انتقد مجلس المحاسبة ''غياب الشفافية والصرامة'' في تسيير أموال قطاعات حكومية عديدة، خصوصا قطاعي التربية والتكوين والصناديق والحسابات الخاصة للخزينة العمومية، ومن ذلك غياب حسابات الاستعمال (حصيلة الإنفاق) . استدل مجلس المحاسبة في تقريره المسلم إلى البرلمان، والذي حصلت ''الخبر'' على نسخة منه، بخصوص تنفيذ ميزانية عام 2009، في أحكامه بتسيير الأموال المخصصة للمطاعم المدرسية، ولاحظ أن تنظيم وإجراءات التسيير المالي والإداري للأموال المخصصة لهذه المطاعم متناقضة مع الترتيبات التنظيمية، وسجل على سبيل المثال ارتفاع الإعانات بما يقدر ب390.12 مليار دينار مقابل 938.11 مليار في سنة 2008 موجهة ل6811 مؤسسة، ويورد أن العلاقة بين حجم الاعتمادات الممنوحة والاحتياجات المعبّر عنها ليس قائمة أو ما أسماه ''معطيات غير متحكم فيها في غياب مقاييس كلفة الوجبات ومراقبة عدد التلاميذ المعنيين بالإطعام''. ولاحظ مجلس المحاسبة أن وزارة التربية تخصص سنويا مبالغ هامة لتشجيع النشاطات الثقافية والرياضية في الوسط المدرسي، وتوضع هذه المبالغ تحت تصرف الاتحاديات الولائية لمواجهة الخدمات التكميلية للمدارس والفدراليات والاتحاديات الوطنية، لكن الوزارة الوصية ''لا تقوم بأي عملية متابعة أو رقابة لشروط استعمال هذه الأموال''، وأخطر من ذلك يورد التقرير أن ''بعض هذه الاتحاديات والفدراليات لا يملك اعتمادا ولا ترسل تقاريرها الأدبية والمالية في نهاية السنة إلى الوزارة، ما يتعذر على الوزارة ذاتها التأكد من احترام عقود البرامج التي منحت على أساسها هذه الاعتمادات''. وتناول التقرير تسيير المخصصات المالية للديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار، المقدرة ب5,2 مليار دينار، ولاحظ أنها ''لم تحظ بالمتابعة السليمة وأن النصوص التنظيمية المسيرة لعمل الديوان لم تر النور لحد الآن''. ولاحظ مجلس المحاسبة من جديد استمرار ظاهرة إعادة النظر في تقييم رخص البرامج (المشاريع)، ويعود ذلك إلى عدم إنضاج هذه المشاريع وعدم التحكم في تركيبتها المادية ونقائص في قيادة المشاريع. كما انتقد التقرير رغم مبادرة قطاعات التربية والتعليم العالي والصحة بسد النقص في المناصب والاعتماد على موظفين مؤقتين رغم الحاجة إلى موظفين وأساتذة دائمين. وتضمن تقرير المجلس في تقييم النتائج المالية المسجلة مستويات ضعيفة في التنفيذ المالي للبرامج الملتزم بها، ومن ذلك البرنامج التكميلي للتنمية 2005 2009 بلغت حدود 4,32 بالمائة فقط، وتنمية مناطق الجنوب قدرت ب37 بالمائة، البرنامج الخاص لإعادة البناء ب95 بالمائة فقط. وأرجع التقرير السبب في تخلف إنجاز البرامج إلى قيام القطاعات الوزارية بتسجيل عمليات جديدة، في حين تعرف عملياتها السابقة تأخرا هاما، أو أنها لم تنطلق، ما أدى إلى ضعف معتبر في استهلاك الاعتمادات الممنوحة وإلى انعكاسات على التنمية المبتغاة للقطاعات المعنية. وأوصى المجلس بهذا الخصوص وزارة المالية بوضع أدوات تسمح بتقييم صارم للبرامج حتى تتحكم أكثر في التقديرات وترشيد النفقات. وسجل المجلس للعام الثاني في تقريره خروقات في تسيير الحسابات الخاصة للدولة (الصناديق الخاصة) ومن ذلك الصندوق الخاص لوزارة الثقافة، واعتبر أن استخدام اعتماد الصندوق لم يتم ضمن ظروف تسيير ملائمة، كما لم يتم تزويد المجلس بالوثائق الثبوتية اللازمة والضرورية. وصدر نفس الحكم في حق تسيير الصندوق الوطني للتضامن، حيث ''يفتقد تسييره إلى الصرامة والشفافية وهو ما يضر بمصالح الخزينة''. واهتم التقرير الخاص بعام 2009 بوضعية قطاع الضرائب، مشيرا إلى صعوبة عمل الناشطين في القطاع خلال تنفيذ جمع الرسوم على الأملاك وتحصيل الجباية، وأرجع ذلك إلى غياب مسح عام للأراضي وعدم وجود جرد عام ونقص المتابعات من قبل إدارات الضرائب وعجز في مجال التنسيق بين إدارتي الضرائب والأملاك العمومية والسجل التجاري والجمارك إلى جانب افتقاد القطاع لأدوات عمل والتأطير.