أثبتت التحقيقات والتحريات التي قامت بها مصالح الدرك الوطني أن شبكات تزوير العملة تلجأ إلى استعمال مواد مختلفة لإنجاح مخططاتها قصد إغراق السوق، تتمثل في “التالك”، البيتادين” وحمض “الآرسوربيك” و”الورق النقدي” بالإضافة إلى عتاد وتجهيزات متطورة بتقنيات عالية، تسمح بمغالطة مستعمليها، وحجزت ذات المصالح منذ عام 2008 حتى الآن ما قيمته 14 مليون دينار و33 ألف أورو. قال مدير الأمن العمومي بقيادة الدرك الوطني، العقيد جمال زغيدة، إنه بالنظر إلى المعطيات السابقة خلال عامي 2008 و2009، فإن عدد القضايا المعالجة وقيمة الحجوزات من الأموال المزورة سجلت انخفاضا ملحوظا خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، ما يعطي الانطباع بأن مصالح الدرك الوطني تبنت خيارين أساسيين هما المراقبة المستمرة عبر الأسواق، ومختلف التجمعات التجارية الكبرى التي تكثر فيها عمليتي البيع والشراء وتسمح للسيولة المالية بالسريان بمبالغ نقدية كبيرة. وهنا تكون العملية أشبه بمطاردة “القط للفأر”، بالاضافة إلى العمل الاستخباراتي المعلوماتي المعتمد في الإطاحة بشبكات وعصابات تزوير العملة، والتي نجحت كثيرا في العديد من المرات بعد ورود معلومات إليها تفيد بوجود أشخاص يروجون لأموال مزورة تضر بالاقتصاد الوطني والتجارة. وأوضح العقيد جمال زغيدة، أمس، لدى استضافته في برنامج “ضيف التحرير” للقناة الثالثة، أن شبكات تزوير العملة الوطنية تتعامل بصفة غير مباشرة مع شبكات أجنبية، وهذه الشبكات تتمثل في مجموعات صغيرة في مراحلها الأولية، تريد امتهان هذا النشاط غير الشرعي، مضيفا أن قضايا وحالات تزوير العملة لا تقتصر على منطقة واحدة بل هي موزعة عبر عدة مناطق في الوطن. وكانت أول قضية تفجرت في السابق تلك التي عاشت أطوارها ولاية مستغانم، حين تمكنت مصالح الدرك الوطني من توقيف سيارة تبين فيما بعد أنها مسروقة من فرنسا وتم إدخالها إلى الجزائر، وبعد إخضاعها لعملية تفتيش دقيقة تبين أنها محملة بمبالغ مالية من العملة الوطنية مزورة بلغت قيمتها ستة ملايين دينار من فئة ألف دينار. في ذات السياق وبلغة الأرقام، كشف المتحدث أنه خلال عام 2008 تمكنت مصالح الدرك الوطني من حجز مليوني دينار عملة مزورة، وما يفوق ثمانية ملايين دينار كذلك مزورة خلال عام 2009 و30 ألف أورو، بينما خلال 10 أشهر الأولى من العام الجاري أسفرت العمليات التي قامت بها ذات المصالح عن حجز أربعة ملايين دينار وثلاثة آلاف أورو، وتوقيف 110 متورط، بينهم أجانب. وهذه الكميات من الأوراق المالية المزورة استعملت فيها أدوات وتجهيزات متطورة بتقنيات مختلفة منها حواسيب جد متطورة، آلات طباعة حديثة وحتى في بعض الأحيان يكون الورق المستعمل فيها ورق أصلي خاص بالعملة، ناهيك عن بعض المواد التي تظهر منذ الوهلة الأولى أنها بعيدة عن هذه الاستعمالات لكنها في الحقيقة تدخل في تزوير العملة منها “التالك”، البيتادين”، وحمض “الآرسوربيك”، ويكفي لتزوير العملة توفر حاسوب حديث، جهاز سكانير، آلة طباعة، وورق نقدي أصلي وحتى غير أصلي. ولمواجهة هذه الجريمة التي تضر بالاقتصاد الوطني والنشاط التجاري، أولت قيادة الدرك الوطني أهمية بالغة للأمر وأنشأت دائرة مختصة في مكافحة تزوير العملات، بالتعاون مع المؤسسات المالية ممثلة في البنوك، حيث تمكننا من تحديد مكمن التزوير، وعن تورط المهاجرين غير الشرعيين في هذه الجريمة، أكد مدير الأمن العمومي بقيادة الدرك الوطني، العقيد جمال زغيدة، أنهم متورطون بصفة غير مباشرة وأثبتت التحريات والتحقيقات تورطهم في قضايا الاحتيال والنصب التي عالجتها ذات المصالح.