العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51065 شهيدا و116505 مصابا    وقفة احتجاجية الأربعاء المقبل أمام البرلمان الأوروبي للمطالبة بإطلاق سراح الأسرى المدنيين الصحراويين في السجون المغربية    استثمار اجتماعي: سوناطراك توقع عدة اتفاقيات تمويل ورعاية    وهران : الطبعة الأولى للمهرجان الوطني "ربيع وهران" من 1 الى 3 مايو المقبل    إرهابيان يُسلّمان نفسيهما للسلطات العسكرية    توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني    بلمهدي يعرض مشروع قانون الأوقاف    الأمم المتحدة: 500 ألف فلسطيني نزحوا من منازلهم بغزة منذ منتصف مارس الماضي    اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه    مزيان يُشرف على تكريم صحفيين    وزارة التربية تلتقي ممثّلي نقابات موظفي القطاع    والي العاصمة يستعجل معالجة النقاط السوداء    منارات علمية في وجه الاستعمار الغاشم    معارك التغيير الحضاري الإيجابي في تواصل    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    سوناطراك توقّع مذكرتين بهيوستن    اجتماع بين زيتوني ورزيق    بن سبعيني يمنح برشلونة رقما استثنائيا    نرغب في تعزيز الشراكة مع الجزائر    تراث الجزائر.. من منظور بلجيكي    مؤامرة.. وقضية مُفبركة    تواصل هبوب الرياح القوية على عدة ولايات من البلاد    الجزائر قامت ب "خطوات معتبرة" في مجال مكافحة الجرائم المالية    الوزير الأول, السيد نذير العرباوي, ترأس, اجتماعا للحكومة    نثمن عاليا هذه المبادرة التي "تجسدت بعد أن كانت مجرد فكرة    في اختتام الطبعة ال1 لأيام "سيرتا للفيلم القصير    توقع نموا ب2 % للطلب العالمي سنتي 2025و2026    فرنسا تعيش في دوامة ولم تجد اتجاهها السليم    التكنولوجيات الرقمية في خدمة التنمية والشّمول المالي    "صنع في الجزائر" دعامة لترقية الصادرات خارج المحروقات    الجزائر تنتهج آليات متعدّدة لمجابهة الاتجار بالبشر    الطبخ الجزائري يأسر عشاق التذوّق    استبدال 7 كلم من قنوات الغاز بعدة أحياء    اجتماعات تنسيقية لمتابعة المشاريع التنموية    عين تموشنت تختار ممثليها في برلمان الطفل    "خطأ شكلي" يحيل أساتذة التربية البدنية على البطالة    الرياضة الجوارية من اهتمامات السلطات العليا في البلاد    آيت نوري ضمن تشكيلة الأسبوع للدوريات الخمسة الكبرى    السوداني محمود إسماعيل لإدارة مباراة شباب قسنطينة ونهضة بركان    الألعاب المتوسطية 2026: تارانتو تحتضن غدا الخميس ندوة دولية لتسليط الضوء على التحضيرات الخاصة بالنسخة العشرين    نافذة ثقافية جديدة للإبداع    بومرداس تعيد الاعتبار لمرافقها الثقافية    مشكلات في الواقع الراهن للنظرية بعد الكولونيالية    أيام من حياة المناضل موريس أودان    سوناطراك: حشيشي يعقد اجتماعات مع كبرى الشركات الأمريكية بهيوستن    صناعة صيدلانية : قويدري يتباحث مع السفير الكوبي حول فرص تعزيز التعاون الثنائي    صادي يؤّكد ضرورة تفعيل الرياضات المدرسية والجامعية    توقيع 8 اتّفاقيات بين الجزائر والصين    كأس الجزائر : "سوسطارة" بشق الأنفس, وتضرب موعدا في النهائي مع ش بلوزداد    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    فتح رحلات الحجّ عبر الأنترنت    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وضعية مزرية وأزمة السكن والبطالة السببان الرئيسيان في وفاة عبد الحفيظ
"الشروق "في بيت الضحية الذي أحرق نفسه بولاية البرج
نشر في الشروق اليومي يوم 30 - 01 - 2011


الضحية عبد الحفيظ
الوالد: "ابني ربي يرحمو .. ونحن نتبرأ من أن تستغل بعض الأطراف قضيته"
الوالدة: "عبد الحفيظ ربي يرحمو مات بسبب السكن ومال الدنيا ما يعوضنيش عليه"
اتجهنا صبيحة الأحد حوالي الساعة التاسعة والنصف إلى بلدية مجانة الواقعة على بعد 12 كلم من عاصمة ولاية برج بوعريريج ، مكان الحادث المريع الذي شهدته المنطقة ليلة الجمعة إلى السبت والذي راح ضحيته الشاب عبد الحفيظ بودشيشة ، المولود بتاريخ 04 جويلية 1985 بعد تأثره بالحروق البالغة ، التي أصابته بعد إقدامه على إضرام النار في جسده ليفارق الحياة صبيحة يوم الجمعة ، وكانت جنازته عصر نفس اليوم في جو مهيب وحضرها جمع غفير من معارف العائلة وشباب المنطقة الذين تأثروا كثيرا لهذا الحادث المؤلم.


* والدة الضحية: "عبد لحفيظ تناول العشاء وشاهد حصة الفتوى وخرج بشكل عادي"
* طرقنا باب المنزل المستأجر الذي تقطنه عائلة الضحية والذي كان بجانبه جمع غفير من أفراد العائلة الذين كانوا يجلسون في صمت رهيب ، وسط صدمة قوية حيث فتح الباب طفل صغير لم يتعد سنه 05 سنوات ، وحين سألناه إذا كان هو مكان الجنازة أخبرنا بكل براءة "هذي هي الدار وخويا الحفيظ هو لي مات لبارح" ، ليقاطعه شخص في الأربعينات من عمره وهو عم الضحية الذي أدخلنا المنزل واستدعى والدة عبد الحفيظ التي لم تنقطع عن البكاء منذ سماع هذا النبأ المفجع ورحبت بنا رفقة أفراد العائلة بالرغم من الصدمة الكبيرة التي لمسناها في وجوه الجميع, وأخبرتنا أن ابنها كما يدعونه في البيت "الحفيظ" لم يكن يعاني شيئا ويوم الحادث توجه إلى قرية المشرع التي ولد فيها ويتواجد بها بيت أعمامه وجدته كما إلتقى أصدقاءه ، وكان حديثه عادي جدا ومساءا دخل البيت أين تناول وجبة العشاء رفقة إخوته وشاهد برنامج فتاوى الجمعة على القناة الجزائرية ثم خرج ولم يقل أي شيء يدل على قلقه أو نيته في القيام بأي شيء, وتضيف كان وجهه مصفرا طيلة اليوم لكن لم أستطع سؤاله على السبب بالرغم من أن جميعنا مهموم من مشكل السكن الذي عانوا منه على مدار سنوات وكذا من ويلات الإيجار الذي يقدر ب 5 ألاف دينار منذ أكثر من 07 سنوات..وتضيف الوالدة " أني لم أتوقع من ابني هذا الأمر لأنه لم يصدر منه أي تصرف منذ كان صغيرا فهو يحب الناس ويحب فعل الخير إلى درجة عمله قبل أيام ليلا ونهارا من أجل شراء بدلة عرس لأحد أصدقائه رغم فقرهم المدقع .
*
* الوالد مرزاق:" هذا مكتوب ربي ..ونؤكد أنه لا علاقة لنا بعواقب هذا الحادث"
* كم كانت كبيرة الصدمة التي وقعت بالعائلة وبالخصوص على والد عبد الحفيظ السيد مرزاق ، الذي قال بنبرات حزينة "ابني ربي يرحمو, صحيح أننا نعاني فقرا مدقعا فأنا مسؤول على عائلة مكونة من 09 أفراد أكبرهم ياسين ابن ال 29 عام الذي تعرض إلى حادث عمل في إحدى ورشات البناء ، وفقد التحكم في كل أطرافه السفلية بعدما عانى الأمرين في مستشفى العاصمة ، الذي مكث فيه لمدة عامين كاملين ما جعله من المستحيل الإعتماد عليه لإعانتي على كسب القوت و المرحوم عبد الحفيظ الذي يصغره بسنة الذي كان متذمرا طيلة حياته من الوضعية المزرية التي نعيشها جراء انعدام السكن والبطالة التي نعانيها, وكذا أختهم المطلقة بطفل, وشقيقها الذي كان يحلم بنيل شهادة الباكالوريا لكنه رسب بمعدل 9.85 ولم يتم قبوله لإعادة السنة بالثانوية ولإرادته القوية كان يشتغل كبائع في أحد المحلات من أجل تسديد ثمن الدروس الخصوصية بعد مزاولته الدراسة بالمراسلة ، وأصغرهم أيوب صاحب الخمس سنوات.." ويضيف غاضبا "عائلتنا تتبرأ من كل فوضى أو احتجاج ينظم بالمنطقة من قبل بعض الأطراف التي ستجعل ابننا حجة للتخريب والنهب..فابني رحمه الله اختار حرق نفسه على أن يحرق ممتلكات أخرى" كما أخبرنا بأن بعض الأشخاص تقدموا إليه صبيحة أمس ووعدوم بالأخذ بثأر ابنه بتنظيم احتجاجات بالبلدية لكنه رفض الفكرة وحذرهم من جعل وفاة ابنه حجة لتسوية أغراض أخرى.
*
* عبد الحفيظ قبل موته "موت الفقير أحسن من حياته وادعوا الله يغفر لي خطئي"
* بأصوات مليئة بالحزن والغضب في نفس الوقت ، تحدث معنا بعض أفراد عائلة بودشيشة بعد محاولتنا الحديث مع شقيقه ياسين الذي يكبره بسنة والتي حالت الدموع المنهمرة من عينه ، دون الحديث سوى كلمة "أخي مات بسبب اليأس وكان حديثه الشاغل قبل أيام عن مشكل السكن كما أخبرني بعض أصدقائه أنه قصد الدائرة من أجل ايجاد حل لهذا المشكل لكن طلب ملاقاة المسؤول كان مرفوضا" ليضيف باكيا "والله ما نسمحلهم..والله مانسمح لمن تسبب في موت أخي عند ربي".
* فيما أخبرنا ابن خالته عبد المالك أنه كان رفقة عبد الحفيظ منذ لحظة وصوله إلى المستشفى وتنقل معه إلى قسنطينة ، وحين سأله عن فعلته أخبره أنه قام بإشعال النار في نفسه لإنه سئم الحياة وأخبره أن السكن هو السبب وحياته أحسن من موته".
* وقال لهم قبل دخوله في غيبوبة "أعلم أني أخطأت مع نفسي ومع الله فأدعوه يغفر لي لأن هذا الشيء كان فوق يدي" ، كما أن الضحية علق خلال أحداث مصر أن مماتهم أحسن من عيشهم في هذا المفقر المدقع ، وأخبرتنا خالته أنه كان حنونا ويحب الخير للناس كما أن والدته كانت تعمل "الكسكس" للناس وتخيط اللحافات خفية عليه وحين كان يسألها تخبره أنها للبيت ، وأخبرنا عمه الأكبر أن المرحوم كان يحوز على شهادة نجارة وكان يحلم بفتح محل وبسبب عدم قدرة والده على شراء الألات تقدم بطلبين للحصول عل قرض لكنه لم يتحصل على أي دعم ، ليضيف أبناء أعمامه أن قلوبهم مليئة بالحسرة لكلام الناس الذي لا يرحم بعد أن تداولت الأخبار حول محاولته الانتحار من أجل حصوله على مسكن وأخرون يثرثرون بأقوال تفيد أن الوالي قدم لهم ظرف بريدي به مبلغ مئتي مليون سنتيم ، وهو لا يحمل سوى تعزية قدمها الوالي كعزاء لهم ، كما تقدم والد عبد الحفيظ و كل العائلة بشكرهم إلى السلطات الولائية وبالخصوص الوالي الذي قام بالواجب وساندهم معنويا منذ وقوع الحادث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.