عرفت هذه السنة أيضا سجالا كرويا وإعلاميا غير مسبوق بين الجزائر ومصر، لأنه في حقيقة الأمر المونديال لم يحسم بين المنتخبين إلا في أم درمان السودانية ولو أن المنتخب الوطني كان الأقرب إلى حسم الأمور في القاهرة يوم 14 نوفمبر، لكن حجارة الفراعنة أجّلت البت في التأهل إلى غاية 18 من ذات الشهر في واحدة من المقابلات الحماسية التي أضحت لقاء كل العرب، دخلت الأمور بعدها في السياسة والجدال الإعلامي الذي بدأته فضائيات غير محترفة أخلطت الحابل بالنابل وأخرجت''ماتش الكورة'' على حد تعبير منشطيها من المستطيل الأخضر إلى الشارع وصفحات الجرائد والقنوات التلفزيونية التي ركزت على كل شيئ إلا على تأهل الجزائر• وكأن العالم يدور في اتجاه واحد هو مصر والكرة لا تعترف إلا بمنتخب الفراعنة• وحتى الفيفا دخلت على الخط وحذرت اتحاد سمير زاهر بعد الاعتداء على حافلة ''الخضر'' وطالبته بضمانات لإقامة المباراة الأولى في أحسن الظروف، لكن المقابلة أقيمت وجاءت الجماهير الجزائرية وبحوزتها أدلة تدين أتباع زاهر الذي أراد قلب الطاولة على الجميع عندما أقصي أبناء شحاتة في أم درمان وأقسم بأغلظ الأيمان بأنه سيفضح الجزائر واتحاد كرتها في المحافل الدولية• وبدأ يجمع أدلته المزعومة على تجاوزات جزائرية في السودان وضرب موعدا للجميع يوم 7 جانفي، لكن انقلب السحر على الساحر وبدا زاهر كأنه يحلم و''انفض المولد من حوله'' ليجبر على إلغاء مؤتمر الفضيحة لأن وزير خارجيته شد أذنه، وهو الذي قدّم ملفه المثقل بقصاصات الجرائد للفيفا التي لا تعترف إلا بالأدلة الدامغة، وكانت الجزائر كانت قد دوّنت تقريرا مفصلا في حادثة ''الباص'' وكل العالم شاهد ما حدث على المباشر وفي أكبر القنوات العالمية وحتى على الأنترنت• والفصل في الأمور أرادته الفيفا أن يكون في فيفري القادم• طبعا بدأنا حصاد السنة من آخر شهر، ولكن تابعوا كيف كانت مسيرة ''الخضرا'' وكيف ''دارت حالة''• سامية· ب البداية من كيغالي انطلق مشوار ''الخضر'' في عام 2009 يوم السبت 29 مارس من كيغالي ،حيث واجه نظيره الرواندي في أولى مواجهات الدور الحاسم وكانت الوعود الوردية تحيط بالخضر من كل جانب، لكنهم لم يتمكّنوا من تجسيدها ميدانيا، حيث انتهى اللقاء كما بدأ بالتعادل السلبي مع فرصة وحيدة للمستقدم الجديد غزال الذي ارتطمت كرته بالقائم الأيمن• وما عدا ذلك، فقد بدا منتخبنا قانعا بالتعادل الذي لم يهضمه أي أحد• إفرازات التعادل الانطلاقة الخاطئة للخضر من كيغالي جعلت الكثير من المتتبعين يفتحون النار على المدرب سعدان، الذي تلقى انتقادات لاذعة لعدم اعتماده على بزاز ضد رواندا وكذا خطته التي قيل وقتها لم تنفع أمام أضعف منتخب في المجموعة• ومع الغياب المؤكد لصايفي وبزاز عن مواجهة الجولة الثانية ضد مصر، بدأت الأصوات تتعالى لضم الحارس شاوشي، مهاجم الشلفاوة مسعود وثنائي الوفاق زياية ودلهوم، مما جعل المدرب سعدان يذرف دموعا خلال الندوة الصحفية التي نشطها صباح ال23 ماي قبيل مواجهة فراعنة النيل لكونه لم يحتمل الضغوطات الرهيبة التي كان عرضة لها والتي أعادت ذاكرته لما بعد مونديال مكسيكو .1986 ''الخضر'' يؤكدون مشروعية حلم المونديال 7 جوان•••المنعرج الحقيقي للكرة الجزائرية ففيه استقبل ''الخضر'' نظيرهم وغريمهم المصري الذي لم يتمكّن من مسايرة الريتم العالي الذي فرضه فريقنا في الشوط الثاني، ففي 20 دقيقة تمكّن أشبال سعدان من تحويل دموع مدربهم لفرحة كبرى بعد أن نالوا من الحضري في 3 مناسبات متتالية• البداية صنعها مطمور بمجهود فردي رائع ثم مخالفة من زياني نحو العمق ورأسية غزال الجزائر أسقطت حارس الفراعنة ومعه 4 مدافعين وضاعف النتيجة ثم زياني مرة أخرى على طريقة ''روح تخلص'' إلى جبور الذي سجل الهدف الثالث، فكان فوزا ولا أروع للمنتخب الجزائري، الذي أكد مشروعية حلمه بالوصول إلى المونديال مما أخرج الجماهير للاحتفال بالشوارع• ولم يتردد الرئيس بوتفليقة في تقديم تهانيه لسعدان بهذا الفوز الكبير• سعدان يقضي على التماسيح ويؤكد سيره في الطريق الصحيح بعد 18 يوما فقط من العبث بالمنتخب المصري وجد ''الخضر'' أنفسهم في معركة ريادة المجموعة الثالثة التي يتقاسمونها مع زامبيا، التي كانت قد تعادلت بالقاهرة وفازت بقواعدها على رواندا• وتوقع الجميع صعوبة المهمة أمام منتخب التماسيح، خاصة مع التصريحات المستفزة لمدربهم الثرثار ''رونار''• لكن سعدان عرف وبكل هدوء كيف يعيد ما فعله في تصفيات مونديال مكسيكو ,1986 حيث فاز وقتها على نفس المنافس بهدف بن ساولة وفي 20 جوان تمكّن من العودة بالفوز مجددا بهدف من بوفرة برأسية في الدقيقة ال21 ثم آخر لصايفي في الدقيقة ال 66 وهو الفوز الذي سمح للجزائر بالانفراد بصدارة المجموعة، لتكبر الأحلام أكبر فأكبر وأصبح بلوغ المونديال قضية وقت ليس إلا••• مواجهة استعراضية ضد الأوروغواي حمى المونديال أصابت جميع الجزائريين دون استثناء، مما جعل الفاف تنتعش هي الأخرى وتواكب الأجندة الدولية للمباريات الودية وقد نجحت مفاوضاتها في استضافة أول منتخب نال ونظم كأس العالم وهو منتخب الأوروغواي، الذي أعاد تدشين ملعب 5 جويلية• ورغم الغيابات الكثيرة في صفوف المنتخب الوطني الذي افتقد يومها عنتر يحيى، حليش وغيلاس لأسباب مختلفة، إلا أنه تمكّن من الوقوف الند للند بل والفوز بهدف رائع من جبور الذي أعاد الذكريات الذهبية للخضر في ملعب 5 جويلية بحضور العديد من العائلات في أجواء راقية كما كانت هذه المباراة التحضيرية فرصة لتعرّف الجزائريين على الداهية الجديد مراد مغني• التألق لم يمنع تفشي الإشاعات تألق منتخبنا المتواصل لم يشفع له لكي يكون بعيدا عن الإشاعات المغرضة والمسيئة له، فبعد الاستقبال الأكثر من رائع للمستقدم الجديد من لازيو الإيطالي، مراد مغني، مباشرة عند وصوله إلى المطار ومشاركته العادية في اللقاء، حيث لاقى استحسان الجميع• إلا أن البعض حاول إثارة المشاكل وربط العودة السريعة لهذا اللاعب إلى روما بغضبه من التكتلات الموجودة في المنتخب والتي جعلت الكثير من زملائه لا يمررون له الكرة في أول ظهور له ضد الأوروغواي• وهو ما نفاه المعني بالأمر جملة وتفصيلا وأكد أنه انبهر للاستقبال الأسطوري الذي لاقاه من كل الجزائريين وأن عودته السريعة كانت بسبب ارتباطاته مع ناديه لكونه كان معنيا بالمواجهة الودية التي استضاف فيها لازيو ضيفه الإسباني أوساسونا• وبالفعل، شارك مغني في تلك المباراة وقدم مردودا رائعا كعادته• الروح الانتصارية تتواصل دون فواصل وضع ''الخضر'' عودة مصر لتسجيل الانتصارات ''بطرق مشبوهة'' من كيغالي وراء ظهورهم واستقبلوا في سهرة رمضانية ضيفهم الزامبي تحت ضغوط كبيرة• ورغم ذلك، فقد تمكّنوا مرة أخرى من تسجيل فوز غال تحقق بعد حمام بارد• وقد صنع مطمور الهدف الوحيد للجزائر بفتحة نحو العمق استقبلها صايفي بطريقة رائعة وأودع الكرة الشباك ليحرر الملايين من المتتبعين• وكان بإمكان ''الخضر'' تعزيز رصيدهم من الأهداف، لكن اللمسة الأخيرة خانت جبور ثم معوضه غزال، غيلاس ومغني وغرقت كل المدن الجزائرية في احتفالات صاخبة والكل يمني النفس بعودة الجزائر لمصاف النخبة العالمية• سعدان يفتح النار على الفيفا بقدر ما حافظ المدرب سعدان على هدوئه وطلباته المتكررة للجماهير بأن لا يغتروا لكون ''الخضر'' لم يحسموا تأهلهم بعد بقدر ما ''هاج'' على الفيفا بعد نهاية أصعب مواجهة في التصفيات ضد زامبيا بالبليدة، لكونها لم تراع وضعية لاعبي المنتخب وهم في رمضان وفرضت عليهم اللعب بعد 3 ساعات من الإفطار•• وهذا حسب ذات المتحدث أمر غير معقول••• كأس العالم تزور الجزائر في عز التهافت على المونديال زارت التحفة الذهبية أو مجسّم كأس العالم الجزائر يوم 30 سبتمبر ولاقت ترحابا كبيرا، كيف لا وهي الحلم الذي رسمه النحّات الإيطالي الشهير، سيلفيو غازانيغا، والتي ستبقى هدف كل المنتخبات العالمية حتى مونديال 2038 لكونها لن تستبدل حتى ينتهي المكان المخصص لنقش أسماء المنتخبات المتوجة• رواندا والحكم الغيني لم يثنيا عزيمة ''الخضر'' بعد 3 انتصارات متتالية لم يكن أمام ''الخضر'' أي خيار آخر سوى الفوز في آخر مواجهة رسمية بقواعدهم أمام رواندا في مقابلة يمكن وصفها بالمجنونة، نظرا لتصرفات الفريق الزائر الذي كان يضيع الوقت رغم تخلفه في النتيجة• وما زاد الطين بلة هو الحكم الغيني الكارثي الذي حرم الجزائر من هدفين لا غبار عليهما، لتنتهي المواجهة بفوز (3 - 1) مما يعني تقدم الجزائر على مصر بفارق هدفين لتزداد الوضعية شراسة• 16 أكتوبر بلاتير يوضح كيفية التأهل كثرت التحليلات بعد الجولة الخامسة وصار الكل منشغلا بمواجهة الجزائر في مصر• وقد أطل رئيس الفيفا السويسري جوزيف بلاتير يوم 16 أكتوبر ليقطع قول كل خطيب ويؤكد أن فوز مصر بفارق هدفين يعني اللجوء لمباراة فاصلة بملعب محايد وبعد 4 أيام فقط وأكثر من ذلك يعني تأهل مصر، أما أقل من ذلك أو أي تعادل أو فوز للجزائر يعني مرور ''الخضر''• الكاف يرفض أوروبا بعد خرجة الاتحاد الدولي كان لابد للاتحاد الإفريقي أن يدلي هو الآخر بدلوه، ففي خضم التخمينات عن البلد الذي سيحتضن مواجهة السد بين الجزائر ومصر أكدت الكاف يوم 25 أكتوبر الماضي أنه سيلعب في إفريقيا، تاركة حرية الاختيار لاتحادتي البلدين بأن يقترح كل منهما 3 دول والقرعة هي من سيحدد الأرض المحايدة• أشبال سعدان في بلاد الطليان مع اقتراب الموعد المصيري للمواجهة الحاسمة، ازداد الخفقان عند الجميع وقد ارتأى سعدان أن ينقل تربص ''الخضر'' لمركز كوفير تشيانو'' بفلورنس الإيطالية وهو أحسن مركز تحضير في العالم وقد تربص فيه ''الخضر'' من 8 إلى 12 نوفمبر بقرار رئاسي لكون سعدان كان يريد إعادة سيناريو الذهاب والتحضير بجنوب فرنسا• لكن تدخل الطبقة السياسية من الجزائريين أقنعوا رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني على ترك هذا المركز للخضر تأكيدا على متانة العلاقات الجزائرية – الإيطالية.