تجدّد الحديث هذه السنة مع حلول موعد الدخول المدرسي عن ظاهرة الثقل المفرط للمحافظ المدرسية ، التي أصبحت تشكل أمرا مؤرقا ومشكلة حقيقية لتلاميذ الطور الابتدائي وأوليائهم، خاصة بعد أن أثبتت الدراسات الطبية أن هذا الأمر له تأثير سلبي على صحة الأطفال، وإذا كان العديد من الأولياء يؤكدون في هذا الخصوص أن أبناءهم يحملون حوالي نصف وزنهم من الكتب والكراريس، فإن تقارير الخبراء تقول بأن وزن محافظ التلاميذ يجب ألا يتعدى 10 في المائة من وزنهم، وبالرغم من وعود وزير التربية بتخفيف المقرّرات المدرسية، مما يتيح للتلميذ فرصة التخلص من الكراريس والكتب الزائدة، إلا أن ذلك لم يدخل حيز التطبيق لحد الآن. للوقوف على هذه الظاهرة أجرت "الأيام" لقاءات مع مجموعة متنوعة من الفئات، أين قمنا بجولة في إحدى المدارس الابتدائية ونقلت بعض آراء التلاميذ على غرار التلميذ "عمر" تلميذ في السنة أولى ابتدائي والذي كانت إجابته على النحو التالي، أحمل 11 كتابا مدرسيا في كل يوم إضافة إلى مجموعة كثيرة من الكراريس والمقلمة، وأستعين بأمي لحملها لأنها ثقيلة جدا، ومعلمتي في القسم تطلب منا إحضارها بصفة منتظمة. أما الطفلة "نزهة" تلميذة في السنة الثالثة ابتدائي والتي أجابت، أحمل يوميا ما لا يقل عن 05 كتب في اليوم الواحد، ولا أستطيع تركها في المنزل لأن المعلم يطلبها دائما، ونستغلها أثناء الدرس ونقوم بالأنشطة الموجودة فيه.
أطفال المدارس: محافظنا ثقيلة لكن لا نستطيع تركها في المنازل إضافة إلى ذلك إجابة الطفلة "كاميليا" وهي تلميذة في السنة الخامسة ابتدائي، أتمنى من إدارة المؤسسة أن تتدخل وفي القريب العاجل، من أجل حل مشكلة ثقل الكتب المدرسية، فأنا مجبرة على إحضارها في كل حصة لأننا دائما ما نستغلها في القسم، كما نستعين بها لحل مختلف التمارين والقيام بالأنشطة العلمية والرياضية واللغوية الموجودة في الكتب، لكن عندما أفكر في كل صباح في حملها، أتردد كثيرا في الذهاب إلى المدرسة رغم إرادتي الفولاذية والقوية في حب التعلم، لكن أعرف الكثير من التلاميذ يعجزون عن إحضارها بسبب ثقلها الكبير، ويلقون العتاب من المعلم. وأمام هذه الظاهرة المقلقة فإن إدارة المدرسة لم تفكر يوما في حل جذري لهذه المشكلة، ولا ندري لماذا؟
أولياء: فلذات أكبادنا يعانون فهل من حلول؟؟
وفي هذا الإطار عبر أولياء تلاميذ الطور الابتدائي عبر مختلف المدارس المنتشرة عبر تراب بومرداس عن استياءهم وتذمرهم الشديدين، من معاناة فلذات أكبادهم من ثقل المحافظ المدرسية، حيث أنهم يحملون فوق ظهورهم مكتبة متنقلة يوميا بوزن يفوق وزنهم، وكأنهم يتدربون في ألعاب القوى نتيجة الآلام التي تنتابهم عند رجوعهم، الأمر الذي يشكل خطرا على صحتهم بشهادة الأطباء، مما جعل الأولياء يرافقونهم صباحا ومساء لمساعدتهم في حمل حقائبهم، وبالتالي تجنيبهم خطر تشوهات العظام وغيرها من الأمراض الأخرى، التي قد تصيبهم من هذه الحالة. لهذا يطالب هؤلاء من الوزارة الوصية التدخل العاجل من أجل التخفيف عن أبناءهم من هذه المعاناة. في ذات السياق قال "س.محمد" وهو أب لطفلين "كثيرا ما أضطر لمرافقة ابني وحمل محفظته لأن وزنها يفوق طاقته" وأضاف قائلا " ثم أعود في المساء مجددا إلى المدرسة وأنتظر خروجه لأخلصه من نقل المحفظة"، وتشاطره الرأي السيدة "مريم" وهي أم لثلاثة أطفال، اثنين منهم في المدرسة "لا أخفي عنكم أن ابني الأصغر يدرس في السنة الأولى ابتدائي يشكو ألما في ظهره دائما، هذا إلى جانب الإرهاق المستمر له، حتى أنه أحيانا يطلب مني عدم الذهاب إلى المدرسة.
معلمون: نقر بوجود الظاهرة ونعمل على التخفيف من خطرها
أما بخصوص أراء المعلمين فقد أكدت لنا معلمة بمدرسة "محمد بوحاوش" ببلدية "دلس" شرق بومرداس "سعينا لأن نخفف من ثقل المحافظ على التلاميذ لأننا نعرف أن ذلك سيؤثر على صحتهم وتركيزهم طبعا، وقمنا بوضع قائمة لأدوات الصباح وأخرى خاصة بأدوات المساء، حتى نسمح للتلاميذ باستبدالها قبل الحضور إلى المدرسة وذلك من أجل التخفيف عنهم ". في حين أكدت معلمة أخرى تدرس بإحدى المدارس الابتدائية المتواجدة ببلدية "برج منايل" شرق بومرداس " أن التلاميذ يصلون في الصباح الباكر مرهقين، كونهم يحملون معهم محافظ ثقيلة بالكتب والكراريس، ما جعلهم يشكون يوميا من آلام في الظهر" كما لم يخرج رأي المعلمين عن دائرة أهمية الكتب المدرسية في عملية التعلم والقيام بالأنشطة المختلفة فلا مجال للاستغناء عن هذه الوسيلة، خاصة وأن الطريقة الجديدة في التعليم والمتعلقة بالمقاربة بالكفاءات والتي تتطلب استغلال كل الوسائل التربوية الممكنة لتحقيق الفعل التربوي وتجسيد الأهداف المنشودة، فلم تعد الطريقة الكلاسيكية ناجعة في الوقت الحالي، بل علينا أن نساير التطور الحاصل ونجعل من المتمدرس الأداة الفعالة ليكتشف لوحده الأهداف التربوية باستغلال قدراته الفكرية والعقلية، ليتحول من متلقي إلى عنصر فاعل فيكون بمثابة المحرك الأساسي في العملية التربوية، ولا شك أن هذه الطريقة هي السبيل الوحيد لإدماجه في مختلف النشاطات التربوية والعلمية والمعرفية.
أطباء: إلى جانب الأمراض العديدة..المحافظ الثقيلة تِؤثر حتى على نفسية الأطفال
في سياق موازي أكد طبيب مختص بالمستشفى الجامعي ببومرداس، أن المحافظ الثقيلة تصيب التلاميذ بأمراض عدة بسبب ثقلها المبالغ فيه" وأضاف قائلا " أن خطورة هذه المحافظ تكمن في أن أعراضه لا يقتصر على آلام الظهر فقط، بل تتسبب في الإرهاق والتعب بسبب ضيق القفص الصدري من الجهة المقابلة للاعوجاج الذي يضغط على الرئة، إضافة إلى تشويه شكل الجسد وظهور الحدبة". وقال أن بعض المشاكل الصحية بدأت تنتشر كثيرا في أوساط تلاميذ المدارس الابتدائية، ومن مظاهرها التواء في العمود الفقري يمينا أو يسارا لأسباب عديدة. وأضاف طبيب آخر بمستشفى "الثنية" شرق بومرداس، أن بعض التلاميذ يضطرون إلى حمل كل أدواتهم المدرسية في الصباح، لأنهم يقطنون بعيدا عن المدرسة، ويتلقون في اليوم الواحد من 6 إلى 7 حصص، لذا فإن الوزن الذي يحملونه معهم قد يقارب ال 10 كيلومترات، فيما لا يتعدى وزن الطفل في السادسة أو السابعة 23 كيلوغراما، أي أن التلاميذ مجبرين يوميا على حمل نصف وزنهم على أكتافهم، فيضطرون إلى الانحناء إلى الأمام لضمان التوازن، ليجدوا أنفسهم مع مرور الوقت مصابين بعدة أمراض على مستوى الظهر خاصة، حيث أشار إلى أنه لا يجب أن يتجاوز وزن المحفظة 10 بالمائة فقط من وزن التلميذ" من جهتها أكدت الأخصائية في علم النفس المدرسي السيدة "س.لامية" أن المحفظة الثقيلة لها تأثير سلبي على نفسية التلاميذ، مما قد يؤثر سلبا على تحصيلهم التعليمي والمعرفي." في انتظار الحلول العملية..البراءة تدفع الثمن
هذا وتبقى هذه الظاهرة مطروحة للنقاش بالنسبة لأهل الاختصاص وأخذها بشكل جدي، وذلك قصد النظر فيها ومعالجتها في الوقت المناسب، حتى لا تتحول النعمة إلى نقمة أي نعمة الدراسة إلى نقمة للفرار منها، ولا مناص من أن المعنيين بالأمر يدركون جيدا المخاطر الناجمة عن هذه المشكلة، ومعالجتها ستكون وفق مصلحة التلاميذ بالدرجة الأولى، لأن المدرسة لم تكن يوما عبئا ثقيلا على التلميذ، بل وسيلة ناجعة للحصول على المعرفة والتعلم وضمان مستقبل زاهر، كما يتمناه الأولياء وحتى الأسرة التربوية بدون استثناء. محافظ تزن الأطنان والضحايا براءة مقبلة على الدنيا بمعاناة
أجمعت آراء أولياء التلاميذ بولاية الطارف على أن تمدرس أبنائهم أصبح يشكل بالنسبة لهم هاجسا حقيقيا، حتى أن معظمهم لم يتمكنوا من تجاوزه لحد الآن بسلام، بالرغم من تجريبهم للعديد من الحلول، ويتشكل هاجس الأولياء من نقطتين أساسيتين، فأما الأولى فتتعلق بالمصاريف الثقيلة التي عليهم توفيرها لاقتناء الأدوات والكتب المدرسية لأبنائهم، وأما الثاني فيخص الثقل الكبير للمحفظة على أبنائهم بالنظر إلى ما يشكله ذلك من معاناة ومخاطر على صحة الأطفال الأبرياء. وحسب «ب.محمود» وهو أستاذ بالطور المتوسط فإنه تجاوز محنة التكاليف الباهظة للأدوات والكتب المدرسية ورغم أنه أب لتلميذ واحد فقط، إلا أنه لم يستطع إيجاد حل لمعضلة ثقل المحفظة التي يحملها ابنه المتمدرس بالسنة الأولى ابتدائي، ذلك أنها تضمن 5كراريس و6كتب ومقلمة بها كل أنواع الأقلام وأدوات التلوين، فضلا عن اللمجة التي ينقلها معه يوميا، ويضيف ذات المتحدث أنه فضلا على أنه يتكفل بحمل المحفظة مكان ابنه في غالبية الأوقات حتى يتجنب أن يصاب بضرر ما جراءها مؤثرا الضرر على نفسه. أما «ك.سعيد» الموظف بإحدى الإدارات فاكتفى بالقول «سلمت أمره لله»، لاسيما أنه لا يمكنه حمل محافظ أبنائه الثلاثة بسبب اختلاف جداول توقيتهم وإجبارية التحاقه بعمله في حدود الثامنة صباحا، وهو ما دفعه مكرها إلى التسليم بحتمية ما يحصل، محاولا إن صح تسميته كذلك تجاهل رؤية أبنائه يتعذبون يوميا في حمل محافظ تكاد تساوي أوزانهم. من جهته «سعيد» أكد أن تكاليف الأدوات المدرسية لأبنائه الثلاثة كلفته أجرته الشهرية كاملة، بل إنه فوق هذا اضطر إلى الاستدانة لضمان تغطية احتياجات المنزل إلى غاية نهاية الشهر، وهو ما انطبق على «الطاهر» العامل بالمركز الجامعي بالطارف والآلاف من أمثاله ممن لم يتحملوا تكاليف اقتناء الكتب والأدوات المدرسية. أصحاب المكتبات: "حجم المحافظ يحرج أجساد التلاميذ"
ومن جهة أخرى وخلال زيارتنا لبعض المكتبات بمدينة الطارف لاستطلاع آراء أصحابها حول هذا الموضوع وقفنا على إجماع هؤلاء بأن وزن محافظ التلاميذ أصبح في السنتين الأخيرتين قضية حقيقية تشغل بال جميع المهتمين بالشأن التربوي في بلادنا، وأكد لنا هؤلاء أنه وزيادة على حجم المحفظة الذي أصبح بالفعل يحرج كثيرا أجساد الأطفال التي لم تقوى على حملها، فإن تكلفة الأدوات المدرسية ومجمل ما يحتاجه التلميذ أصبحت تشكل عبئا ثقيلا على الأولياء نظرا لارتفاعها المتواصل سنة بعد أخرى، فخلال هذه السنة سجل ارتفاع في أسعار الكراريس وملحقاتها من أقلام ونحو ذلك بنسب خيالية جدا، وهو ما كلف الأولياء أضعاف ما صرفوه خلال الموسم الدراسي الماضي، بالإضافة إلى قضية تغيير الكتب المدرسية مع حلول كل موسم دراسي جديد وما يتطلبه ذلك من ضرورة شراء كتب جديدة كل سنة، كما تحدث بعض المكتبيين عن غياب الجودة فيما يخص الأدوات المدرسية لهذه السنة، التي أصبحت تبدو وكأن مدة صلاحيتها محدودة، ما يعني أن الأولياء يبقون في كل مرة ملزمين بتجديد اقتناء بعض الأدوات أكثر من مرة خلال السنة الدراسية الواحدة خصوصا المحافظ منها.
وزن المحفظة ببلادنا يصل إلى 15 كلغ! أكد معظم أولياء التلاميذ في حديثهم ل"الأيام" أن وزن المحفظة يتراوح ما بين 10 إلى 15 كلغ، وهو ما يعتبر خطرا على صحة التلاميذ في الطور الأول، حيث أجمع معظمهم على أن ما يسمى مراجعة الدروس بالبيت لم يعد ممكنا البتة، وذلك بالنظر إلى التعب الكبير الذي يصيب التلميذ جراء حمل المحفظة ذهابا وإيابا مرتين في اليوم، بالإضافة إلى إمكانية إصابة العديد منهم بأمراض على مستوى الهيكل العظمي والعضلات أيضا، ويأتي ذلك نتيجة الإجهاد الكبير. دراسة علمية: وزن المحفظة يجب ألاّ يتجاوز 10 بالمائة
هذا وتحدث الكثيرون عن المبادرات التي قدمتها الفدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ لوزارة التربية للقضاء على هذا المشكل من دون أن تتوصل الأخيرة إلى حل منذ سنتين، كما أشار آخرون إلى بعض تجارب الدول الأوربية التي سنت قوانين في هذا الإطار بعد إجرائها لبحوث علمية دقيقة حول تأثيرات وزن المحفظة على صحة التلميذ من ذلك ما يقره القانون "النرويجي" الذي لا يسمح بأن لا يتجاوز وزن المحفظة ال10 بالمائة من وزن التلميذ تجنبا حسب دراسة علمية لإصابة هذا الأخير باعوجاج في العمود الفقري وتمدد ووهن في عضلات الذراعين والرقبة، مما يؤثر حتميا على قدراته الاستيعابية، وهذا ما نجده مغيبا لدينا في الجزائر، حيث يفوق وزن المحافظ في الغالب هذه النسبة ويتعداها بكثير، فقد يتجاوز في بعض الأحيان وزن المحفظة وزن التلميذ، وبالأخص تلاميذ المرحلة الابتدائية الذين يعانون بصورة يومية من هذا المشكل على اعتبار أن هذه الفئة العمرية لا تزال في مرحلة النمو، كما توجد بعض المحفظات غير صالحة للاستعمال من الناحية الصحية، على أساس أن استعمالها ينطوي على أخطار تهدد صحة الأطفال وسلامتهم لعدم توفر المواصفات اللازمة فيها، وإضافة إلى ثقل وزن المحفظة وتأثيرها على صحة الطفل تبرز مع كل عودة مدرسية مشكلة عدم ملائمة بعض المقاعد الدراسية لبنية الطفل الجسمانية بسبب طول قامته مثلا، مما قد يؤثر سلبا على فقرات العمود والظهر، وطالبت جميع الآراء التي استقيناها بالطارف على ضرورة التخفيف من وطأة ثقل المحفظة المدرسية ومعاناة التلاميذ خاصة منهم أولئك الذين يقطنون بالأرياف ما يعني أنهم مجبرون يوميا على قطع مسافات طويلة للوصول مؤسساتهم التربوية.
ثقل المحفظة هاجس الأطفال والأولياء
المتتبع ليوميات الطفل المتمدرس يلاحظ بلا شك الثقل الذي يميز المحفظة لاسيما عند تلاميذ الطور الابتدائي، ويعود السبب إلى كمية وحجم الكتب التي يحملها يوميا معه إلى المدرسة خاصة أولئك الذين يسكنون بعيدا عنها، وهو ما يحول دون قيامهم بعملية تبديل أدواتهم حسب التوقيت اليومي للفترة الصباحية والمسائية، بل إن ذلك حتم عليه أخدها دفعة واحدة، وتصوروا 4حصص صباحا بكراريسها وكتبها ومثيلتها مساءً ليكون بذلك الطفل يحمل على الأقل ما وزنه 10 كلغ يوميا. البراءة تشتكي من ثقل المحافظ
الأطفال وبالرغم من صغر سنهم إلا أنهم أدركوا خطورة ذلك على صحتهم في ظل وجود فوارق صحية وجسمية بين الأطفال، وعبروا عن عدم رضاهم، فهذا الصغير «أيمن» ابن ال9 سنوات اشتكى ل"الأيام" آلام الظهر جراء تواصل معاناته في حملها لفترة طويلة، وما زاد حسبه من حجم معاناته هو أنه حتى وقت الفراغ يقضيه وزملاءه بالقرب من المدرسة، على اعتبار أن منزله بعيد ولا يمكننه وإياهم الذهاب ثم العودة في وقت قصير، أما «نسرين» التي لا يتعدى عمرها ال6 سنوات، فقالت أنها تستعين صباحا في حملها بأخيها الأكبر الذي يرافقها إلى غاية باب المدرسة ليغادر ويعود مساءً ليحمل عنها ذلك الثقل، وبدوره «شعيب» صاحب11 عاما يدرس بالسنة الخامسة وهو ذو بنية ضعيفة أفاد قائلا:"محفظتي الأولى تمزقت بفعل الثقل وكذا لرداءة المادة الأولية التي صنعت منها، وأنا حاليا أتعمد عدم إحضار كتبي كلها، وقد اهتديت أنا وزميلي إلى طريقة لتخفيف الثقل عنا بالاتفاق مسبقا على الكتب التي يحضرها كل واحد منا وندرس مع بعضنا بكتاب واحد".
المعلمون يدقون ناقوس الخطر والمبادرة كانت بحلول بسيطة
الأساتذة والمربون من جهتهم دقوا ناقوس الخطر، واتفقوا على أن الثقل الحالي للمحفظة يعد بمثابة عقاب يومي للأطفال، وبالخصوص ذوي البنية الجسمية النحيفة وكذا أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة، حيث لا يقوون على حملها يوميا بالكمية المطلوبة من الأدوات، وعلى هذا الأساس طالب هؤلاء بضرورة التخفيف من الحجم الساعي اليومي للطفل، وكذا من الكتب التي لا يرون ضرورة في الكثير منها مقترحين إمكانية دمجها تخفيفا على الأبناء، من جهته المعلم «محمد» يقول أنه يتعمد ترك أدوات التلاميذ داخل القسم أثناء نهاية الفترة الصباحية حتى يريح الأطفال من عناء حملها لمدة ساعتين من الزمن، وهي المدة التي تفصل الفترتين عن بعضهما البعض لاسيما والحجرة تخص فوجه فقط، وبدورها «شافية» تقول أنها تضطر إلى إبقاء بعض الكتب التي تخص الأنشطة في خزانة القسم، وذلك حتى يجد الطفل راحته في حمل المحفظة.
الأولياء يطالبون الوزارة بالتدخل العاجل
الأولياء ومع كل دخول مدرسي جديد يتفننون في إختيار المحافظ كل حسب ذوقه وحسب رغبة أبناءه، وحرصا على شراء الجيدة المتينة منها، غير أن نوعيتها في السوق الجزائرية لا تبعث على الارتياح إطلاقا، فالمحفظة التي تحمل مثل هذه الكمية من الأدوات يجب أن ترقى إلى الأحسن، فهذا الأب «صالح» يقول:"اشتريت واحدة لابني رأيت أنها متينة وتساعده خاصة وهي بعجلات صغيرة يمكنه جرها إلا أنها لم تعمر سوى شهرا واحدا، وأنا الآن مطالب بواحدة أخرى، وتصوروا مرّ من زمن الدراسة شهر واحد فكم واحدة يلزمني إلى غاية نهاية السنة الدراسية"، أما «حسين» فيقول اشتقت إلى محافظ السنوات الماضية، تصور محفظتي درست بها أربع سنوات وتخليت عنها ليس لأنها تمزقت، بل لقدمها، ونحن الآن نطالب بعودة تلك المحافظ التي يتم صنعها هنا بالوطن وكفانا من «شيفون» الآخرين التي يتم تزيينها بالصور الجميلة لتحقيق انبهار الأطفال بها، وأمثالي في طلبي بعودة منتوجنا كثر على اعتبار أن منتوج بلادنا يهمهم ويحبون أن يجدوه في كل مكان خاصة تلك الموجهة للأطفال كالمحفظة والأدوات المدرسية الأخرى التي تلازمه يوميا والتي لا تشكل على أبنائنا المتمدرسين أية خطورة، وبالخصوص من الجانب الصحي، كما لابد على التجار والمستوردين أن يراعوا صحة أبناءنا بالدرجة الأولى، كما أن وزارة التربية الوطنية مطالبة بالإسراع -لكونها الوصية على المناهج التربوية- إلى التخفيف من التوقيت اليومي للطفل وتجسيد الحلول التي تراها كفيلة بالتخفيف من ثقل المحفظة عليه كإدراج الخزائن الحائطية داخل الأقسام وحجرات الدراسة على الأقل كخطوة مبدئية منها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن ترتفع معدلات إصابة أبنائنا بإعوجاج العمود الفقري ونحو ذلك" .