إبراهيم قارعلي لم يستطع مجلس الأمن الدولي، سوى أن يوقف المعركة التي اندلعت بين جنود حزب الله في الجنوب اللبناني وعساكر جيش الاحتلال الإسرائيلي، فالحرب سوف تتواصل مادام مجلس الأمن يرفض أن يتوصل إلى حل نهائي وجذري لهذه الحرب، بل إن مثل هذه الحرب لا يمكنها أن توقف هكذا بقرار أممي مادام هذا المجلس ينتصر في كل مرة للكيان الصهيوني! وبالطبع، لا يمكننا أن ننتظر المعجزة من مجلس الأمن ما دامت واشنطن لا ترى فيه سوى ملحقة في وزارة شؤونها الخارجية! بل إن المعجزة قد صنعتها المقاومة اللبنانية من خلال جنود حزب الله في الجنوب وهم ينتصرون على الجيش الذي يزعم أنه لا يقهر! لم تكن معركة الكرامة الثانية التي قادها حزب الله، سوى معركة في حرب طويلة الأمد بين العرب وإسرائيل، ومادام الصراع العربي الإسرائيلي يقوم على جدلية الاحتلال والمقاومة، فإن السلم لا يمكنه أن يعم الشرق الأوسط، وهل يستطيع مجلس الأمن بعدما تحوّل إلى مجلس للحرب أن يقرر السلم. لقد أثبتت إسرائيل أكثر من مرة أنها ترفض التعايش السلمي مع العرب، وكانت في كل مرة تشعل الحروب بين جيرانها بحجة الدفاع الشرعي عن النفس! وهي الحجة التي تجعل قوات الاحتلال الإسرائيلي في كل مرة تقترف المزيد من الجرائم البشعة، خاصة في حق الفلسطينيين واللبنانيين. إن القضية الحقيقية هي قضية احتلال بالدرجة الأولى، وبالتالي، فإن الوجود الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط غير طبيعي، حيث أخذ منذ البداية طابعا استيطانيا، ولم يكتف جيش الاحتلال الإسرائيلي باحتلال فلسطين وإنما أخذ يتوسع نحو مصر وسوريا ولبنان والأردن، وذلك من أجل تحقيق حلم إسرائيل الكبرى. هذه هي المعادلة الحقيقية في الشرق الأوسط، وإذا كان مجلس الأمن يغمض عينيه عن هذه الحقيقة ويغض الطرف عن الجرائم الإسرائيلية في المنطقة، فإن الحرب تبقى مفتوحة بين العرب والكيان الصهيوني حتى يزول الاحتلال. وبالتالي، فإن العرب المتخاذلين الذين يزعمون أن حزب الله قد قام بمغامرة غير محسوبة العواقب، يكونون قد أخطأوا في حساباتهم حين يعتقدون أو يتوهمون إمكانية تحقيق السلم، بل أن الأمين العام لجامعة الدول العربية قد اعترف بأن عملية السلام قد ماتت! وما دام يستحيل السلم لن تبقى غير الحرب، وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها الاحتلال. .. إن توقيف المعركة لا يعني توقيف الحرب، وبالتأكيد، فإن المحاربين حين يأخذون قسطا من الاستراحة سوف يعودون إلى المعارك من جديد، وهل يوقف الاحتلال غير المقاومة؟!..