* وبّخنا الولاة المتماطلين وآخرون اشتكوا من مضايقات وضغوطات * اجتماع لولاة الجمهورية قريبا للنظر في عدة ملفات* ليس هناك مساجد أو مصلين تحت الرقابة الأمنية والممنوعات العشرة مازالت سارية على بلحاج * تدخلت شخصيا لدى قائد أركان الجيش لتخفيف العقوبات على " متمرّدي " الحرس البلدي والباتريوت * حوارفي هذا الحوار المفتوح، يتطرّق وزير الداخلية والجماعات المحلية، إلى عدة ملفات وقضايا، ويوضح عديد الاستفسارات، ويميط دحو ولد قابلية، في لقائه مع "الشروق" بمقرّ وزارته، اللثام عن تساؤلات تتعلق بالإصلاحات التي أعلنها رئيس الجمهورية في خطابه الأخير، خاصة ما تعلق منها بتعديل الدستور وقوانين الانتخابات والأحزاب والجمعيات. * وتقرأون في هذا الحوار، السير نحو خوصصة بعض مرافق الإدارة دون المساس بسرية الوثائق والملفات، وتوبيخ ولاة متماطلين، فيما قال الوزير أن آخرين اشتكوا من مضايقات، معلنا عن اجتماع لولاة الجمهورية قريبا، نافيا وجود مساجد أو مصلين تحت الرقابة الأمنية، مع تأكيده بأن الممنوعات العشر مازالت سارية على علي بلحاج واستبعاد عودة الفيس. * وقال ولد قابلية أنه رغم رفع حالة الطوارئ، لن يتم حاليا تخفيف حواجز التفتيش والمراقبة، معلنا أن الاستجابة لمطالب الباتريوت مستحيلة، قائلا أنه تدخل شخصيا لدى قائد اركان الجيش لتخفيف العقوبات على "متمرّدي" الحرس البلدي والباتريوت. * وأكد الوزير أن الداخلية لا تعترف بتصحيحية الأفلان، ولا أية حركة تصحيحية اخرى، وأن مراجعة المادة المتعلقة بالعهدة الرئاسية واردة ضمن تعديل الدستور، فيما تبقى مشاورات الاصلاحات مفتوحة لشخصيات مثل مهري وآيت احمد، وأن اعتماد أحزاب جديدة بيد رئيس الجمهورية، ملاحظا أن النظام في الجزائر خضع للتغيير عدة مرات منذ الاستقلال. * وقال دحو أن محاربة الفساد والرشوة لن تستثني لا الوزير ولا المدير ولا المير، وأن مسؤولية "مقاطعة" المحليات والتشريعيات مشتركة، وأن إشراك الأحزاب والشخصيات في المشاورات يتجاوز الداخلية، مبرزا أن القوائم الانتخابية تخضع لضوابط مغشوشة تقتضي محاربة منطق "الشكارة" و"البڤارة"، مشيرا إلى تلقي شكاوى تتعلق بالسطو على أموال أحزاب وإرادة مناضلين، وقال أن المشككين لن يرضوا بنتائج الانتخابات حتى لو تم تفويضها للأمم المتحدة، وأن الجزائر متمسكة بمطلب إعتراف فرنسا بجرائمها الإستعمارية. * * * الشروق: تبين من خطاب الرئيس بوتفليقة أن أغلبية ورشات الإصلاح تقع على عاتق وزارة الداخلية، ما هي الإجراءات العملية لتطبيق الإصلاح؟ * ولد قابلية: في البداية مرحبا بكم في مقر وزارة الداخلية، الإصلاحات المعلنة من قبل الرئيس، تأتي لمواصلة الورشات التي أطلقت في وقت سابق، ويتعلق الأمر بمجموعة من القوانين المتعلقة بالحكامة السياسية، يتقدمها الدستور الذي يعتبر القانون الأساسي لكل القوانين ومرجعيتها، بالإضافة إلى قانون البلدية المصادق عليه مؤخرا، وقانون الولاية الجاهز، وقانون الانتخابات وقانوني الأحزاب والجمعيات، والنص المتعلق بتمثيل المرأة في المجالس المنتخبة وقانون الإعلام والكثير من التعديلات التي ستدرج في قانون العقوبات لرفع التجريم على أعمال التسيير والعمل الصحفي، ونحن كهيئة مهمتنا التحضير والإعداد للنصوص التمهيدية والقاعدية التي ستحول بعد ذلك للاستشارة أو التنقيح والتعديل، وهنا أريد أن أؤكد أن الداخلية ليس من صلاحياتها إشراك أو إقصاء أي جهة، لأن مهمتها إدارية تقنية محضة. * * * لهذه الأسباب أطلقتم أفواج عمل خاصة بوزارتكم؟ * ** فعلا، كونا أفواج عمل داخل الوزارة، كون الإقلاع يجب أن يكون من محطة تقييم وتمحيص النصوص الحالية للوقوف على نقائصها، والنظر في مطابقتها وتجاوبها مع التطور الحاصل، لتصحيح اعوجاجها لجعلها تتجاوب، مع المؤشرات الإيجابية المتوفرة في المجتمع حاليا، من هذا المنطلق ستتكفل الداخلية بالتنسيق مع مسؤولين محليين كمديرية التنظيم العام، التي تربطها علاقة مباشرة بالجمعيات، في وضع مشاريع النصوص القاعدية، كما سنعتمد على آراء خبراء من قضاة ومختصين وأكاديميين وأساتذة جامعيين، وذلك للموازنة بين عمل الإدارة والرأي الأكاديمي العلمي لإثراء نصوصنا التي ستكون جاهزة لمناقشتها على مستويات أخرى. * * * وماذا عن إشراك الأحزاب والشخصيات في الإصلاحات؟ * ** أجدد أن قرار إشراك الأحزاب والشخصيات الوطنية قرار يتجاوز الداخلية، والحكومة ستبت لاحقا في كيفيات مناقشة هذه النصوص وإثرائها والأخذ بآراء ومقترحات الأحزاب سواء بتسلم مقترحاتها، أو عرض النص عبر قنوات أخرى للتقييم والنقد والتنقيح، على أن يتم إدماج المقترحات قبل تحويل مشروع النص على الحكومة ومجلس الوزراء وينتهي في البرلمان الذي سيكون سيدا في ضبط النص النهائي. * * * ما هي الملفات التي تحمل طابع الأولوية، ضمن ترسانة قوانين الإصلاح؟ * ** قانونا الانتخابات والأحزاب، على خلفية التوقيت الذي يملي ضرورة الفراغ من القانونين بالتوازي، حتى يكون بإمكان الإدارة والتشكيلات السياسية الاستناد عليهما كمرجعية لتأطير المواعيد الانتخابية القادمة، كالتشريعيات المرتقبة في ربيع 2012 على اعتبار دور النصين للفصل في مصير بعض التشكيلات السياسية، رغم أن الإصلاح لن يقتصر على الأفق السياسي والقوانين التي تؤطر الحياة السياسية، بل سيتعداه الى إصلاح أساليب التسيير كمحاربة الفساد والبيروقراطية وإطلاق مشاورات للتسريع من وتيرة تحقيق التنمية المحلية، دون إغفال ضرورة إحياء وإنعاش المؤسسات الاقتصادية، التي تفرض علينا إعادة النظر في قانون الاستثمارات. * * * ما هي نقائص قانون الانتخابات الحالي الذي أطر الاستحقاقات السابقة؟ * ** قانون الانتخابات يتضمن شقين: الأول إداري محض، يخص تحضير العملية الإنتخابية كتطهير القوائم الإنتخابة وكل ما له علاقة بالعملية، أما الشق الثاني فيتعلق بكيفيات الترشح داخل الأحزاب، وهنا نعتقد ويشاطرنا الرأي الكثير أن شروط الترشح وكيف تضبط القوائم على مستوى الأحزاب، ناقصة جدا وليست في المستوى المطلوب. * * * إذن ضعف المجالس المحلية سببها قانون الانتخابات؟ * **.. ما قلته ينعكس على الضعف المسجل في تسيير المجالس المحلية وينتج مجالس غير فاعلة، والعنصر الثاني محل الانتقاد يتعلق بنمط الاقتراع، ومعلوم أن الجزائر تعتمد نمط القائمة النسبية، غير أنه هناك من يطالب بنمط القائمة النسبية المطلقة أو الاقتراع بتحديد الأشخاص أو الأسماء، كما هناك من يعيب على القانون الحالي حرمان الأحزاب التي تحصل على أقل من 7 بالمائة من التمثيل داخل المجالس المحلية، كما تحرم من حصل على ؟؟؟؟؟؟؟ نسبة 5 بالمائة التمثيل داخل المجلس الشعبي، وهناك من ينتقد المادة 109 التي تحدد شروط اعتماد القوائم الحرة والتي ينظر إليها العديد على أنها عرقلة للقوائم الحرة لصالح الأحزاب، خاصة في مواسم الهجرة التي تشهدها الأحزاب كلما اقتربت المواعيد الإنتخابية. * * * هل نفهم بأن قانون الانتخابات يكيل بمكيالين؟ * ** رغم أننا نفضل أن يكون أغلب المترشحين مهيكلين ضمن أحزاب وأصحاب برامج وإيديولوجيات واضحة، غير أنه يجب الاعتراف هنا أن القوائم الحرة تعتبر دواء لداء، العديد من الأحزاب التي تمارس التضييق على مناضليها وتخضع عمليات الترشح لحسابات ضيقة. * * * هل سيتم تحديد شروط واضحة تحكم الترشح للمجالس المحلية؟ * ** هناك شروط معمول بها في الوقت الراهن، غير أنها ناقصة وغامضة، وهنا أجدني ملزما، بإثارة قضية التنافي التي ستكون في قانون عضوي خاص، وسيكون هذا النص جدارا كفيلا بقطع الطريق أمام هيمنة أصحاب المال على السياسة، فقد تلقينا شكاوى كثيرة تنتقد هيمنة المال على السياسة، كما توجد شكاوى تخص شراء رجال المال، للترتيب ضمن قوائم الترشيحات، والشكاوى بلغت أقصاها في انتخابات مجلس الأمة مؤخرا، على اعتبار أن العملية الإنتخابية كانت أضيق، والمفاوضات كانت أكبر. * * * تقصدون دور "الشكارة" وتورط "البڤارة" في شراء رؤوس القوائم؟ * ** قضية رأس القائمة أصبحت فضيحة في بعض الحالات، فأنا أعتقد أن كيفية ضبط القوائم، وضرورة أن يذهب المقعد لرأس القائمة مصادرة صريحة لرأي المنتخب، لأنها تعد بمثابة تعيين مسبق للشخص المتربع على رأس القائمة، وتعطي صلاحية للأحزاب، وتنزع حق المنتخب في تعيين ممثله، وذلك لا علاقة له بالعمل الديمقراطي.. يجب الحديث عن المعايير التي تعتمدها الأحزاب، عند الفصل في رأس قوائمها والتي لا تراعي أبدا الكفاءة والقدرة على التسيير بقدر ما تنظر الى شعبية الفرد والقدرة على حصد أكبر عدد من الأصوات بالاستثمار في ذلك الشخص الذي يجر القائمة، والكلمة في هذه النقطة سيتم الفصل فيها مستقبلا، لأن أسلوب ضبط القوائم يخضع لأساليب مغشوشة. * * * هل من إجراءات عملية لمحاربة هذا النوع من الفساد؟ * ** الإدارة لا تمتلك دلائل تجعلنا نحاسب عملية البيع والشراء في رؤوس القوائم، خاصة أن العملية التفاوضية تتم في إطار ضيق جدا وبطريقة سرية. * * * دائما في إطار الإصلاح، ماذا عن تعديل الدستور، وهل ستسقط التعديلات المادة المتعلقة بتحديد العهدات الرئاسية؟ * ** بالنسبة للدستور، الأمر سيكون مختلفا عن النصوص التشريعية الأخرى، ولن نستطيع الجزم بما سيتضمنه، لأن تعديل الدستور سيكون مفتوحا أمام كل الاقتراحات التي يجب أن تشارك فيها كل الأطراف بداية من مصالح الإدارة مرورا بالأحزاب وصولا الى المجتمع المدني، على أن توجه هذه الاقتراحات الى شخص رئيس الجمهورية على اعتبار أنه المخول دستوريا بمراجعة الدستور واستخراج عصارة هذه الإقتراحات، وضبط نص يعدل الدستور الحالي، وقد يحول الى البرلمان، كما قد يعرض للإستفتاء الشعبي، حسب قرار الرئيس. * ..بالنسبة للمادة المتعلقة بتحديد العهدة الرئاسية فتجدني مضطرا لأن استند على تصريح الرئيس بوتفليقة، الذي قال أن التعديل سيكون جذريا وبإشراك كل الفعاليات، فلا أستبعد أن تصب بعض المقترحات في خانة تعديل هذه المادة، وكل شيء وارد بحسب فريق العمل. * * * لا يعاب على نص الدستور روحه بقدر ما يعاب عليه عدم تطبيقه ميدانيا، كيف ستضمن مراجعة الدستور تطبيقه واحترامه؟ * ** فعلا، الدستور ظل طريقه الى التطبيق الميداني، اعتقد أن كل الحريات مكفولة دستوريا من المادة 30 الى المادة 50، غير أن التطبيق عرف حواجز منها ما فرضته أسباب سياسية وأخرى بيروقراطية بالإضافة الى العامل الأمني والعمل بمرسوم حالة الطوارئ. * * * ومن يتحمل مسؤولية عدم تطبيق الدستور وعدم احترامه؟ * ** الجميع، ولا أحد، في نفس الوقت.. فالمسؤولية تشاركية والواقع التنظيمي يملي أشياء أخرى، والواقع الميداني قد يفرض التعامل معه بمعطيات خاصة. * * * وماذا عن مسؤولية النظام السياسي الجزائري الفاقد للهوية؟ * ** فعلا النظام السياسي يتحمل جزءا من المسؤولية، غير أنني استغرب القراءات القائلة أن النظام في الجزائر لم يتغير منذ الاستقلال، فالمعايش للنظام يقف على حقيقة مفادها أن النظام تغير عدة مرات منذ 62، حتى وإن كانت هناك أوجه للتشابه بين نظام حكم بن بلة وبومدين والشاذلي وبوضياف وزروال وبوتفليقة، غير أنني أجد كل نظام مختلف عن الآخر، وأذهب أبعد من ذلك لأقول أن مسؤولية ما نعيشه اليوم في تحديد النظام، حدث في الفصل الذي عشناه في 62 إثر ما حدث بين الحكومة المؤقتة والمكتب السياسي، إذ عندما تأتي جماعة تقوم بكل ما في وسعها لمنع الجماعة من العودة الى السياسة، فالأمر يصبح واضحا إلى حد ما. * * * إذا ترفضون الطرح المطالب بالتغيير، والذي يرى أن النظام لم يتغير منذ الاستقلال؟ * ** هؤلاء يقصدون النظام الحالي.. وهنا يجب أن نفرق بين زمان وظروف كل نظام، ففترة ما بعد الاستقلال فضلت الحزب الواحد خيارا ولو أنه كانت يومها طروحات كطروحات فرحات عباس وبن خدّة، تقول نعم للحزب الواحد، لكن لا يجب أن تتجاوز الأربع سنوات، وذلك لتحقيق الاستقرار والعدالة الاجتماعية، كما أن الجزائر مرت بعشرية صعبة حتمت عليها التعامل بحذر لاسترجاع الإستقرار الأمني والحفاظ عليه، ولو كان ثمن ذلك نوعا من الغلق السياسي، غير أن مؤشرات الإستقرار والأمن تملي تعاملا جديدا، وأنا متأكد أن الجزائريين لا يريدون ديمقراطية على شاكلة ديمقراطية فرنسا أو أنجلترا، لأنها تهدد المجتمع الجزائري، والمهم بالنسبة لنا أننا نمشي بخطى ثابتة نحو الديمقراطية التي تراعي خصوصيتنا وتميزنا عن الآخر. * * * تنوون إشراك شخصيات سياسية كمهري وآيت أحمد في الإصلاحات؟ * ** ليس من صلاحيات الداخلية مشاورة هؤلاء الشخصيات، لأن خطابهم كان موجها لرئيس الجمهورية، لأنه مصدر السلطة، والأكيد أن مشاركتهم مضمونة، وهنا استغرب من يقول بأن الإصلاح يجب أن يكون من خارج هياكل الدولة، في حين أن الإصلاح يجب أن يكون بهياكل الدولة، وكافة فعاليات المجتمع، من أحزاب سياسية وشخصيات وطنية وبطريقة حضارية وسلمية، وفي حال كان هناك اختلاف في الآراء يتم الاحتكام لرأي الشعب من خلال استفتاء شعبي. * * * الرئيس قال لا مجال للتلاعب باستقرار وأمن البلد، ماذا عن المسيرات السبتية؟ * ** المسيرات السبتية والاحتجاجات السياسية، أثبتت فشلها، ولو أن هدفها أصبح مفضوحا، لأنها لا تعدو سوى مناورات استعراضية واستفزازية، فرغم التسهيلات المقترحة عليهم لتنظيم تجمعات داخل القاعات، والذهاب للتلفزيون لشرح طروحاتهم، غير أننا نجد كل من علي يحيى عبد النور وسعيد سعدي يرفضان التلفزيون لمخاطبة الجزائريين.. * ..أقول أن هدف هؤلاء، هو محاولة تحريك أي جهة يمكن تحريكها لإثارة الفوضى والفتن، وأؤكد أن منع المسيرات في العاصمة يدخل ضمن التحذيرات التي أطلقها الرئيس بخصوص عدم التلاعب بأمن واستقرار البلاد. * * * هل تعتقدون أن الإصلاح سيسقط شبهة التزوير على الإدارة والداخلية تحديدا؟ * ** هؤلاء لن يتنازلوا عن هذه الذريعة مهما كان الأمر، ولو تعلق الأمر حتى بتفويض العملية الإنتخابية لهيئة الأممالمتحدة، فكل من خسر لا يجد من حجة أحسن من الطعن في شفافية العملية الإنتخابية ومشروعيتها، فهناك من يحصل على 1 بالمائة، في مقابل رئيس أو حزب أو طرف آخر انتزع أزيد من 70 بالمائة، هنا كل الطعون الممكنة، لن ترجع لزاعم التزوير حقه المزعوم، وفي ظل هذه الشكاوى والحديث عن التزوير نجد هؤلاء يرفضون حضور مراقبيهم في مختلف محطات العملية الإنتخابية. * * * وماذا عن الخارطة السياسية بعد 22 سنة عن ميلاد التعددية؟ * ** أحصت الجزائر عند ميلاد التعددية 57 حزبا، وبعد فترة تلاشت العديد من الأحزاب، ذلك لأن بعضها أسست حتى تكون ملكية شخصية لأصحابها، وليس فضاء للنضال، ولم تسجل مؤسسين، بل كان لها مؤسس واحد، واليوم نعدّ بصفة رسمية 28 حزبا سياسيا، غالبيتها أحزاب موسمية، حضورها يقتصر على المحليات دون التشريعيات. * .. غير أن السبب الرئيسي في عجز الأحزاب عن لعب أدوارها يكمن في قانون الأحزاب، ذلك لأنه كان يحتوي على ثغرات، منها القانون الداخلي الذي تستعمله الأحزاب التي تغرق في المشاكل لحماية نفسها، فمنها ما يسير بزعيم أبدي، وتكفر بالتداول، وهناك أحزاب برأسين، ومنها ما انشطر وهناك ما لجأ الى العدالة للفصل في قضاياها الداخلية، الأمر الذي أفقد الأحزاب ثقة المواطن، كما أثر حتى على المواعيد الإنتخابية، كون اللجوء للعدالة هو مرادف للمناورات وعدم شفافية تسيير الأحزاب لشؤونها الداخلية. * * * كم وصل عدد طلبات الاعتماد المودعة؟ وكيف ستتعاملون معها؟ * ** إلى اليوم، أحصينا 42 طلبا، منها ما مازال أصحابها في مستوى رحلة البحث عن مناضلين، غير أن الإشكال المطروح متعلق بطلبات التشكيلات التي تسجل حضورا إعلاميا، إذ راسلتنا هذه الأحزاب للاستفسار عن حظوظها للمشاركة في تشريعيات 2012، وحولت استفساراتهم، على الحكومة للنظر في آجال وكيفيات اعتمادها، وهل يتعلق الأمر بضرورة صدور النص الجديد، أم قبل ذلك، ونترقب قرار الحكومة قريبا، حتى وإن كانت هذه الأحزاب ملفاتها كاملة، والأمر يحتاج الى قرار سياسي فقط. * * * هل بين أصحاب المودعين، مسبوقون سياسيا أو قياديون من الفيس المحل؟ * ** لا تتضمن الطلبات التي تسلمناها أي اسم محسوب على الفيس المحل، وملف هذا الأخير لم يعد أبدا قضية بالنسبة لنا بعد ما قالت العدالة كلمتها، لأنه لم يعد كيانا سياسيا أصلا، والحديث عن رغبة بعض الوجوه التي كانت تنشط ضمن الحزب المحل، لم يعد سوى تصريحات موجهة للإستهلاك الإعلامي، ولا أساس له من الصحة، فلا بن عائشة ولا مدني مزراق أودع طلبا رسميا. * * * على ذكر هؤلاء، ميثاق السلم يمنع العمل السياسي على المتسببين في الأزمة الوطنية، ما محل هذا الإستناد في قانون الانتخابات الجديد؟ * ** قانون الأحزاب يستند على المادة 42 من الدستور، التي تمنع تأسيس حزب على أساس عرقي ديني أو جهوي، وميثاق السلم يحظر العمل السياسي على كل متورط في العشرية السوداء، وعلى هذا الأساس، ستشكل هذه المادة أساس التعديلات التي ستدرج على قانون الأحزاب وكيفيات اعتمادها، وقانون الأحزاب لن يتجاهل ميثاق السلم والمصالحة. * * * هناك أحزاب تعيش على صراعات داخلية، ما مدى صلاحيات الداخلية في فض نزاعات الأجنحة؟ * ** صلاحيات الداخلية تنتهي عند المصادقة على تقارير المؤتمر أو الجمعية، وفي حال الوقوف على خروقات نرفض شرعية المؤتمر ولا نعتمد نتائجه، ونزاعاتهم الداخلية لا شأن لنا بها، والعدالة هي الوجهة الوحيدة أمامهم. * * * الأفلان تسجل حركة تصحيحية تدعى حركة التقويم والتأصيل، وحمس خرج من ضلعها حركة التغيير، كيف تتعامل الداخلية مع نشاطات هؤلاء "المتمردين" على أحزابهم والداعين الى التغيير؟ * ** الداخلية لا تعترف بالحركات التصحيحية، ولا تتعامل مع حركة التقويم داخل الأفلان، كما لا نعترف بحركة التغيير بالنسبة لحمس، لأنهما يبقيان كيانين مجهولين ونشاطتهما غير مرخص لها قانونا. * * * هل هناك محاولات من "التصحيحيين" لكسب الداخلية في صفهم؟ * ** الداخلية حيادية وستبقى كذلك، حتى لو كانت محاولات الاستمالة هذه. * * * هل استلمتم شكاوى رسمية من بعض قياديي الآفلان بخصوص تشكيلة اللجنة المركزية المنبثقة عن آخر مؤتمر للحزب على خلفية ضمها لمسبوقين قضائيا؟ * ** لم نتلق أية طعون بالنسبة لتشكيلة اللجنة المركزية للأفلان، ويجب الإشارة الى أنه في الترشيح لهياكل الأحزاب هناك لجنة خاصة للتحري في هويات بعض مناضليها، وأحيانا تطلب الأحزاب مساعدة أجهزة الأمن ونوفر لها المساعدة، وسبق وتلقينا طلبات من الأفلان وغيرها للتحري في هوية بعض مناضليها ووفرنا المعلومات التي طلبوها. * * * اتهامات تلاحق أحيانا قياديي بعض الأحزاب، مضمونها السطو على أموال الحزب وأحيانا إرادة المناضلين، هل هناك شكاوى؟ * ** نعم، غير أن ذلك لا يدخل ضمن صلاحيات وزارة الداخلية للتحقيق، لأن مؤتمرات الأحزاب هي الفضاء المعني بمناقشة التقارير الأدبية والمالية، التي تبرر مداخيل الحزب ونفقاته. * * * هل اشتبهتم يوما في تمويل جهات أجنبية خارجية لبعض الأحزاب؟ * ** القانون واضح، ويمنع تمويل الأحزاب الوطنية من أطراف خارجية والحديث عن تمويلات بهذا الشكل يبقى حديثا دون أدلة. * * * كيف ستكون معالم قانون الأحزاب الجديد؟ * ** سيتطرق قانون الأحزاب الجديد الى ضبط، التفاصيل المتعلقة بمدى تمثيل هذه التشكيلات على المستوى الوطني وكذا تشكيلته الداخلية وهوية مناضليه وهوية الحزب وايديولوجيته وطابعه، وكيفيات اعتماد الأحزاب، وحالات منع الترخيص بالعمل السياسي، وتحديد علاقة الأحزاب بالإدارة ومناضليه والناخب. * * * ما هي الشروط التي ستؤطر الحياة الجمعوية مستقبلا؟ * ** نحصي 800 جمعية، لكل منها طابعها الخاص يتباين بين النشاط الثقافي والإنساني وهناك نحو 70 ألفا من جمعيات تنشط في مجالها وتخدم المجتمع، غير أن الإشكال المطروح في قانون الجمعيات الحالي يبقى مرتبطا بالمؤسسات مثل مؤسسة الأمير عبد القادر وغيرها، والتي تعتبر مبنية على أسس خاصة، منها رصد رأسمال خاص أو مصادر تمويل ثابتة توضع لخدمة هذه المؤسسة وتبقى موكلة بتحقيق أهدافها، وهذه النقطة ستكون مفصلة ضمن قانون الجمعيات الجديد. * * * ما صحة المعلومات القائلة بإخضاع جمعيات لتحقيقات أمنية؟ * ** كثيرة جدا هي الجمعيات التي خضعت للتحقيقات، آخرها التحقيقات الأمنية التي شملت الهلال الأحمر الجزائري، غير أنني أعلن أننا أمرنا بإعتماد جمعيات جديدة، قبل صدور نصها الجديد، وإن كانت كل الجمعيات الموجودة ملزمة بتجديد طلب اعتمادها. * * * وقد تكون بعض الأحزاب ملزمة بإعادة تكييف نفسها؟ * ** نعم، قد يكون ذلك. * * * من يتحمل مسؤولية مقاطعة الانتخابات؟ * ** اعتقد أن الإدارة عملت كل ما في وسعها لتسهيل العملية الإنتخابية، من خلال فتح مكاتب الانتخابات وإقامة صناديق متنقلة، وقد يكون مرد المقاطعة، عدم إكتراث المواطن بالعملية الإنتخابية بسبب برامج الأحزاب وعدم قدرة التشكيلات على إقناع المواطن. * ..أشير بهذا الصدد، الى ان ظاهرة العزوف الانتخابي ليست حكرا على الجزائر فقط، بل هناك العديد من الدول ومنها المصنفة في خانة الديمقراطية، تعرف نفس العزوف. * * * ما هي الإجراءات الجديدة لمواجهة تنامي الفساد والرشوة الذي أصبح واقعا؟ * ** الفضل في فضح الفساد والرشوة يعود للدولة ولأجهزتها، دون أي جهة أخرى، هذا الحرص والتخوف من الفساد جعلنا نخنق أنفسنا ومحاربة الفساد هي مهمة الشعب الجزائري. * ..وهنا أطلق نداء لكل جزائري طلبت منه رشوة، بالتبليغ ونصب فخ لكل من تسول له نفسه الإقدام على ذلك مهما كانت درجة المسؤولية، وأبلغ الجميع أن القضاء يكفل له عدم استدعائه للشهادة أو لأي إجراء آخر، لأن جهود الدولة دون تعاون المواطن على مختلف شرائحه تحول دون تحقيق هدف استئصال الفساد والرشوة. * * * وكيف سيكون الإصلاح الإداري؟ * ** لقد بدأنا بإصلاح الإدارة باعتماد 50 إجراء خاصا بتخفيف الوثائق الإدارية ومحاربة البيروقراطة.. ومع ذلك هناك عدم توازن في عدد الموظفين ومستخدمي الإدارة والمواطنين، خاصة في بعض المناطق. * * * أي هناك نقص في التغطية؟ * ** هناك نقص.. خاصة على مستوى البلديات، حيث 70 بالمائة من مستخدميها من أصحاب التوظيف المؤقت، علما اننا وجدنا صعوبات في حلحلة ملف التوظيف والأنظمة الادارية والقوانين الأساسية ونظام التعويضات، تكلف الخزينة العمومية باهظا. * * * يعني يستحيل توظيف كل الأعوان بصفة دائمة؟ * ** سنوظفهم تدريجيا، لكننا لا نستطيع الاستجابة لأقصى حد، علما أن هناك بعض الدول تسير نحو خيار تقليص الموظفين. * * * هل هناك خيارات اخرى؟ * ** هناك خيار الإعلام الآلي، وخيارات اخرى تتعلق بإقحام الخواص في تسيير بعض المرافق، مع الحفاظ على سرية الوثائق الرسمية. * * * هل هناك إمكانية لخوصصة بعض المرافق الإدارية؟ * ** القانون الجديد يسمح بذلك، باستثناء الملفات والوثائق الرسمية.. وبالنسبة للجزائر مازالت بعض الثغرات. * * * ما هي الإجراءات التي بالإمكان اتخاذها لإنهاء الاحتجاجات بالبلديات، حتى لا تتعطل مصالح المواطنين وماذا عن القانون الأساسي؟ * ** في الإضراب الأخير لعمال البلديات، ماعدا ولايتين تسيطر عليها نقابات تابعة لنقابة السناباب، حيث بلغت نسبة الإضراب 70 بالمائة، لم تتجاوز النسبة في الولايات الأخرى 3 او 4 أو 5 في المائة فقط. * ..أريد القول أن الكثير من الاحتجاجات لا علاقة لها بالمطالب المشروعة، فالقانون العام للوظيفة العمومية درس كل التفاصيل لتسوية الانشغالات المشروعة. * * * متى سيصدر أول جواز سفر بيومتري؟ * ** في الفاتح جويلية كأقصى تقدير. * * * قدمتم أرقاما حول الهويات المزورة، من يتحمل مسؤولية تزوير الوثائق الرسمية، خاصة بطاقات التعريف، ورخص السياقة والبطاقات الرمادية؟ * ** نوعية البطاقات أحد أسباب التزوير، والوسائل التقليدية تساعد على ذلك. * * * وما هو الحل لتأمين هذه البطاقات وضمان سلامتها؟ * ** الحل في البطاقات البيومترية، نظرا للتقنيات التي بإمكانها تقليص التزوير. * * * كل القطاعات تقريبا احتجت، ما هي قراءة وزارة الداخلية؟ * **أحيانا هي موضة.. للمحتجين مشاكلهم يخرجون للشارع لتحقيق انشغالاتهم. * * * تؤكدون وجود مشاكل؟ * ** نعم.. هناك مشاكل ومتاعب يتعرض لها المواطنون وسنحلها تدريجيا. * * * الشكاوى متواصلة رغم تعليمة الوزير الأول للولاة من اجل استقبال النواب، وتعليمتكم انتم لاستقبال المواطنين؟ * ** طلبنا من الولاة إشراك النواب في القرارات، المشكل الآن على مستوى الولايات هو التبليغ والاتصال. * الوالي مطالب بعدم الاستعلاء على النائب، لكن عليه أن يرافقه ويشركه في القرارات والإجراءات التي تعود بالفائدة على المنطقة والمواطنين. * * * وماذا عن علاقة الإدارة بالمواطن؟ * ** طلبنا فتح مكاتب استقبال يشرف عليها حكماء وسيدات لهم الصبر الكافي والحكمة والرزانة للاستماع الى انشغالات وتظلمات المواطنين. * أما في ما يتعلق بتظلّم هام، فعلى المواطن تبليغ الوالي مباشرة وإرسال نسخة من التظلم الى مصالح وزارة الداخلية للإطلاع والتدخل عندما يقتضي الأمر. * ..شخصيا تصلني العديد من الشكاوى يوميا، تتعلق بمشاكل وانشغالات لمواطنين وتجار ومستثمرين. * * * هل تفصلون في هذه القضايا؟ * ** نفصل في بعضها، من خلال مراسلة الوالي ومطالبته بالأجوبة ومحتوى الردود المرتبطة بالمشكلة أو الشكوى، ونتصل بعدها بصاحب الشكوى ونسلمه نسخة من العريضة الموجهة إلى الوالي. * * * لكن هناك ولاة متهمين بغلق الأبواب وعدم حل مشاكل المواطن؟ * ** كيف يمكن للوالي ان يستقبل كل المواطنين دفعة واحدة، وفي نفس اليوم، بولاية معينة، ولذلك طلبنا منهم تخصيص يومين لاستقبال المواطنين، ورفع وتيرة الاستقبالات. * * * هل هناك توبيخات لولاة تماطلوا في حل مشاكل المواطنين؟ * ** وبخنا بعض الولاة وسنعود الى هذه القضية في الاجتماع المرتقب معهم قريبا. * * * وماذا عن هذا الاجتماع؟ * ** هناك اجتماع وطني تقييمي لولاة الجمهورية ال 48، سيحدد تاريخه لاحقا، للنظر في عدد من الملفات والقضايا، تخص النظر في رفع وتيرة التنمية المحلية. * * * هل اتصل ولاة بوزير الداخلية يطلبون تدخله لتعرضهم لمضايقات أميار أو مستثمرين أو جماعات ضغط أو نافذين؟ * ** نعم هناك شكاوى من بعض الولاة. * * * هل اشتكوا من مضايقات بارونات، أم من ماذا؟ * ** ليست مضايقات، لكن طلب تدخلات. * * * هل تم حل هذه المشاكل؟ * ** نعم تم حلها، لكن هذا لا يعني أننا دائما مع الوالي أو لصالح المشتكي، نتخذ القرار المناسب بعد النظر في القضية بإسهاب. * * * أليس نشر كاميرات أمنية عبر الشوارع هو مساس بالحريات الفردية والشخصية؟ * ** لا نستطيع أن نقول بأن البريطانيين تنازلوا عن حقوقهم الفردية والشخصية، وبالتالي فإن هذه الكاميرات لا يمكنها انتهاك الحريات التي تبقى محفوظة ومضمونة، والأمر يتعلق بمراقبة الفضاء العمومي فقط. * * * هل يتعلق الأمر بمحاربة الإرهاب والإجرام واللصوصية؟ * ** يتعلق تحديدا بمراقبة صيرورة حركة المرور، كما بإمكانها رصد عمليات سطو، والإطلاع على ما يجري عبر الشوارع لمعالجة مشكل صغير. * * * هل تخضعون المساجد للمراقبة الأمنية؟ * ** أبدا.. ليس هناك مساجد تحت المراقبة الأمنية. * * * وماذا عن التقارير المتعلقة بوضعية المساجد؟ * ** التقارير لا تخص وضعية المساجد من الداخل، فهذه المهمة من صلاحيات وزارة الشؤون الدينية، وما يتعلق بدور الأئمة، ودور مصالح الأمن ليس ما يجري داخل المساجد. * * * وهل هناك مراقبة لبعض المصلين؟ * ** المصلون لا يخضعون للمراقبة الأمنية، بما في ذلك المساجد المعروفة بارتياد "الاسلامويين".