رشيد ولد بوسيافة قد لا يشكل إصدار حكم في حق الرئيس العراقي صدام حسين حدثا هاما للبعض، لكنه حلقة مهمة في مسلسل إعدام الكرامة العربية التي بدأت بإسقاط تمثاله بتلك الطريقة الهوليودية ثم إخراجه بنفس الطريقة من حفرة عرضها 1 متر، ثم عرضه على طبيب ليفحصه بطريقة غير آدمية، انتهاء بمسرحية المحاكمة التي تحالف فيها الادعاء مع القاضي والشهود ضد الرئيس العربي الوحيد الذي تحدى أمريكا وقصف إسرائيل ولم يفر إلى الخارج عندما تهاوت أركان نظامه. قد لا نناقش في أن صدام حكم شعبه بالحديد والنار، وأن نظامه لم يكن بردا وسلاما على العراقيين، لكن هذا هو حال أغلب الأنظمة العربية، فضلا على أن الذي حدث بعد إسقاط صدام لا يمكن مقارنته بالذي حدث بعد ذلك، فإذا حوكم صدام وحكم عليه بالإعدام، لأن نظامه قتل العشرات من أبناء بلدة الدجيل، فمن يحاكم في مقتل أكثر من نصف مليون عراقي في ظرف أقل من ثلاث سنوات؟ ومن يتهم في الجرائم اليومية والمجازر التي تحدث في العراق المحتل؟ لم يكن صدام حسين يختلف عن غيره من الحكام العرب سوى في كبريائه ومروءته والتزامه بأفكاره ومبادئه، بغض النظر إن كانت صائبة أم خاطئة، صدام لم يفتح بلاده للأجانب من أجل إقامة قواعد عسكرية عليها، ولم يطبع علاقاته مع إسرائيل ولم يتخل عن دعم القضية الفلسطينية حتى في أحلك مراحل عهده، ولم يدفع الملايير لتبرئة نفسه ولم يتصدق ببقايا برنامجه النووي لأمريكا... لما كان يحكم صدام لم تكن هناك فتنة بين السنة والشيعة ولم نسمع يوما عن الرؤوس المقطوعة والجثث المرمية في نهري دجلة والفرات، كما لم تصلنا صور شبيهة بما حدث في سجن أبي غريب في عهد الديمقراطية الأمريكية. إن الولاياتالمتحدةالأمريكية التي أشرفت بنفسها على المحاكمة، لأنها صاحبة السيادة الآن في العراق، تورطت أكثر في مستنقع اللاحضارة بهذا الحكم القضائي البدائي وهو الإعدام شنقا، وهي سقطة أخرى تنضاف لكل سقطات بوش الصغير الذي ورط شعبه وجيشه في العراق، ولازال يكلف دافع الضرائب الأمريكي ملايير الدولارات شهريا في حرب لم يستطع إلى الآن تبريرها!! حقيقة إن مثل هذا الحكم يذكرنا بالإعدامات التي كان ينفذها الأمريكيون المحتلون في الثوار من الهنود الحمر أصحاب الأرض الحقيقيين.