الآن، اكتشف العالم حقيقة الغزو الأمريكي للعراق وتأكد أن هذه الحرب لم تكن لأجل تحرير العراق ولا من أجل مكافحة الإرهاب على طريقة خطة "الدفاع المتقدم" بضرب العدو في بلدانه. نسيم لكحل عندما يقول الرئيس الأمريكي جورج بوش إنه لن ينسحب من العراق حتى لو لم يؤيده سوى كلبه (!) ندرك خطورة الأهداف التي قامت عليها الحرب التي تقسم العراق إلى ملل وطوائف وتدفع به إلى جحيم الفتنة الطائفية. وعندما يصدر هذا التصريح من زعيم القوة الأولى في هذا العالم، فإنه من حق الأمريكيين أن يرفضوا هذا المنطق البوشي قبل أن يرفضه العراقيون وأشقاؤهم في الدول العربية الأخرى، بعد ما أصبح في حكم المفضوح أن لغزو العراق دوافع شخصية لدى الرئيس الأمريكي لا أكثر ولا أقل، والمشكلة أن هذه الأهداف الشخصية استخدم فيها الجنود الأمريكيون كوقود مثلهم مثل السلاح المستخدم لإبادة شعب كامل في بلاد الرافدين. لقد فجّر الصحفي الأمريكي الشهير "بوب وودوورد" فضيحة بأتم المقاييس بمناسبة صدور كتابه "حالة من الإنكار" الذي يتحدث عن الأوضاع في العراق، خاصة في الجزء الذي جاء فيه أنه حين "دعا الرئيس الأمريكي جورج بوش مجموعة من الزعماء الجمهوريين البارزين للبيت الأبيض لمناقشة قضية العراق، قال لهم: لن أنسحب حتى ولو لم يؤيدني سوى لورا وبارني، مشيرا إلى زوجته وكلبه"(!؟). في الحقيقة لا يمكن فهم هذا الكلام الغريب لرئيس العالم، إلا في سياق كلام سابق لبوش نفسه يقول فيه إن "كلبه بارني هو ابنه الذي لم يلده"(!) وعندما يكون هذا هو المنطق نفهم لماذا لم تنجح تلك المسيرات المليونية التي شهدتها مختلف العواصم العالمية في ثني الرئيس الأمريكي جورج بوش وحليفه توني بلير عن غزو العراق، رغم أن هذه الحركات الاحتجاجية صُنّفت في خانة أكبر الحركات والمظاهرات التي شهدها العالم طوال فترات تاريخه. يأتي الكشف عن هذه الفضيحة في الوقت نفسه الذي تتزايد فيه الأصوات داخل المجتمع الأمريكي المطالبة بانسحاب القوات الأمريكية من المستنقع العراقي الذي صنعته، بعدما أصبح "الخطر الإرهابي" الذي زعم بوش أنه ذهب إلى العراق لمحاصرته، في ازدياد مطرد منذ ذلك الغزو اللعين، كما تحدثت في ذلك أحدث التقارير الأمنية الصادرة قبل أيام، والتي خلصت إلى أن هذا الخطر الإرهابي قد تضاعف عدّة مرّات منذ احتلال العراق. لماذا يرفض بوش مغادرة بلاد الرافدين؟ ربما لأنه يدرك أن ذلك من شأنه أن يميط اللثام عن الكثير من الحقائق الأخرى التي يتستر عليها في العراق، ومن شأن الكشف عنها أن يحدث صدمة وفاجعة حقيقية لدى الشعب الأمريكي تفوق وقع الصدمة التي أصابته يوم 11 سبتمبر 2001.. لا يريد الرئيس الأمريكي أن يعرف شعبه أن هجمات المقاومة على قوات الاحتلال الأمريكية في العراق تتم كل 15 دقيقة، ولا يريدهم أن يعرفوا أن عدد الضحايا في صفوف الجنود الأمريكيين أكثر بكثير مما يتم الإعلان عنه، وأن تقارير المخابرات الأمريكية تتنبأ بأن الوضع سيزداد سوءا خلال العام 2007، في الوقت الذي يزعم فيه بوش أن الأمور هناك تسير على ما يُرام.. عندما يكون الهدف من وراء رفض الانسحاب من العراق هو التستر على الحقيقة، فلا نلوم الرئيس الأمريكي عندما يصدق كلبه (بارني) ويغلق أذنيه أمام أصوات الملايين من الشرفاء في هذا العالم، مادام المنطق الذي يسيّر به العالم هو منطق لورا وبارني. السؤال المطروح: ماذا لو نطق بارني، الأكيد أنه سيرفض هذه الحرب!؟