صدرت مؤخرا الطبعة الجزائرية لكتاب مصطفي شريف «الإسلام والغرب لقاء مع جاك دريدا» عن دار البرزخ. الكتاب عبارة عن حوار مطول ونقاش جمع المؤلف مع الفيلسوف الفرنسي عاما قبل وفاته في معهد العالم العربي بباريس في ربيع 2003 على هامش اختتام سنة الجزائر في فرنسا خلال ملتقى خصص لتكريم كبار الوجوه التي كان لها دور في الحوار الحضاري. اللقاء تم بحضور العديد من الفلاسفة والمفكرين أمثال أندري ميشال، جمال الدين بن شيخ، أندري موندوز وجان بيار شوفانمون. الكتاب عبارة عن شهادة عصرية يتناول العديد من المسائل ذات العلاقة بمشاكل العصر مثل الحوار بين الحضارات، العولمة، أسباب العنف والتطرف في العالم. أهمية الكتاب ليست فقط في ناحية المضمون لكن أيضا في التوقيت الذي ينزل فيه الكتاب للأسواق، حيث يشهد العالم تصعيدا في موجة التطرف واللاتسامح حيث سبق للمؤلف مصطفي شريف أن كان ضيفا على بابا الفاتيكان وهو اللقاء الذي وصفه بالايجابي كونه تطرق إلى عدة نقاط ذات علاقة بالإسلام وسوء التفاهم والخلط الواقع بين الإرهاب والدين الإسلامي وهذا راجع لمسؤولية مشتركة بين المسلمين الذين يعيشون امنيزيا الذاكرة والمسيحيين الذين يعانون النظرة المسبقة للمسلمين، وقد اتفق الطرفان على وجوب تجديد اللقاءات وعقد لقاء دولي لفتح المزيد من النقاش بين الطرفين. في الكتاب، الذي صدر على هامش ملتقى جاك دريدا المنعقد مؤخرا بالحامة، تحدث الفيلسوف الفرنسي الراحل »كجزائري مازال يحتفظ بفضل اللغة العربية التي طبعت طفولته عندما كان يستمع لتراتيل الصلاة الإسلامية التي تشبه الموسيقي«. دريدا تحدث إلى مصطفى شريف متمسكا بجزائريته كواحد جاء قبل الاستعمار بحيث كان من اليهود الذين تجنّسوا بالجنسية الفرنسية طبقا لقانون كريميو عام 1870 ويعترف بالدور الذي قدمته الثقافة الجزائرية لاحتضان هذه الشريحة طيلة عقود من الزمن. ويرى جاك دريدا أن من أسباب العداء الأبدي بين المسيحيين والمسلمين، هو تمسك كل طرف بنظرته المسبقة للأشياء. ويرى ذات المتحدث أن الديمقراطية يجب أن تخرج من إطار القطرية والمفاهيم الجاهزة نحو مفهوم »المستقبل«، كما يرى أيضا أن مستقبل الحوار بين الطرفين يجب أن يخرج من إطار الثنائيات الاقصائية نحو فضاءات أرحب تبحث في المساحات المشتركة والأطر التي يمكنها أن تسع كل الأطراف. الكتاب حوار هادئ بين رجلين من رجال الفكر بعيدا عن السياسة والإقصاء الديني والصراع الأبدي بين المسلمين واليهود والمسيحيين. زهية. م