارية، وهو ما يعني تعرضها لكل أشكال الاحتكاك المسبب للتلف . * ومعلوم أن محدودية التعامل عن طريق الصك والحوالة البريدية والبطاقة البنكية، يساهم أيضا في التداول المكثف للورقة النقدية في السوق الوطنية، وهو أمر من شأنه أن يؤثر على حالتها، مهما كانت طبيعة المادة الأولية التي استعملت في صناعتها. * ومن بين الأسباب التي تؤثر أيضا على وضعية الأوراق النقدية، انحصار ثقافة استعمال حافظات الوثائق في المجتمع الجزائري، بالرغم من أن هذه العادة كانت تشكل السمة البارزة عند آبائنا وأجدادنا، وهو عامل يؤثر أيضا على وضعية الأوراق النقدية، التي لا يمكنها الصمود أمام المؤثرات الخارجية والتغيرات الطبيعية . * وتبقى مسؤولية الدولة في ما آلت إليه وضعية الأوراق النقدية كبيرة، فطبيعة المادة الأولية التي استعملت في صك العملة الوطنية التي أصدرها بنك الجزائر بداية من مطلع التسعينيات تفتقد إلى الجودة المطلوبة، إذا ما تمت مقارنتها بعملات أجنبية، ولا تعبر بقوة عن شخصية الجزائر . * * 110 شخص تورطوا في تزوير 400 مليون سنتيم * كما أكد محدثنا حجز 400 مليون سنتيم من العملة المزورة في العشرة الأشهر الأخيرة من السنة الجارية، تم من خلالها توقيف 110 شخص فيما حجزت مصالح الشرطة أكثر من 600 مليون سنتيم خلال نفس الفترة . * وبالمقابل فقد سجلت المصالح المشتركة خلال سنة 2009 أكثر من 288 قضية تزوير نقود عالجت منها 148 قضية، تورط فيها 284 شخص من بينهم 12 شخصا أجنبيا، صدر في حق 132 شخص أمر إيداع و82 استدعاء مباشرا 29 آخر تحت الرقابة القضائية، حيث وصل عدد الأوراق المالية المسترجعة إلى 7614 ورقة من العملة الوطنية المزورة بقيمة 5327000 دج،4327 ورقة من فئة 1000دج، و1153 من صنف 500دج، و2101 ورقة من فئة 200دج و33 أخرى من فئة 100دج، أما بالنسبة للعملة الأجنبية فقد استرجعت ذات المصالح 123 ورقة مزورة بقيمة 20760 أورو، و11 ورقة من الدولار الأمريكي بقيمة 1100 دولار أمريكي، و160 ورقة من الدينار التونسي بقيمة 3270 دينار تونس، أما خلال سنة 2008 أحصت مصالح الأمن 278 قضية عولج منها 158 قضية، تورط فيها 328 شخص منهم 26 شخصا أجنبيا، تم استرجاع على إثر ذلك 6189 ورقة مزورة من العملة الوطنية بقيمة 4964700دج ،4318 ورقة من صنف 1000 دج و960 ورقة ذات 200دج، و909 ورقة 500دج وورقتين من صنف 100دج، أما العملة الصعبة فقد استرجعت 3471 لفافة مزورة بقيمة 925900 أورو 379 دولار أمريكي بقيمة 37650 . * * المؤسسات المالية مدعوة لتبني استراتيجة جديدة لمواجهة التزوير * "بقاء40 بالمائة من السيولة النقدية خارج البنوك " * * حذر الخبير الاقتصادي مالك سراي من تضخيم ظاهرة انتشار الأوراق النقدية المزورة، لأن ذلك يضر بالاقتصاد الوطني ويشوّه سمعة البلاد في الخارج، مقللا من حجم اتساع الظاهرة، بحجة أن تزوير الأوراق النقدية يقف وراءها بعض الشباب نابغين في الإعلام الآلي، وليس عصابات منظمة . * وفي تقدير المصدر ذاته فإن تزوير العملات هي ظاهرة موجودة عبر كافة دول العالم، وهي تتجلى بشكل مخيف ومقلق في بلدان كثيرة، من بينها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإيطاليا والاتحاد السوفياتي إلى جانب بلدان أمريكا اللاتينية، حيث تتواجد عصابات منظمة تمتلك التجهيزات والتقنيات التي تمكنهم من تزوير أموال معتبرة، تؤثر على استقرار اقتصاد تلك البلدان . * ويلخص مالك سراي تزوير الأوراق النقدية في الجزائر بكونها مجرد عمليات منفردة يقوم بها بعض الشبان الذين يسعون للربح السريع، مستخدمين آلات وتجهيزات جد بسيطة، من ضمنها أجهزة الإعلام الآلي، قائلا:"بأن الأمر لا يدعو أبدا إلى الخوف أو إلى القلق«، رافضا أن تؤدي المعالجة الإعلامية لظاهرة تزوير العملات إلى زرع الريبة والقلق بين جميع المواطنين، بدليل أن كثيرا منهم أصبحوا يشكون في كل ما يستلمونه من أوراق نقدية باختلاف أصنافها . * وفي تقدير الخبراء الاقتصاديين فإن ما يدعو للقلق بالفعل هو كون 40 في المائة من السيولة المالية يتم تداولها خارج الإطار الرسمي، أي خارج البنوك وهو ما قد يساهم في تنامي ظاهرة التزوير مستقبلا، إن لن تسارع الدولة من خلال الهيئات المعنية إلى استيعاب تلك الأموال وإدخالها إلى مجالها الطبيعي والرسمي، وهي الفكرة التي يدعمها المتحدث ذاته، موضحا بأن التجارة الموازية تشكل مجالا خصبا لتداول العملات المزورة بسبب التعامل نقدا دون صكوك. *