كثيرا ما يتساءل المواطنون عن حكم الجوائز التي تمنحها بعض المؤسسات من خلال المسابقات الدورية التي تعلنها على صفحات الجرائد الوطنية بطرق مختلفة والتي تعددت جوائزها هذه السنوات بتطور التكنولوجيا وتنوعها، فنجد مواطنا يسأل ما حكم المسابقات التي تعطى فيها جوائز ضخمة لا تبرر الأسئلة المطروحة، مثل: اشترك في هذه المسابقة للإجابة على سؤال بسيط واحصل على بيت، وتتوجس هذه القارئة، خيفة من جوائز الطمبولا، أو "حك تربح"، فيما يمتنع مواطن آخر عن الاشتراك في مثل هذه المسابقات بتاتا للحيطة والحذر أو اتقاء للشبهة،..الشروق توجهت لنخبة من علماء الجزائر وأئمتها لأخذ رأيهم في حكم المسابقات المختلفة الأشكال والأهداف وعادت بهذه الأجوبة.. * اتقاء للشبهة .. * قال الشيخ إيدير مشنان، مدير التعليم القرآني بوزارة الشؤون الدينية، في رده على سؤال الشروق، حول حكم المسابقات التي تعطى فيها جوائز ضخمة لا تبرر الأسئلة المطروحة في مسابقة ما، إن هناك قاعدة عامة تحكم هذه الجوائز، فإذا كان المتسابق ليس أحد الممولين للجائزة وليس مشاركا فيها ماديا، فإنه في هذه الحالة لا يوجد ما يمنع شرعا من المشاركة، أما إن كان المتسابق مشاركا في الجائزة بمقدار من ماله، فإن ذلك "هو القمار بعينه". * من جهته قال الشيخ موسى إسماعيل، إن "هذا اللون من المسابقات مما عمّ انتشاره والتعامل به في كثير من الجهات، ومن أمثلته ما تقوم به شركات الهاتف النقال من طرح أسئلة للمشتركين مقابل الحصول على عروض مغرية وجوائز شبه خيالية كسيارة فخمة أو شقة وغير ذلك مقابل دفع ما قيمته بضعة دنانير"، وهذه الشركات حسب الشيخ إسماعيل "تجمع من الناس أضعاف مضاعفة ما تدفع لهم، وهذا في حقيقته هو القمار الممنوع شرعا وإن سماه أصحابه مسابقات أو اختبار معلومات أو نحو ذلك، وهو مما أمرنا باجتنابه والبعد عنه"، مستدلا بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ"، وفي السياق ذاته أيّد الدكتور كمال بوزيدي، رأي الشيخ إيدير مشنان، قائلا إن الأمر يتوقف على المشارك، فإذا كان مساهما في الجائزة، فإن ذلك يعتبر دخولا في المسابقة بنية القمار، وهذا لا يجوز شرعا، أما إن لم يكن مشاركا في الجائزة فهذا يجوز. * * "حك تربح".. رائحة "الميسر" تفوح * وفيما يتعلق بما يعرف بمسابقات الطمبولا التي يكتفي فيها المتسابق بشراء القسيمة على طريقة "حك تربح" دون أن يبذل أي مجهود أو يجيب على أي سؤال بمعنى أنه يعول على الحظ 100 بالمائة، فقد قال الشيخ موسى إسماعيل إن "بعض المؤسسات تلجأ إلى نوع من الكسب السريع معتمدة في ذلك على الدعاية القوية والإعلانات التّجارية في كلِّ زاوية، يتصيّدون بها الكسالى ومحبي الكسب السهل"، والحقيقة -حسبه- أن "غرض هذه المؤسسات هو الحصول على أموال طائلة معتمدة في ذلك على التغرير بالناس واستعمال الحيلة والخداع"، وحكمها يقول الشيخ إن "مبادئ الشريعة تأبى أن يكون الحصول على المال بمثل هذه الطرق المشبوهة مهما أُعطِيَتْ لها من الأسماء البراقة ومهما جُعِلَ لها من التبريرات والمسوغات، وهي من أكل أموال الناس بالباطل". * من جهته أكد الدكتور كمال بوزيدي أن حكم هذا النوع من المسابقات تنطبق عليه نفس القاعدة الفقهية والخاصة باشتراك المتسابقين في الجائزة أم لا، فالتحريم يتوقف على المشاركة من عدمها، فيما شبّه الشيخ إيدير مشنان، هذا النوع من المسابقات بمن يلعب "الكارتا"، مضيفا أن الشرع الإسلامي يحرم هذه المسابقات التي تدخل في باب الحديث الشريف "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ.."، من جهته الشيخ يوسف بن حليمة إمام وخطيب مسجد العربي التبسي بالعاصمة، قال إن هذا النوع من المسابقات فيه رائحة الميسر، لأنه لا توجد جهة مستقلة تمنح الجائزة للمشتركين بل هم من يدفعون قيمتها أو يشاركون فيها بشكل ما، بنية الربح.. * * المسابقات الخيرية حلال .. فاستبقوا * قال الشيخ إيدير مشنان، إن التسابق الذي يكون في شيء مشروع، وتعطى عليه جوائز، يعتبر تفنن في فعل الخير، وأعطى مثالا على ذلك، كالمسابقات العلمية التي تعود فوائدها أو جوائزها لعمل خيري، وقال إن هذا يجوز شرعا، وهو الرأي الذي أيده الشيخ يوسف بن حليمة، قائلا "لا أظن أن هناك حرجا في المشاركة بمسابقة تعود فوائدها لمؤسسة خيرية أو فعل الخير بشكل عام"، وفصل الشيخ يوسف في حكم الحصول على هذه الجوائز، وأوضح أن الجائزة في مثل هذه المسابقات إذا منحتها مؤسسة مستقلة للمشتركين ولم يكونوا مساهمين فيها، فهذا لا غبار عليها، وأضاف أنه حتى لو اشتركوا فيها بقيمة مادية بنية فعل الخير كالمشاركة بقسيمة فيها أسئلة علمية أو ثقافية اجتماعية، والهدف من المسابقة فعل الخير فهذا لا حرج فيه. *