تؤكد الوثائق التي تحصلت عليها "الشروق اليومي" تورط إبراهيم وارث الرئيس المدير العام لمؤسسة "اتصالات الجزائر" في التجاوزات التي شهدتها المؤسسة العمومية، حيث لم يكن فقط على اطلاع بالتلاعبات بعد إبلاغه رسميا بها، بل الأخطر من ذلك أنه كان مسؤولا مباشرا عن إبرام صفقات مشبوهة ومنحه صفقات لمؤسسات معينة وتجاوز لجنة الصفقات بحجة "أنه تلقى أوامر من فوق". نائلة. ب وتشير الوثائق المتوفرة لدينا في هذا الإطار، إلى منح الصفقات الدولية من طرف الرئيس المدير العام للمؤسسة دون الرجوع الى لجنة الصفقات، أهمها صفقة 110 ألف خط honet، حيث تم إقصاء شركة (zte) الصينية لعدم استجابتها لبنود دفتر الشروط، لكن وارث "ألح" على منحها الصفقة ووقّع رسميا عليها بتاريخ 30 ماي 2005 بموافقة لجنة الصفقات، وبعدها بتاريخ 19 جوان 2005 يقرر إلغاء الصفقة دون إبلاغ لجنة الصفقات أو عقد اجتماع وأعيدت هذه الصفقة التي فازت بها هذه المرة شركة "هواي" ويتراجع وارث ليقرر مجددا اقتسام الصفقة مع المؤسسة الصينية الأولى، حسبما ورد في محضر رسمي تحصلت "الشروق اليومي" على نسخة منه وتم منحها الحصة الأهم بالعاصمة، وبتاريخ 7 نوفمبر من نفس السنة قام وارث باستدعاء لجنة الصفقات وطلب منهم الموافقة على مبدأ تقسيم الصفقة على أن تستفيد شركة "هواي" من الموقع الذي تريده. ويعد هذا الإجراء برأي مختصين سابقة في تاريخ تسيير الشركة وأقنع اللجنة بالموافقة "لأنه تلقى أوامرا من فوق" - على حد تعبيره - دون تحديد هوية هؤلاء. وتحصلت "الشروق" على نسخ من المراسلات الموجهة إلى الرئيس المدير العام لإبلاغه بالتجاوزات الحاصلة في المؤسسة للتدخل، أهمها مراسلة مؤرخة في 09 جانفي 2005 من طرف المديرية الفرعية للصفقات حول تسييرها خلال سنة 2004 أشارت فيها إلى أن عدة صفقات تم إبرامها دون المرور على اللجنة وذلك بعد متابعة سندات الطلبيات والصفقات وتساءلت المراسلة حول نفقات الخزينة المتعلقة بفتح القروض الموثقة وتعد هذه المراسلة تذكيرا لمراسلة سابقة مؤرخة في 18 نوفمبر 2004 تضمنت "شكوى" من مديرية المالية، التي تتجاوز مديرية الصفقات وتقوم بتسديد مستحقات الاتفاقيات. وأكدت المراسلة على تجاهل لجنة الصفقات "مما يسقط أية مسؤولية لها مستقبلا في حال وجود ثغرات". عدد السندات المحالة للتسديد أكبر من الخاضعة للدراسة نفس المصلحة راسلت وارث بتاريخ 25 جويلية 2005 لإبلاغه بتجاوزات حول سندات الطلبيات في الفترة الممتدة من 1 جانفي إلى غاية 25 جويلية 2005، سجل خلالها عدم تسديد هذه السندات من طرف مديرية الإدارة العامة والإمداد دون اتفاق، كما أن عدد السندات المحالة للتسديد - حسب المراسلة - يفوق عدد السندات الخاضعة للدراسة على غير العادة، وقد تحصلت "الشروق اليومي" على وثيقة تؤكد ذلك ونسخ أخرى من طلبات التسديد التي أعلنت نيابة مديرية الصفقات رفضها لها بتوقيع رسمي، منها تسديد لمؤسستي "لونيس سعدي" و"لونيس أمين" تحت رقم 165، 163، 164، 157، 3 مكرر، 3، 270، إلا أن الرئيس المدير العام ابراهيم وارث أعلن موافقته من خلال توقيع أسفل المحضر، مما يعني تجاوزا للجنة الصفقات وخرقا للنظام المعمول به في المؤسسة، رغم تبرير مديرية الصفقات رفضها بعدم احترام المقاييس وارتفاع قيمة الفاتورات وتناقضها مع القيمة الواردة في المحضر. وكانت هذه المديرية قد حذرت في وقت سابق، في مراسلة رسمية إلى الرئيس المدير العام، من إلغاء منح الصفقات عن طريق الإعلان عن المناقصات بعد أن سجلت منح 36 مشروعا من مجموع 63 مشروعا عن طريق التراضي خلال سنة 2005. هذه التجاوزات تقود إلى تساؤلات حول صلاحية المديريات المعنية، خاصة وأن الرئيس المدير العام قام بتوقيف مدير المالية السابق المدعو يحيى شريف لرفضه "التلاعبات" وتم تعيين السيد سنيان المتابع اليوم بتمرير صفقات مشبوهة في هذه القضية ويوجد رهن الحبس رفقة مدير الإدارة وإطارات من المؤسسة، إضافة إلى مقاولين متورطين، خاصة في قضية تهيئة مركب عيسات إيدير باعتماد تقسيم المشروع على عدد من المقاولين الذين أصبحوا "يسيطرون" على المؤسسة ويتقاضون أموالا تفوق تكاليف المشروع الحقيقية، كما يتم تكليف هؤلاء بمشاريع في ولايات أخرى، كما تشير إليه وثيقة موقعة من طرف المدير الفرعي للإمداد موجهة للمدير الجهوي بقسنطينة وأخرى من طرف مدير الإدارة العامة إلى المدير الجهوي لسطيف "يأمران" فيهما بمنح مشاريع إنجاز وترميم كل الوكالات التجارية الواقعة بالمنطقة التي تضم أكثر من 10 ولايات ولم يتم الإعلان عن مناقصة لمنح صفقات لمؤسسة واحدة أو استشارة المسؤولين. احتيال مخطط على قوانين الصفقات العمومية وفيما يتعلق بتهيئة مركب عيسات إيدير، تكشف الوثائق المتوفرة أن التكاليف فاقت 7944066 دج، لكن المبلغ تم صرفه لنفس الأشغال لأربعة مقاولين وهم "ت. عبد القادر" الذي استفاد من تسديد مستحقاته مرتين متتاليتين وصرف نفس المبلغ في نفس اليوم لمؤسسة "م. محمد" وصرف شيك رابع لمؤسسة "ب. أمينة" حول نفس الأشغال. وتشير الوثائق التي بحوزتها، إلى أن وارث إبراهيم كان يستغل ممتلكات المؤسسة لأغراضه الشخصية منها سيارات لأبنائه وزوجته، إضافة إلى بناء مسبح داخل فيلا قام بكرائها بالشراڤة بتكلفة تجاوزت 130 مليون سنتيم، مما يؤكد تورطه مباشرة في تبديد أموال عمومية و"التستر" على تجاوزات حاصلة بالمؤسسة التي يسيرها تم إبلاغه بها بصفة رسمية ولم يتدخل، كما أن وزير القطاع بوجمعة هيشور نفى في حوار سابق أن يكون قد قدم وارث استقالته، كما تردد. جدير بالذكر أن فصيلة الأبحاث بالمجموعة الولائية للدرك لولاية الجزائر قد قادت تحقيقا في تسيير المؤسسة خلال الفترة الممتدة من 2004 الى أفريل 2005 بوكالات العاصمة أسفرت عن تبديد أموال عمومية فاقت 87 مليار سنتيم ولايزال التحقيق جاريا في 800 ملف على المستوى الوطني. ويوجد الرئيس المدير العام رهن الحبس بعد طعن النيابة في قرار قاضي التحقيق لدى محكمة الحراش الذي أمر بوضعه تحت الرقابة القضائية رفقة مديري المالية والإدارة ومقاولين اثنين.