حجزت مصالح الدرك الوطني 400 مليون سنتيم من العملة المزورة في العشرة أشهر الأخيرة من السنة، وتبقى هذه الظاهرة مرشحة للارتفاع بسبب ذهنيات المواطنين الذين لا يزالون يفضلون التعامل بالسيولة النقدية بدل الصكوك والبطاقات الإلكترونية البنكية والبريدية، كما تم حجز 18 طنا من المخدرات في هذه المدة أغلبها في الشريط الحدودي بالمناطق الجنوبية المجاورة لدول الساحل وهي المناطق التي تمكنت فيها هذه المصالح من استرجاع أربعة أسلحة نارية تستعمل لأغراض إجرامية مختلفة تستغلها العصابات التي تنشط في تزوير العملة وتهريب المخدرات لحماية أنفسها. وأفاد العقيد زغيدة جمال عبد السلام مدير الأمن العمومي بقيادة الدرك الوطني أن ظاهرة تزوير العملة أصبحت تهدد الاقتصاد الوطني وتذبذب حركة رؤوس الأموال نظرا لعلاقاتها المباشرة بالكثير من الجرائم الأخرى كالتحايل واللصوصية وكذا التهريب.وأضاف المتحدث أن مصالح الدرك الوطني التي حجزت مبلغا ماليا مزورا يعادل 400 مليون سنتيم وثلاثة ألاف أورو في العشرة أشهر الأولى من السنة الجارية سجلت ارتفاعا في القضايا المعالجة في الأيام الأخيرة المتزامنة مع عيد الأضحى، خاصة بولايات الشرق الجزائري حيث تم اكتشاف مبلغ مزور قيمته 100 ألف دينار جزائري بعنابة، مع توقيف ثمانية أشخاص آخرين بولاية تبسة لتزويرهم لأوراق نقدية بالعملة الصعبة. وقد استغلت العصابات التي تنشط في مجال تزوير العملة مناسبة العيد التي تعرف حركة غير عادية وكثيفة لرؤوس الأموال لإغراق السوق بهذه المبالغ المزورة، حسب العقيد زغيدة الذي شبه عمليات تزوير العملة ب''لعبة القط والفأر'' يظهر الثاني كلما غاب الأول، وهو ما نفهم منه أن هذه العصابات تقوم بالتزوير في المناسبات.ولم يستبعد العقيد زغيدة الذي نزل ضيفا على حصة ضيف التحرير للقناة الإذاعية الثالثة أمس إمكانية تفاقم هذه الظاهرة التي لا تزال في مرحلتها الابتدائية ببلادنا بسبب تمسك المواطنين بذهنياتهم وتفضيلهم للعمليات التقليدية في استخراج ودفع الأموال، حيث لا تزال أغلب التعاملات تتم بواسطة السيولة وليس بالصكوك والبطاقات الإلكترونية البنكية والبريدية التي لازال المواطن لا يثق فيها.وتم توقيف 110 متورطا في قضايا تزوير العملة خلال هذه السنة، يستعملون وسائل تكنولوجية عصرية لإنتاج الأوراق النقدية المزورة باستعمال مادتي ''البيتادين'' و''الطالك'' لجعل هذه الأوراق تشبه الأوراق الحقيقية ولا يتم التفطن إليها بالعين المجردة إلا باستعمال الآلات البنكية الكاشفة.وفي هذا السياق ذكر المتحدث أن قيادة الدرك الوطني أنشأت مصلحة على مستواها تشتغل في مجال محاربة تزوير الوثائق والمحررات الإدارية وكذا تزوير العملة، وزودت هذه المصلحة بمختلف الإمكانيات العصرية والميكانزمات المتطورة لكشف التزوير والأساليب التي يتبعها المزورون، وتقوم قيادة الدرك الوطني بإعداد بطاقات فنية بصفة دورية ومستمرة تتضمن كل هذه المعلومات لترسلها للمؤسسات المصرفية حتى تتخذ احتياطاتها وحذرها وتتفطن للمناهج المستعملة في تزوير النقود. تزوير العملة بفرنسا وإيطاليا وتهريبها للجزائر وعن حالات تزوير العملة أشار المسؤول إلى إمكانية وقوف شبكات أجنبية وراء هذه الظاهرة، حيث أكدت التحقيقات تورط ورشات فرنسية وإيطالية تقوم بتزوير العملة وتهريبها للجزائر وهو ما تبين بعد إحباط شبكة لتزوير السيارات بمستغانم السنة الماضية تم العثور على متن إحدى سياراتها المسروقة من فرنسا على مبلغ مالي قيمته 600 مليون سنتيم. وبينت التحقيقات أيضا وجود ورشات في منطقة ليون بفرنسا وأخرى في إيطاليا تزور العملة وتهربها إلى الجزائر. وفي رده على سؤال يتعلق بإمكانية وجود تنسيق دولي لمحاربة هذه الظاهرة في الدول التي تعاني منها صرح العقيد زغيدة بأن تنسيق العمل في هذا المجال يكون حسب مصالح كل دولة، فالجزائر يمكنها أن تلجأ إلى وضع ميكانيزمات التعاون وتنسيق الجهود وتبادل المعلومات مع دول أخرى في حال تسجيلها لأي خطر أجنبي يهدد اقتصادها من ورشات أجنبية تزور العملة.غير أن العقيد زغيدة أضاف أن أغلب قضايا تزوير العملة التي تم تسجيلها بالجزائر هي عبارة عن حالات منعزلة لأفراد في بدايتهم الأولى لممارسة هذه الجريمة وليس لهم علاقات مع شبكات دولية. مشيرا إلى أن الحالات التي تعلقت ببعض المهاجرين الأفارقة المقيمين بطريقة غير قانونية بالجزائر، تتعلق عادة بالنصب والاحتيال أكثر منها من تزوير العملة لأن هدفهم من خلال استعمال العملة المزورة ليس إغراق السوق بمبالغ كبيرة وإنما استغلال نية بعض المواطنين للحصول على مبالغ بالدينار قصد تغطية تكاليف إقامتهم بالجزائر.