وضعت عائشة القذاقي ابنة الرجل الأول في النظام الليبي المنهار، معمر القذافي، السلطات الجزائرية في حرج مع المجلس الوطني الانتقالي، الماسك بزمام الحكم في ليبيا، بسبب إطلالتها المفاجئة على "قناة الرأي"، التي تبث من العاصمة السورية دمشق. * عائشة القذافي وفي أول ظهور إعلامي لها منذ إعلان الخارجية الجزائرية دخولها التراب الوطني رفقة عدد من أفراد عائلتها الكبيرة، اتهمت قادة المجلس الوطني الانتقالي الليبي ب "الخيانة"، أول أمس الجمعة، وهو اليوم الموافق لاعتراف الجزائر بالحكام الجدد في طرابلس، بعد ما يقارب الشهر من هروب القذافي من معقله في "باب العزيزية". * وخاطبت عائشة القذافي الليبيين قائلة: "يحق لكم أن تفتخروا بقائدكم العظيم، هو بخير والحمد لله معنوياته مرتفعة، يحمل السلاح ويقاتل هو وأبناؤه"، في خطوة تتنافى وتقاليد الضيافة، كما تتعارض وأعراف قوانين اللجوء السياسي، التي تمنع على اللاجئ الخوض في الشؤون السياسية لبلده انطلاقا من الدولة التي تستضيفه. * وكانت السلطات الجزائرية قد ردّت على الحملة التي شنها ضدها قادة المجلس الوطني الانتقالي الليبي، الذين طالبوا الجزائر بتسليم عائشة القذافي ووالدتها صفية وشقيقيها محمد وحنبعل، لمحاكمتهم، بالقول إن السماح بدخول عائشة ومرافقيها، كان لاعتبارات إنسانية، قبل أن تتدارك لتؤكد بأن الجزائر مجرد بلد عبور لهؤلاء المطلوبين للعدالة في طرابلس. * وأثنت عائشة، التي عادة ما تقدم على أنها محامية وقانونية، على من وصفتهم "الشعب الليبي الصامد"، وجددت دعوتها للانتفاضة ضد الثوار، وخاطبتهم قائلة: "اصبروا وانتفضوا، لا تسمحوا لمهزلة عن حكومة جديدة"، وحملت بشدة على بعض الحكام العرب وعلى قادة وعناصر المجلس الانتقالي، على خلفية تحولهم إلى أداة في يد الحلف الأطلسي، الذي "وجد في ليبيا من يوجه السلاح إلي صدر أخيه"، على حد تعبيرها. * وهاجمت ابنة الزعيم الليبي المطاح به، محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي، قائلة إنه "قدم الولاء والطاعة" وعبد الحكيم بلحاج رئيس المجلس العسكري للثوار الليبيين في طرابلس الذي "خان العهد ونكثه"، قبل تعمم اتهامها للمجلس الانتقالي برمته: "إنهم خانوا العهد فكيف لا يخونونكم". * ومن شأن هذا التسجيل الصوتي المنسوب لابنة معمر القذافي المطاح به، المحرض على الانتفاضة ضد السلطات الجديدة في ليبيا، أن يعيد التوتر إلى العلاقات بين الجزائر والمجلس الانتقالي الليبي، بعد بروز مؤشرات على توجه هذه العلاقات نحو التطبيع، بإعلان الخارجية الجزائرية اعترافها بالهيئة التي يرأسها مصطفى عبد الجليل، ممثلا شرعيا للشعب الليبي. * ويعزز هذا الطرح من مصداقية الاتهامات التي كثيرا ما ساقها قادة المجلس الانتقالي الليبي ضد الجزائر، والتي تمثلت، حسب تصريحات الثوار، في دعم نظام القذافي المنهار من خلال تزويده بالأسلحة وسيارات الدفع الرباعي، ونقل المرتزقة، كما يقوي المخاوف من أن تتحول الجزائر إلى قاعدة خلفية ضد الحكام الجدد في ليبيا، إذا لم تسارع السلطات الجزائرية إلى حمل المتواجدين على أراضيها من عائلة القذافي، على احترام آداب الضيافة والامتناع عن أية تصريحات عدائية ضد حكام طرابلس الجدد، وفق ما تقتضيه أعراف وقوانين اللجوء السياسي.