إشاعة استقالتي هدفها زرع الغموض وإرادتي أستمدها من ثقة بوتفليقة في هذا الحوار، الأول من نوعه للصحافة المكتوبة، منذ تعيينه في منصب المدير العام للأمن الوطني، في جويلية الماضي، كشف اللواء عبد الغني هامل في لقائه مع "الشروق"، أن خلفيات ترويج إشاعات مغرضة بشأن استقالته، هدفها بث الغموض والبلبلة، مؤكدا أن هذه الدعايات لن تؤثر بأي حال من الأحوال، في عزمه وإرادته في أن يكون الأمن الوطني جهازا في خدمة الأمة . * * وأكد الجنرال هامل، أن إرادته يستمدها من الثقة التي وضعها فيه رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، عبد العزيز بوتفليقة، وأبرز المدير العام للأمن الوطني، أنه وجد لدى تسليمه مهامه، رجالا متطوعين وملتزمين في حاجة الى دعم وتوجيه. * وإلى جانب القانون الأساسي للشرطة، الذي وقعه الوزير الأول بعد موافقة رئيس الجمهورية، وسيدخل حيز التنفيذ قريبا، شدّد هامل على أنه أطلق عدة ورشات من خلال تنصيب لجان عمل، هدفها إصلاح ظروف العمل وإعادة النظر في حقوق وواجبات أعوان وضباط الأمن، معلنا أن يستحيل في الوقت الراهن تأسيس نقابة للشرطة، خاصة بعد توقيع القانون الأساسي. * وقال اللواء هامل في حواره الحصري ل "الشروق": حاسبوني على الحاضر والمستقبل. * * ماهي وخلفيات إشاعة الاستقالة التي سبق وأن نفيتموها وماهو الهدف من مثل هذه الدعايات المغرضة؟ * هي نوع من الإشاعة والتضليل، هدفها بث الغموض، لكن هذه الإشاعات والدعايات المغرضة لن تؤثر في عزمي وإرادتي في جعل الأمن الوطني جهاز أمن في خدمة الأمة. * إن إرادتي أستمدهما من ثقة فخامة رئيس الجمهورية في شخصي الذي اختارني للقيام بهذا الواجب الوطني والمهني، ولذلك سوف لن أدخر جهدا في أن أكون خادما للمواطنين بدون تمييز، وأغتنم هذه المناسبة لأعمل دون هوادة من أجل ضمان السلم والأمن للجميع، إني اعتبر خدمة وطني وبلدي من المبادئ والمثل العليا التي نستلهمها من مبادئ ثورة نوفمبر 54 وقداسة الشهداء الأبرار، وفي الختام أقول لقوى الشر التي تسعى إلى زعزعة الاستقرار وبث الغموض: "إن إرادتي والتزامي من أجل مصلحة الأمن الوطني لن تؤثر فيها مثل هذه الدعايات المغرضة. * ما هو تقييمكم للوضعية التي وجدتم عليها جهاز الشرطة عشية توليكم هذا المنصب الهام؟ * لقد وجدت رجالا متطوعين وملتزمين في حاجة إلى دعم وتوجيه، لقد قرأت في وجوه كل واحد منهم هذه العبارة: "إن دولة القانون هي حماية وخدمة المواطن"، ومن هذه الإرادة والالتزام والتضحية التي توسمتها في أغلب عناصر وإطارات الزمن الوطني استمددت القوة والالتزام والإصرار على بعث وإطلاق عدة مشاريع، أذكر على سبيل المثال لا الحصر القانون الأساسي للأمن الوطني الذي تمت المصاقة عليه مؤخرا. * أين وصل مسار الإصلاح في الجهاز؟ وماهي محاوره الكبرى والعراقيل التي اعترضتكم ؟ * هي ليست مشاكل أو عراقيل، وإنما عمليات ضبط وإصلاح كان يجب إجراؤها، غير أن مشروع القانون الأساسي لموظفي جهاز الأمن الوطني يشكل خصوصية وميزة، لأنه كان يمثل انشغالا لكل سلك الشرطة. * غير أنه يمكن الإشارة إلى أن المحاور الكبرى للجهود التي التزمت بها عشية تنصيبي على رأس المديرية العامة للأمن الوطني تتلخص في إطلاق عدة ورشات في نفس الوقت من خلال تنصيب عدة لجان عمل منها: * - الاستغلال في تحسين ظروف معيشة أفراد الشرطة مع بداية شهر رمضان المعظم خلال الصيف الماضي. * - اقتراح شكل جديد لتنظيم وتسيير المديرية العامة للأمن الوطني وهياكلها الإدارية والعملياتية، تحسبا لتطور القوى البشرية ووصولها إلى 173ألف عون وظهور أشكال جديدة للإجرام غريبة عن مجتمعنا. * - توصيف جديد لمفهوم "الدعم" داخل الأمن الوطني. * - إعادة بعث المهام العملياتية المرتبطة بالأمن العمومي عبر مراجعة توزيع الوحدات وحركة محدودة منجزة على رأس أمن الولايات وأمن الدوائر. * وهنا أريد التأكيد على أن المبادئ والمقاييس المعتمدة في الحركة الأخيرة للإطارات تركزت على الكفاءة والالتزام والاستقامة والنتائج المحققة. كما أنني وأنا أدرس الملفات أعطيت أهمية كبيرة لضرورة تشبيب الهياكل البشرية وقيمة كبيرة للشهادات. * بالتوازي فإنني أوجه جهودي في اتجاه العمل الميداني، ومكافحة الإجرام وعصرنة هياكل الشرطة عبر تمكينها من مناهج عمل حديثة وإنشاء للتجهيزات الملائمة التي سيكون المواطن أول المستفيدين منها، إلى جانب كل هذا فإنني أسهر على المزيد من تحسين الشروط الاجتماعية والمهنية. * ما جديد القانون الأساسي لأعوان الأمن والمنتسبين للسلك، وما التفاصيل الجديدة التي حملها للقطاع؟ * لقد خصّصنا جريدة "الشروق" الموقرة بمحاور وتفاصيل القانون الأساسي للأمن الوطني، وسيطلع عليها القارئ وخاصة أعوان وضباط وإطارات الأمن ليتعرفوا على الإضافات الجديدة التي جاء بها هذا القانون لصالح القطاع. * أما بالنسبة لنظام التعويضات، فمن المفترض أن يأخذ طريقه للتنفيذ إبتداء من الشهر القادم وبأثر رجعي؛ لقد اعتمدنا سياسة ضمان الحقوق وتحسين ظروف المعيشة لجميع موظفي سلك الأمن الوطني، لتأتي بعدها مرحلة التقييم والحساب ومعاقبة كل من يخل بالتزاماته أو يرتكب تجاوزات خلال أداء مهمته. * ماذا أعددتم لتطوير الوضعية الاجتماعية والمهنية لأعوان الجهاز، وما جديد برنامج السكن بالقطاع؟ * هذا الجانب يحتل مكانة أساسية في المؤسسة وأنا حريص على دعمه، فالشرطيون وأسرهم سيمكنون من حقوقهم، في إطار من المساواة، فالمساعدة الطبية والاجتماعية الجارية مضمونة لجميع الأعوان والإطارات وأسرهم على كامل التراب الوطني، وأشير إلى أن الإجراءات العملية في المجال الاجتماعي مست العديد من الواجب كما هو الشأن بالنسبة للتذكير بمبادىء التماسك داخل عائلة الشرطة. * إمضاء اتفاقيات مع الخطوط الجوية الجزائرية، والمؤسسة الوطنية للنقل البحري للمسافرين، الشركة الوطنية للسكك الحديدية وشركات النقل البري للمسافرين لتخفيض قيمة التذاكر للشرطيين وأسرهم، وفي القريب العاجل، نحضر لإمضاء اتفاقية مع الشركة الجزائرية للتأمين. إعادة بعث مشروع إنجاز مستشفى خاص بالأمن الوطني. * أما فيما يتعلق بسياسة السكن للمديرية العامة للأمن الوطني، فإنني أشير إلى الفارق الكبير بين محتوى الحظيرة وبين عدد العاملين الذي يقارب ال170 ألف عون، وعليه فإنني أفكر كثيرا في الحلول التي تمكننا من القضاء على هذا الفارق أو تقليصه على الأقل، هذا يتطلب وقتا، فالجميع يعرف مدة الإنجاز في مجال البناء، لكننا أطلقنا خطوات باتجاه السلطات العمومية من أجل بعث المشاريع التي عرفت تأخير في الإنجاز، وتمس 25 ولاية. * هل يمكن الحديث عن حملة لمحاربة "الفساد" داخل الجهاز أم الأمر لا يتعدى بعض التصرفات الطفيلية التي من السهل محاصرتها؟ * في مجال توصيف الجريمة المنظمة، فإن هذه الأخيرة تعني أيضا الجرائم المهددة للحدود، وعليه فإن المديرية العامة للأمن الوطني تعمل على وضع برامج وسياسة لمكافحة الرشوة، وتبييض الأموال وكل أشكال النشاطات الاقتصادية والتجارية غير الشرعية التي تساهم بشكل كبير ومباشر في إضعاف القطاعات الإنتاجية الشرعية سواء كانت عمومية أو خاصة. * هل يمكن في عهدكم تأسيس نقابة للشرطة، أم أن القضية تبدو مستحيلة؟ * هذه الفكرة ليست مطروحة أساسا في الوقت الحالي، ولنترك شرطتنا تفرح بمكانب قانونها الأساسي الذي صودق عليها مؤخرا. * ملف المفصولين من الجهاز، هل يمكن إعادة الاعتبار لهم وكيف؟ * حاسبوني على الحاضر والمستقبل، لكنني أبقى منشغلا بهذا الموضوع، وفي الوقت المناسب سأنشىء لجنة تدرسه وستكون مشكلة من إطارات تتميز بالاستقامة والنزاهة ومنشغلة بالجوانب الإنسانية. * يقولون عنكم أنكم تريدون "عسكرة" الشرطة، أي تطبيق النظام العسكري المحض على سلك الشرطة؟ * لا يمكن ذلك، للشرطة نظامها الخاص وللدرك أو الجيش نظامهما الخاص أيضا، أنا لا أسعى إلى عسكرة الشرطة كما يزعمون أو يتوهمون، لكن هناك حقيقة ساطعة ومبادئ عالمية ثابتة.. فمثلا الانضباط والنظام والصرامة والهيبة مبادئ وقواعد تسيير وسلوك ليست خاصة بالجيش فقط، وإنما سائدة في أغلب المؤسسات الاقتصادية والإدارية الناجحة في العالم، ولذلك فعندما أريد أن يسود الانضباط والنظام والصرامة سلك الأمن الوطني، فلا يعني ذلك أبدا أنني أريد "عسكرة" هذا الجهاز، وبقدر ما أرفض هذه "العسكرة" فكذلك أرفض "الفوضى والتسيّب والإهمال والتجاوزات". * هل لديكم مخطط للاختبارات النفسية للمترشحين للجهاز، وكيف تتعاملون مع الانهيارات النفسية المتولدة عن عشرية الإرهاب؟ * في كل هيكل من هياكل الشرطة يوجد طبيب نفساني يتكفل بتقديم الدعم النفسي للشرطيين وأسرهم، وهذا الجانب يمس أيضا تقديم الدعم لأبنائهم الذين يعانون مشاكل في مدارسهم، وفي مجال علم النفس فإن التوجيه المدرسي والمهني عامل مهم في تحديد خيار الفرد منذ الصغر، ولهذا فإن الاستعانة بعلم النفس في مرحلة التوظيف شيء ضروري جدا ومستعمل في كل المؤسسات العصرية، أما ما تعلّق بالتكفل بضحايا الإرهاب البشع، فإن المديرية العامة للأمن الوطني تعطي أهمية خاصة للموضوع عبر المصلحة المركزية للنشاط الاجتماعي والرياضي. * بالنسبة لمحاربة اللصوصية والجريمة المنظمة والاعتداءات اليومية على المواطنين بالسلاح الأبيض في الأسواق والتجمعات السكانية.. هل من إجراءات أكثر نجاعة؟ * مكافحة الجريمة الصغيرة والاعتداءات على الأشخاص والممتلكات تشكل جانبا مهما في عمل الوحدات، وفي اتجاه تنشيط هذا الجانب أعدنا توزيع عناصر الشرطة في الأحياء، وهي الحركة التي ستستمر وستشهد تصاعدا في وتيرتها. * وفي هذا الإطار فإن المثال الأكثر وضوحا هو تعبئة الوحدات، واحتلال الميدان في الأسابيع الأخيرة من ديسمبر 2010، إن ذلك يترجم مفهوم "الشرطة الجوارية" في معناه الحقيقي. وهذا ما سيلاحظه المواطن في المستقبل. * كيف تتعاملون مع التكوين داخل الجهاز ونظام الترقيات وكذلك نظام العقوبات والإحالة على المحاكم؟ * قبل أن يلتحق بالحياة العملية؛ الشرطي مجبر على المرور بالمدرسة، حيث يتعلّم الأسس المعتمدة في وظيفة الشرطي، حيث يمكن من الوسائل الضرورية لأداء مهني جيّد، ولهذا فإن المحاور الأساسية في برنامج التكوين تدور حول: * - احترام الحرية الفردية للمواطن. * - مبدأ الخدمة العمومية. * - مهمة ضمان الأمن العمومي داخل الجماعة. * - الواجب نحو الوطن. * - ضمان أمن الأشخاص وسلامة ممتلكاتهم. * - تطبيق قوانين وأنظمة الجمهورية. * - واجب تقديم المساعدة والدعم للأشخاص. * ومن أجل ضمان تعليم جيّد لهذه المبادئ الأساسية، فإن المديرية العامة للأمن الوطني، وبالإضافة إلى اعتماد مناهج بيداغوجية متطورة، تسهر على الرفع من مستوى الشرطيين باستمرار عبر التكوين المتواصل، والقرارات المتخذة في هذا المجال هي: * - تمديد مدة التكوين التي ستصل في المستقبل إلى 24 شهرا. * - المستوى الأدنى المطلوب هو النهائي بالنسبة لأعوان الأمن العمومي، وشهادة الليسانس بالنسبة للضباط. * - التدرج في الرتب والمسؤوليات مرهون بتربصات رفع الكفاءة أو التحضير لمناصب القيادة التي تجري على مستوى المدرسة لمدة 6 أشهر. * أما فيما يتعلق بنظام العقوبات، فإن المرجعية تبقى القانون الخاص وقانون أخلاقيات المهنة. * وأما ما يرتبط بالمتابعات العقابية، فإن مرتكبي المخالفات الخطيرة والتجاوزات ليس لهم مكان في جهاز الشرطة، لأن الشرطي عليه أن يتنازل عن مصالحه الشخصية لصالح المصالح العليا للدولة، وفي هذا الاتجاه فإنني سأواجه بحزم كل أشكال الابتزاز. * وفي المقابل فإنني سأسهر على حماية الشرطي الذي يقع ضحية للاحتقار أو التطاول أو العنف أثناء أدائه لمهامه. * عن ذكر التجاوزات، يشكو الكثير من الموقوفين في مراكز الشرطة من تجاوزات بعض أعوان الأمن، مثل الإهانات والضرب والشتم وغيرها .. * نعم، توجد بعض هذه التجاوزات كما أشرتم، وسنحاربها في إطار القانون، لقد أضفنا مادة خاصة في برنامج تكوين الشرطة، يخص حقوق الموقوفين وحقوق الإنسان بصفة عامة، بل إن هذه الحقوق ستعلق في كل مراكز الشرطة، حتى يطلع عليها الجميع وحتى نفضي على جميع التجاوزات وهي حقوق واضحة ومحددة في قانون الإجراءات الجزائية في المواد 51 و52 و53 من قانون الإجراءات الجزائية . * وبعدما نحارب التجاوزات داخل مراكز الشرطة، فإننا لا نقبل كذلك الإعتداءات أو التجاوزات ضد أعوان الأمن الذين يسهرون على سلامة وأمن المواطن، ذلك أن الموقوفين في أغلبهم هم مرتكبو جرائم أو جنح وبالتالي فإن التساهل معهم يؤدي إلى كوارث أخرى. * هل صحيح أن هناك نية للتقليل من ساعات العمل وتخفيض سن التقاعد في جهاز الشرطة؟ * سن التقاعد محدد في قانون الوظيف العمومي، الشرطيون ملزمون به، أما ما يخصّ تخفيض ساعات العمل، فإن الشرطي مدعو إلى العمل في الليل كما في النهار، أما العمل في ساعات خارج الأوقات والحدود القانونية فيعوض براحة في أوقات معادلة.