قرر وكيل الجمهورية لدى محكمة سكيكدة تأجيل البت في قضية الصناعي المدعو، زعيم أحمد، صاحب مصنع لتعليب الطماطم والمؤسسة العمومية للتغليف المعدني (EMB) الكائن مقرها بعزابة، إلى ما بعد انقضاء العطلة القضائية، حيث ينتظر أن تعاد جدولة القضية خلال الأيام القادمة، للنظر في فحوى الدعوى القضائية التي رفعها الصناعي المذكور ضد مؤسسة التغليف المعدني لعزابة، مطالبا إياها بتعويض قيمة 40 مليار سنتيم، عن ضرر ادعى أنه لحق بمنتوجه من الطماطم الصناعية قدرت كميته ب 650 طن تعرضت للتلف بسبب رداءة العلب المعدنية التي تسلمها من المؤسسة المذكورة، حسب ملف الشكوى التي تقدم بها. نور الدين بوكراع ويأتي قرار تأجيل هذه القضية، الذي يبدو أنه جاء بتوصية من وزارة العدل، بسبب تشعب القضية التي بدت في شكلها عادية، إلا أن تداخل مصالح عدد من الأطراف من بينهم قضاة وموظفين بسلك العدالة بمجلس قضاء سكيكدة، جعل القضية تأخذ شكل "الفضيحة" التي تجاوزت الشارع السكيكدي ووصلت إلى مكتب وزير العدل، عقب ظهور أدلة تشير إلى تورط رئيسة محكمة عزابة وعدد من الموظفين في القضية، إلى جانب محضر قضائي مع الصناعي المذكور، الذي يكون قد وزع مبالغ مالية هامة لتمرير ملف التعويض دون المرور بالإجراءات القضائية المعمول بها للحكم في مثل هذه النزاعات، حسب ما تسرب من أروقة محكمة عزابة، وأكدته هيئة دفاع المؤسسة العمومية (EMB)، التي راسلت وزارة العدل للفت انتباهها لما يجري بمحكمة عزابة من تواطؤات، مع الصناعي المذكور بهدف ابتزاز المؤسسة وتحميلها "خسارة" لم تحدث، بناء على ملف لا يستند فيه الصناعي إلى أية حجج مقنعة. وكانت رئيسة محكمة عزابة المتورطة في الملف قد تعرضت، خلال الأشهر الماضية، إلى عدة توبيخات كتابية وشفوية من وزير العدل شخصيا خلال جلسات عمل عقدت لإطارات وزارة العدل بالعاصمة، أين استفسر وزير العدل الطيب بلعيز رئيسة المحكمة حول طريقة تعاملها مع ملف شركة التغليف المعدني لعزابة، واصفا إياها بالغير مهنية والمسيئة لسمعة جهاز العدالة. وتعود تفاصيل القضية إلى الأشهر الماضية عندما قرر الصناعي زعيم أحمد، رفع دعوى قضائية ضد مؤسسة التغليف المعدني (EMB) لعزابة، مطالبا إياها بتعويض ما قيمته 40 مليار سنتيم، تمثل، حسب الوثائق المودعة في ملف القضية، قيمة 650 طن من الطماطم المعلبة التي تعرضت، حسب ادعائه، للفساد بسبب رداءة وعدم صلاحية العلب المعدنية التي تسلمها من مؤسسة EMB للتغليف المعدني لعزابة، دون وجود أي تقرير خبرة مضادة يثبت صحة ادعائه. وعزز الصناعي المذكور شكواه بوثيقة على شكل محضر معاينة وإتلاف 650 طن من الطماطم، حررها محضر قضائي من سكيكدة، ادعى فيها أن كمية الطماطم الفاسدة تم التخلص منها بدفنها في مكان ما بمحيط مصنع التعليب الذي يملكه الصناعي زعيم أحمد، بحضور الصناعي والمحضر القضائي وغياب أي ممثل للشركة العمومية (EMB) أو أي جهة قانونية أخرى. ولفك خيوط هذه القضية قام وكيل الجمهورية رفقة قاضي التحقيق المكلف بالملف، خلال الأيام الماضية، باستدعاء صاحب المصنع والمحضر القضائي، الذي أمضى على وثيقة إتلاف ودفن الطماطم المعلبة، للتنقل إلى عين المكان رفقة هيئة دفاع شركة (EMB)، لمعاينة المكان الذي ادعى فيه الصناعي أنه دفن فيه المنتوج. وفي اليوم المحدد للمعاينة تغيب الصناعي عن الحضور وناب عنه ابنه، كما حضر المحضر القضائي وهيئة دفاع الشركة، حيث أمر وكيل الجمهورية ببداية عملية الحفر بواسطة جرافة، استقدمت خصيصا لفك لغز القضية، في المكان الذي عيّنه المحضر القضائي في تقريره، إلا أن عملية الحفر والبحث لم تسفر عن أية نتيجة. وفي عين المكان طالب وكيل الجمهورية المحضر القضائي مجددا بتحديد المكان بدقة، إلا أن هذا الأخير ادعى أنه لا يتذكر بالضبط، قبل أن يصاب بنوبة من الاضطرابات ويسقط مغشيا عليه أمام مرأى الجميع. وعلق دفاع الشركة عن الحادثة "بأن كمية 650 طن من الطماطم تمثل حمولة 60 شاحنة وأنه يستحيل إخفاءها بسهولة، اللهم إلا إذا تبخرت في التراب"، مشيرا إلى نية الاحتيال المبيتة لدى الصناعي الذي أراد بتواطؤ من أطراف في جهاز العدالة تمرير ملف "التعويض عن ضرر لم يحدث" قصد ابتزاز الشركة العمومية والاحتيال عليها. وفي انتظار تحديد جلسة المحكمة للبت في هذه القضية لايزال الغموض يسود حيثياتها، خاصة في شقها المتعلق بضلوع موظفي جهاز العدالة في القضية التي لا يمكن تصنيفها سوى في خانة عملية نصب واحتيال والتلاعب بالقوانين وتوظيف جهاز العدالة لصالح جماعات المال والنفوذ. وقد علمت "الشروق اليومي" في سياق هذه القضية أن رئيسة محكمة عزابة قد تلقت أمرا بالتحويل من المنصب إلى ولاية أخرى، في انتظار ما سيقرره وكيل الجمهورية المكلف حاليا، بالملف الذي يبدو أنه يحتاج إلى أكثر من تقرير خبرة لكشف عملية الاحتيال هذه وتحديد مسؤولية كل من له ضلع فيها. وستعود "الشروق اليومي" لمتابعة هذه القضية بتفاصيلها في أعدادها القادمة.