وجه بوعلام بن حمودة الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني تحديا لرئيس الجمهورية بأن ينظم "انتخابات نظيفة ونزيهة بدلا من الجري وراء تعديل الدستور، الذي لا يخدم إلا شخصه في الوقت الحالي"، حيث قال إن "تعديل الدستور ليس من مطالب المناضلين ولا العمال ولا الفلاحين"، بل المستعجل في رأيه هي "هموم الجزائريين التي تنتظر من يتكفل بها مثل المشاكل الاقتصادية والأمنية"، كما قال بن حمودة إنه مع "نظام رئاسي يتحمل فيه الرئيس تبعات منصبه وليس النظام الذي يكرس عبادة الشخصية ويحل البرلمان ويشرع بالأوامر". غنية قمراوي بن حمودة استعمل لهجة جد حادة للإشارة إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة دون ذكره بالاسم في محاضرة عن "السلطة والمواطنة" ألقاها أمس ببومرداس أمام طلبة الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، والتي تزامنت مع الذكرى المزدوجة ل 20 أوت. ولم يكن الرئيس كشخص ومؤسسة هو الوحيد الذي نال قسطا وافرا من هجوم الأمين العام السابق للأفالان بل ألحق به كل من الأحزاب السياسية والجمعيات ومؤسسات الدولة حيث قال "لا يقبل أن تتحول الزوايا والجمعيات والمنظمات والأندية الرياضية إلى أحزاب سياسية بمناسبة كل موعد انتخابي". وحين تحدث بن حمودة عن تعديل الدستور الذي لن يخص، حسب ما هو متداول، إلا البنود المتعلقة بتمديد العهدة الرئاسية، قال الأمين العام السابق للأفلان إن حزبه لا يوافق على نشر ذهنية عبادة الشخصية وبالتالي يرى أن تكون العهدة الرئاسية من سبع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، تكون السنة الأولى منها للتعرف على أمور البلاد، تليها 5 سنوات جرت العادة لتخصيصها لمخطط التنمية لتأتي بعدها سنة إضافية تخصص لتدارك النقائص والأخطاء، وهذه حسبه، مدة كافية لممارسة السلطة الرئاسية، فنتيجة ضغوطها تضعف الصحة الفكرية والجسدية وينفد الصبر ومنها يتولد الحكم الذاتي وتنشأ عبادة الشخصية، مما يعني بكلام بن حمودة أن عهدة ثالثة للرئيس بوتفليقة لن تجني وراءها الجزائر شيئا بل العكس تماما. علما أن فكرته في الإصلاح والتغيير لا بد أن تبدأ من القاعدة، من قانوني البلدية والولاية الذي" تخافه السلطة" لتصل إلى الدستور هرم التشريع، من هنا لا تظهر أولوية تغييره. أما عن التحالف الرئاسي فقال بن حمودة إنه مجرد تحالف انتخابي لا فائدة منه سوى الاجتماع عشية المصادقة على المشاريع، معتبرا أن الأحزاب السياسية في الجزائر أحزاب صورية نشاطها محدود لا تتصل قيادتها بقواعدها إلا نادرا، كما أن معالجتها للقضايا ليست جوهرية، مع أن المفروض أن تكون هذه الأخيرة المؤطر والقاعدة للتمثيل الحقيقي للشعب في المجالس المنتخبة. ولم يسلم البرلمان هو الآخر من نقد لاذع وصفه فيه "بمجلس التطبيل"، حيث قال "هل رأيتم في بلد ما برلمانا يصدر لائحة بتغيير الدستور؟؟؟"، منتقدا طريقة عمله وعدم تمثيله الفعلي للشعب. كما اعتبر مرور جلسات المجالس المنتخبة بمقاعد شاغرة شيئا خطيرا جدا يقضي على التمثيل الحقيقي للشعب، وينزع المصداقية عن المشاريع التي تنتج عنها. ولأجل تدارك الهوة بين الشعب والمؤسسات اقترح أن تنشأ هيئات تمثيلية للشعب على مستويات أدنى من البلدية تسمى لجان الأحياء والقرى. وتحدث أيضا بالأدلة على ممارسة الإدارة للتزوير في الانتخابات بمستوى متقدم بل وذكر بعض التقنيات المستعملة في ذلك، وقال إن تزوير الانتخابات والرشوة هما أكبر آفتين تصيبان مؤسسات الدولة، وعليه لا بد أن تظل هاتان الجريمتان مصنفتين إلى الأبد لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطالهما التقادم، وتظلان ملفات مفتوحة يطلّع عليها الجميع. ومع أن بن حمودة تحدث في كل الأمور التي تتعلق بالسلطة والمواطنة، وهو موضوع كتاب صدر له مؤخرا، إلا أنه تحدث من منظور الأكاديمي المتخصص في القانون ولم يسقط الأفعال على حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان السباق على الساحة في خلق " آفات سياسية" أصبحت فيما بعد نموذجا للأحزاب التي أنتجتها التعددية السياسية في الجزائر، لكنه اعترف ردا على سؤال "الشروق اليومي" أن حزبه "كان السباق في خلط المفاهيم السياسية وقال إنه يناضل من أجل التصحيح داخل الحزب والدليل أفكاره التي تتناقض كليا مع بعض ممارساته".