بانطلاق امتحان شهادة البكالوريا اليوم الذي انتظره ملايين الجزائريين، من المترشحين وعائلاتهم، تكون ساعة الحسم قد دقت حيث يُكرم المرء الممتحن أو يُهان، وبقدر ما جهزت الدولة الطائرات ومصالح الأمن والمطافئ وميزانية تكفي لتسيير دولة لأجل أن يجري هذا الامتحان المقدس بالنسبة للجزائريين، تم إعلان حالة الطوارئ لمنع عمليات الغش الذكية التي ظهرت في الامتحانات في الأيام الأخيرة بالخصوص. * فقد كشفت مصادر جامعية بباتنة عن دخول تقنيات جديدة وعصرية في الغش خلال الامتحانات الدراسية وحتى في مسابقات التوظيف المختلفة، من الصعب كشفها جراء انتشار سماعات صغيرة الحجم تم استيرادها من الخارج، على غرار نوع جديد من الكيتمان الإلكتروني الصغير الذي يُدسّ في الأذن دون إمكانية ملاحظته لحجمه شبه المجهري، ما يمكّن الممتحن من التقاط الإجابة من خلال اتصالات من الهاتف النقال يتولى وسطاء نقلها بعد حصولهم على الأسئلة من طلبة أنهوا اختباراتهم. * فيما يلجأ في غالب الأحيان إلى استخدام بعض مواقع التخاطب المباشر عبر الإنترنت بعد ملاحظة امتلاء بعض مقاهي الانترنت المقابلة للمراكز الجامعية عن آخرها أثناء فترة الاختبارات، وانتشار عدد كبير من الوسطاء القارئين للأجوبة النموذجية بصوت عال، وفي حين كشف شبان مطلعون على خبايا هذا العالم الجديد أن تأجير هذه الكيتمانات صغيرة الحجم يتم مقابل 1000 و2000 دج للساعة الواحدة، أكدت مجموعة من الأساتذة الذين يتولون الحراسة أن لديهم معلومات حول لجوء الطلبة الممتحنين إلى هذه الطريقة المبتكرة بعد استيراد مجموعة من رجال الأعمال لهذا النوع الجديد من الأدوات، إضافة إلى أدوات أخرى للتنصت عالية الحساسية على شكل أقلام وساعات أو حوامل مفاتيح ما يجعل أمر الحراسة ومكافحة الغش معقدا للغاية، وأكد أستاذ أن الحراس صاروا يلجؤون إلى استخدام نظام البلوتوث المثبت في هواتفهم النقالة لكشف ذبذبات اتصالية داخل المدرجات الجامعية المخصصة للامتحانات دون التمكن من تحديد نقطة تواجدها بدقة. * * جامعة عنابة تعلن حالة الطوارئ والغشاشون صاروا عباقرة * اضطرت إدارة جامعة عنابة إلى تسليط عقوبات قاسية في حق العشرات من الطلبة والطالبات، تم ضبطهم في حالة غش في امتحانات السداسي الأخير، من العام الجاري، سيما بكليات العلوم القانونية والإدارية، والاقتصاد والآداب واللغات الأجنبية، وحتى بمعاهد الصيدلة والطب، وتزايدت حالات الغش باستعمال التقنيات المتطورة، كالبلوتوث الذي تلجأ إليه الطالبات، عن طريق إخفائه بإحكام تحت الخمار أو اللواتي يملكن شعرا طويلا، والتواصل بواسطته مع أطراف أخرى عبر الهاتف من خارج مدرجات الجامعة، كما يستعمل البعض قلما سحريا، وآخرون ما زالوا يصرون على استعمال الطرق التقليدية، كالزّوم باستعمال الآلات الناسخة، فيما يضطر البعض إلى الاعتماد على أوراق عادية يحملونها ما لا طاقة لها من دروس ومحاور يرون بأنها ذات أولوية في هذا الامتحان دون غيره. * وذكرت مصادر ل "الشروق" بتسجيل تجاوزات وخروقات فاضحة على مستوى المدارس التحضيرية الكبرى بجامعة عنابة، والتي يوجه لها في الأصل طلبة النخبة من أولئك الحاصلين على معدلات عالية في شهادة البكالوريا، إلا أن حجم الغش الممارس من قبل المنتسبين لهذه المدارس خلال الامتحانات الأخيرة، أخلط الأوراق والحسابات بالنسبة للأساتذة والمسؤولين على إدارة الجامعة، وقال بعض الأساتذة بأن الغش في الامتحانات لم يعد مجرد وسيلة مساعدة يعتمد عليها الطلبة لاجتياز الامتحانات والسنوات الدراسية، بل تحولت إلى وسيلة رسمية وشعار وحيد للنجاح، بالنسبة لجمهور واسع من الطلبة والطالبات، ويقتضي القانون إحالة من يثبت في حقه الغش على مجلس التأديب الذي يقرر العقوبة، وتصل أحيانا حد الفصل وإعادة السنة. * * الغش حتى في الجامعة الإسلامية؟ * وباء الغش لامس حتى مدرجات ومعاهد جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة للعلوم الإسلامية، التي تغيرت بها الأحوال عما كان في سنوات افتتاحها الأولى في زمن الراحل فضيلة الشيخ محمد الغزالي عندما بلغت الثقة درجة أن كانت تجري امتحانات نهاية السنة من دون حراسة، ولكنها الآن صارت تجري بذات الاحتياطات المعمول بها في مختلف المعاهد الأخرى، وهو إجراء هدفت به الإدارة إلى منع الغشاشين من أن يندسوا ضمن أهداف الجامعة النبيلة.. * "الشروق اليومي" سألت الطلبة والأساتذة عن حالات الغش التي حدثت في الجامعة الإسلامية التي تقدم الشريعة المبنية على عدم الغش، ووقعت حكايات غريبة عن مرض الغش الذي طال هذا الصرح الروحي قبل أن يكون علميا، بحسب شهاداة بعض الطلبة والاستاذة، ففي أحد امتحانات مادة العقيدة وبينما يُجبر كل الطلبة على غلق الجهاز النقال وتركه في زاوية القسم أو المدرج الكبير، قام طالب سلفي "شكلا"، طبعا ملتحٍ ويضع على رقبته الشال الخليجي وعلى رأسه الطاقية، بترك جهازه على الجانب، بينما احتفظ بجهاز آخر وضعه تحت رجله، في الوقت الذي ترك أذنه على اتصال بالبلوتوث حيث كانت تصله الإجابة من مكان آخر، والغريب أن الخطة نجحت ولكن مشيئة الله أرادت أن ينقطع التيار الكهربائي وهنا لا حظ الحارس وهو في ذات الوقت أستاذ ومسؤول على الجذع المشترك انبعاث ضوء من أذن الطالب في عتمة الظلام فتقدم منه واكتشف الجهاز المخفي. * لكن الغريب والمؤسف أن مادة العقيدة تُدرّس فيها الألوهية والملائكة والتوحيد والإيمان بالرسل والكتب بينما يقوم طالبها بهذه الأعمال المشينة.. أما حالات الغش في الجذع المشترك للعلوم الإسلامية قبل التخصص فقد صارت تنافس الغش في بقية المعاهد الجامعية، ولا تتحمل إدارة الجامعة الإسلامية المسؤولية وإنما الجيل الحالي من الطلبة، وبعضهم وجد نفسه دون إرادته في هذه الجامعة.. * وبرغم إجراءات الحراسة والمراقبة فإنها فشلت في شل الظاهرة، بينها ما قام به طالب سلفي في مادة الترتيل فعرّض نفسه للموت عندما كان ينقل من قصاصة أحضرها معه، وعندما كشفته الأستاذة خجل من نفسه فابتلع القصاصة وكادت أن تقتله.. ومادة الترتيل مادة مقدسة يحفظ فيها الطالب الجامعي 16 حزبا من القرآن الكريم، ويدرس من خلالها طرق الحفظ والترتيل من المعوذتين إلى سورة يس إلى دراسة أحكام التجويد والروايات. * حادثة اخرى تم فيها توقيف طالبات منقبات كن يضعن تحت خمرهن القصاصات الورقية مكتوب عليها آيات قرآنية وأحاديث شريفة وأحكام من الدين الإسلامي الحنيف الذي ينبذ الغش.. ولكن!!! * شهادة البكالوريا حان الآن موعدها وامتحانات الجامعة ستبلغ هذا الأسبوع موعدها الحاسم في انتظار امتحانات الاستدراك، وإذا كان الغشاشون قد دخلوا عالم التكنولوجيا بعد أن كانوا يغشون بقصاصات أشبه بالتمائم والحروز فإن المطلوب هو غلق الباب نهائيا في وجه هؤلاء حتى لا يصبح لدينا طبيبا ومهندسا وحتى وزيرا نجح في دراسته بالغش.