لم يعد يفصلنا عن موعد حسم اسمي البلدين الذين سيحتضنان مونديالي 2018 و2022 سوى ساعات بدلا عن الأسابيع والأيام ومع الاقتراب من الموعد تكثر الحسنات وأيضا العيوب لدى المتنافسين، ونطق اسم البلد الذي سيحتضن المونديال يعني منحه رقاب عشاق الكرة في العالم .. وقطر بقدر ما هي معوّلة على ملفها القوي الذي سيمكّن بحول الله العالم العربي والإسلامي من احتضان تظاهرة كأس العالم بقدر ما معوّلة أيضا على العيوب التي تطفو على ملفات الدول التي تنافسها وأهمها على الإطلاق الشعبية غير القوية لكرة القدم في هذه الدول إضافة إلى نقص خبرتها في عالم الكرة وكونها ليست الرياضة الأولى في هذه البلدان التي تنافس قطر على عيد الكرة المستديرة .. فكل البلدان التي استعمرت قطر على مر العصور وتواجدت على أراضيها من عاشقات اللعبة ومنها البرتغال وإنجلترا ولا جدال في أن كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في قطر، كما في كل دول الخليج العربي والعالم الإسلامي ولكنها غير ذلك في الدول الأربع المنافسة لقطر وهي الولاياتالمتحدةالأمريكيةواليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا .. فأمريكا بنفسها تعترف بأن الكرة تأتي في المركز العاشر من حيث الشعبية، وقد بدلت الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ السبعينات من القرن الماضي جهودا كبيرة لأن تجعل الأمريكيين يعشقون الكرة ولكنها فشلت رغم أن الأسطورة بيلي لعب في الولاياتالمتحدة في آخر مشواره الكروي وسافر إلى هناك بيكنباور وكرويف، ولكن شعبية الكرة لم تتقدم رغم أن أمريكا احتضنت مونديال 1994 وبلغت الدور الثمن النهائي ولم تقص سوى من البطل البرازيل، وفي السنتين الأخيرتين جذبت إلى ملاعبها نجم الموضة والفن والخرجات والكرة دافيد بيكام ولكن الكرة بقيت على حالها من دون شعبية، والدليل على ذلك أن لاعبي المنتخب الأمريكي جميعهم يفضلون اللعب حتى في المكسيك وفي الأقسام الأوربية السفلى من أجل حماس الجماهير أحسن من أن يلعبوا أمام مناصرين بعضهم لا يعرف حتى قوانين اللعبة فما بالك بتشجيع لاعبيها وزرع الحماس في الملاعب والمدرجات.. والأمريكيون لا يفرطون في البيسبول والملاكمة وكرة السلة وحتى الريغبي وكرة التنس، وخلال الألعاب الأولمبية التي احتضنتها أمريكا في لوس أنجلس وأطلنطا كانت الكرة دائما الرياضة الأفقر من حيث الحضور إلى درجة أن جماهير التنس تفوقت على جماهير الكرة، والأمريكيون يعلمون أن 90 بالمئة الذين يدخلون ملاعب الكرة في أمريكا من المكسيكيين والأجانب بينما لقاء البيسبول هو همّ أبناء العم سام، فكل قطر وكل العالم العربي يعلم بملف قطر ومعظم الأمريكيين لا يعرفون الكرة ولا علم لهم بأن بلدهم ترشح لاحتضان المونديال.. أما أستراليا فإن ابتعادها عن القارات الكبرى وتواجدها شبه وحيدة في قارة لا تنافسها على القمة سوى نيوزلندا هو الذي جعل الكرة في هذا البلد حكاية عادية في حياة مليئة برياضات أخرى يعشقها الاستراليون مثل السباحة والريغبي وكرة المضرب .. ومازالت الكرة حديثة العهد في اليابان التي حاولت أن تجعلها خبز أبنائها عندما انتدبت النجوم مثل الأسطورة البرازيلية زيكو وعندما احتضنت كأس العالم للأندية، ولكن ما قامت به دولة الإمارات مؤخرا بنقل تظاهرة كأس العالم للأندية إلى أراضيها هو بالتأكيد في خدمة قطر، وفي اليابان توجد رياضات دخلت في الثقافة الشعبية وفي حضارة هذا البلد مثل المصارعة اليابانية والكاراتي وهي ذات الرياضات التي اشتهرت بها كوريا الجنوبية وحتى عندما مالت هاتين الدوليتين نحو الرياضات الجماعية تألقت في كرة اليد أكثر من كرة القدم التي بقيت بعيدة عنها رغم أنها جميعا باستثناء أستراليا سبق لها وأن احتضنت كأس العالم لكرة القدم .. شعبية الكرة هي ملح وملاحة المونديال وفي هذا " الملح والملاحة " تبدو قطر الأقل ملوحة والأملح بكل المقاييس .