خمسة وزراء أبقوا عشرات الآلاف من مناصب العمل شاغرة رغم تخصيص أغلفتها المالية اتهم مجلس المحاسبة وزارت التربية والصحة والتكوين المهني والثقافة والتضامن الوطني بارتكاب خروقات في تسيير الأموال العمومية، والإهمال في مراقبة صرفها، وتعمد الإبقاء على عشرات الآلاف من المناصب شاغرة بالرغم من أن الدولة رصدت لها مخصصات مالية. * وجاء في تقرير مجلس المحاسبة في الطبعة الثانية من تقريره التقييمي حول امتثال الحكومة لقواعد صرف ميزانية الدولة، أن وزارة الثقافة التي تسير ثلاثة صناديق مالية خاصة "لم تسيرها ضمن ظروف تسيير ملائمة ولم يتم تزويد مجلس المحاسبة بالوثائق الثبوتية الضرورية لأعمال الرقابة"، حيث منحت مبلغا زاد عن 10ملايير سنتيم "بصفة غير عادية" لمنتجي أفلام "خارجون عن القانون" و"عطور الجزائر" و"لالة فاطمة نسومر" وذلك بعد اختتام المهرجان الإفريقي 2009 "ويعد ذلك مخالفا للأحكام المتعلقة بهذا الموضوع ولمدونة النفقات المحددة في القوانين المسيرة للصندوق". وأضاف التقرير الذي استلمه البرلمان مؤخرا ضمن الوثائق الخاصة بمشروع قانون ضبط الميزانية، 2009، أنه "خلافا لما تنص عليه الاتفاقيات المبرمة مع الموزعين تم تسجيل تأخرات هامة" في إيداع 2000 نسخة من الكتب والمؤلفات الصادرة بفضل مساهمة الصندوق الوطني لتطوير وترقية الفنون والآداب، كما أن الآمر بالصرف المسؤول على الصندوق "لم يتخذ أي إجراءات لضمان احترام البند الذي يلزم المستفيد بتوزيع 500 نسخة من كتابه"، وشمل التجاوزات المالية في صرف المخصصات المذكورة تمكين 9 من مجموع 33 مستفيدا لإنجاز عروض مسرحية من إعانة قدرها مليار و800 مليون سنتيم "لم يقدموا ولا نسخة من العمل المنجز ولا الشهادة التي تبرر عرضه المجاني ل5 مرات". وشملت التجاوزات صندوق تطوير الفن والتقنية والصناعة السينمائية، حيث استفادت مؤسستان من إعانتين متتاليتين بمبلغ وصل إلى 26 مليارا "خلافا لما تنص عليه الاتفاقية التي تقول أن الوزير يمنح للمنتج إعانة إجمالية ونهائية ولا يتم بعدها منح أية إعانة تكميلية". كما أكد التقرير أن الوثائق المحاسباتية لعدد من الوزارات تضم عشرات الآلاف من المناصب المالية الشاغرة بالرغم من توفر مخصصاتها المالية، وقال التقرير أن "تحريات مجلس المحاسبة كشفت عن وجود فوارق بين عدد الموظفين النظري والعدد الحقيقي في القطاعات"، وأعطى جملة من الأرقام أحصى منها "في قطاع الصحة مثلا كشف تقييم مستخدمي الطب المتخصصين، خاصة فارقا بنحو 3150 منصب غير مشغول سنة 2009 أي بارتفاع ب50 بالمائة مقارنة مع السنة التي سبقتها، كما يجل القطاع عجزا في المستخدمين الإداريين لما يفوق 27 ألف منصب شاغر.. وحوالي 8 آلاف منصب شاغر في قطاع التكوين المهني.. وأكثر من 14 ألف منصب شاغر في قطاع التربية"، وتخص تلك الأرقام سنة 2009 لوحدها، لكن المجموع بالنسبة لوزارة التربية هو 54 ألف منصب شاغر. وقال أن وزارة التربية خصصت 100 مليار سنتيم لتشجيع التكوين وتحسين مستوى مستخدمي التربية و18 مليارا لتشجيع النشاطات الثقافية والرياضية في المؤسسات المدرسية وضعتها تحت تصرف الاتحادات الولائية والفدراليات والاتحاديات الوطنية للرياضة المدرسية، ويؤكد صراحة أن "وزارة التربية لا تقوم بأية متابعة او رقابة لشروط استعمال هذه الاعتمادات" ومنها أن "هذه الاتحاديات والفيدراليات التي لا يملك بعضها اعتمادا لا ترسل تقاريرها الأدبية والمالية نهاية السنة". وانتقد التقرير تسيير المخصصات المالية للديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار، وقال أنها "لم تحظ بالمتابعة السليمة رغم حجمها.. وأن النصوص التنظيمية المقررة لإرساء قاعدة لهذا النشاط ودعم عمل الديوان لم تر النور ليومنا هذا. واقتصرت المساهمة في ذلك البرنامج على إنجاز نشاطين اثنين لا غير، تمثلا في دفع أجور المعلمين وإعداد كتب التدريس وطبعها"، وأحصى نحو 2300 منصب لأجل توظيف أعوان متعاقدين مكلفين بمهام التدريس في إطار برنامج محو الأمية بقي في حالة شغور ما أدى إلى تجميد أكثر من 4 ملايير سنتيم. وأحصى مجلس المحاسبة 7 وزارات، قال إنها تقوم كل سنة بتسجيل عمليات مالية جديدة في حين تعرف عملياتها السابقة تأخرات هامة . وبوزارة التعليم والتكوين المهنيين، تمنح إعانات التسيير كاملة ل 689 مؤسسة عمومية ذات طابع إداري تحت الوصاية على أساس الأرصدة المتبقية في نهاية السنة، ومرسلة على شكل شهادات وعلى أساس ميزانيات تطلبها هذه الهيآت نفسها، وفي 2009 يقول مجلس المحاسبة "لم تعرف الاعتمادات المخصصة لمؤسسات تابعة لقطاع التكوين المهني بمبلغ 114 مليار دج أية عمليات إنجاز، ومنحت الإعانات لمؤسسات لم تشرع في العمل".
الصناديق الخاصة تسيّر في الظلام ووجه التقرير انتقادات لطريقة تسيير الحكومة للصناديق الخاصة التي بلغ عددها 70 صندوقا "و صارت تعيق تسيير هذه الأموال وأصبح مشكلا في ظل غياب المتابعة المنتظمة وغياب التقييم الدوري على مستوى الاجتماعي والاقتصادي. وضمن عدة أمثلة عن التسيب في تسيير الاستثمارات العمومية الممولة من الخزينة العمومية، قال التقرير إن المخصصات المالية التي استفاد منها مشروع إنجاز فندق "ماريوت" في تلمسان بمبلغ 1500 مليار سنتيم لصالح مؤسسة الاستثمار الفندقي، شكلت خرقا للأحكام السارية، ما جعل المشروع يفلت من الرقابة قبل وبعد تنفيذه، مع غياب دراسة الجدوى وغياب تقييم المشروع وأثره فيما يخص تسديد القرض الممنوح لهذه المؤسسة، وشكك التقرير قي طريقة صرف 30 مليارا من أموال صندوق التضامن الوطني خصصت لشراء مواد مدرسية لفائدة الأطفال المحرومين وإعانات لنحو 14 ولاية أخرى. وفيما يتعلق بالتحكم في الضريبة والإتاوة البترولية من قبل إدارة الضرائب، قال إن "هذه الأخيرة تتلقى تصريحات لأرقام الأعمال على أساس قائمة تعدها المصالح المالية لسونطراك وشركائها دون إخضاعها إلى تقييم مسبق .