أثارت فتوى الداعية الكويتي، الشيخ عثمان الخميس، القائلة بحرمة الخروج على الحاكم أو التظاهر لعزله، وبأن هذا السلوك فساد عظيم، معتبرا أن قتلى وضحايا الثورة المصرية ليسوا "شهداء"، ردود فعل قوية وسط علماء الأزهر والرأي العام المصري، حيث سقط أكثر من 800 مصري برصاص قوات الأمن، وأصيب أكثر من ستة آلاف خلال مظاهرات استمرت 18 يوما، وانتهت بتنحي الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، في 11 فيفري الماضي، ما جعل من ثورة 25 جانفي منعرجا كبيرا في تاريخ مصر، وتأسيسا اعهد جديد من الحريات والديمقراطية وكذلك السيادة. وقال الشيخ عثمان الخميس، في حديث مصور على موقع "يوتيوب" يعود لفترة سابقة، إن الثورة المصرية، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق، حسني مبارك، لم تكن ثورة إسلامية، ولكن ثورة من أجل الدنيا، فالثوار لم يخرجوا من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية أو من أجل الدين. * وأوضح الشيخ أن" الثوار كانوا يطالبون بحكم ديمقراطي، وهذا ليس مسألة دينية، وبالتالي لا يجوز أن تلبس تلك الثورة أو غيرها لباسا شرعيا. وأردف "خرجوا (الثوار) من أجل الدنيا .. وعليهم بالعافية والله يوفقهم"، فهم حسب قوله تعرضوا للكثير من الظلم والحرمان، ولكن ثورتهم تبقى دنيوية وغير شرعية وهي مثلها، مثل أي ثورة في الدنيا. * ولم يتوقف الشيخ عند هذا الحد، بل راح يرفع عن الضحايا الذين سقطوا خلال المظاهرات والاحتجاجات برصاص قوات الأمن، صفة الشهداء، وقال "فهذا ليس طريق الشهادة"، وأضاف "نسأل الله أن يغفر لهم". * ولفت الشيخ الى أن هناك حيرة واضطرابا بشأن المظاهرات والرأي الشرعي فيها، فالبعض يفتي بناء على حماس فقط دون علم، معربا عن أسفه لأن معظم من أجازوا المظاهرات أجازوها من باب الحماس دون أي أساس شرعي، ولا يذكرون نصوصا عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأنهم استندوا لأحاديث ضعيفة. وشدد على أن الأصل هو عدم جواز الخروج على الحاكم والسمع والطاعة له، وإلا حدث فساد عظيم، ولكن البعض يأخذهم الحماس دون دليل. * وفي رد على فتوى الشيخ عثمان، قال رئيس لجنة الفتوى المصرية الأسبق، الشيخ جمال قطب، إن كلام الداعية الكويتي، عثمان، عن الثورة المصرية، لا أصل له من الصحة على أي مستوى، كما أنه يجافي العقل والفطرة، فكل الشرائع السماوية، وآخرها الإسلام، تحض أتباعها على منع الظلم والتصدي له وعدم الرضا به. * واستشهد قطب بالحديث القدسي الشهير عن رب العزة "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي فلا تظالموا بينكم" ، متسائلا كيف يتصور بشري على وجه الأرض أن الثورة على الحاكم الظالم في مصر أو غيرها لا تعتبر عملا شرعيا إلا إذا كان المتكلم تلميذ صغير يبحث في القرآن الكريم عن لفظ ثورة، دون أن يدرس أحكام القرآن ولم يفهم مقاصده. * وقال "أما التعليل بأن الشعب لم يخرج لسبب ديني، فهو أشد خطأ وإثما، ولذلك أتوجه بالسؤال للخميس، هل شرع الله مقصور على إقامة الشعائر والعبادات والطقوس الدينية، أم أن رفض الظلم يرضي الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يرضي الله، فلا شك أن كل حركة تمنع الشر وتجلب الخير هي لله". * كما أبدى قطب استياءه من عدم اعتبار شباب الثورة الذين قتلوا غدرا في ميدان التحرير ليسوا بشهداء، قائلا "هل من عاقل يتصور أن يخرج شباب في ثورة على حاكم ظالم ويتم تهديدهم بالقتل فيفضلوا الثبات في مكانهم وهم عزل ويقولون كلمة الحق الى أن يقتلوا ليسوا بشهداء، هذا كلام فارغ والمصريون ليسوا في حاجة لشهادة الخميس أو فتواه وعليه أن يتعلم أولا مقاصد القرآن". * من جهته، قال الشيخ وكيل مؤسسي حزب الجماعة الإسلامية،"البناء والتنمية" ، طارق الزمر، ل "العربية نت"، إن مقاومة الطغيان والطغاة في حد ذاتها واجب شرعي بغض النظر عن الأشخاص أو الحكومات". وأضاف أن "المظاهرات والخروج على الحاكم ليست بالضرورة أن تكون من أجل تمكين حاكم من تطبيق الشريعة، رغم أن هذا هدف نبيل، لكن الثورات والخروج على الحاكم الظالم والمستبد والطاغي جائزة شرعا، ولهذا فإن من خرج من المصريين منذ يوم 25 جانفي من أجل هذا الهدف فهو شهيد وله أجر الشهداء". * كما قال رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر، الشيخ عبد الحميد الأطرش، إن " النبي صلى الله عليه وسلم بين أن السلطان ظل الله في الأرض فأجلوه وعظموه، وإن كان عادلا فله الأجر وعليكم الشكر وإن كان جائرا فعليه الوزر وعليكم الصبر". وقال ان شباب 25 جانفي " خرجوا وأسقطوا الحاكم في ثورة بيضاء ولم يعتدوا على أحد، بل خرجت عليهم آليات النظام السابق وقتلتهم بالرصاص الحي ودهستهم بالسيارات وهم عزل، فهؤلاء الشباب لا شك أنهم شهداء عند الله، ونحسبهم من الأخيار ونسأل الله لهم الرحمة".