يشتكي الكثير من سكان المناطق الريفية النائية على مستوى بلديات ولاية الشلف من غياب النقل العمومي، بفعل عزوف الناقلين عن استغلال الخطوط والمسالك التي توصل هذه القرى والمداشر بمراكز البلديات، الأمر الذي يبقي هؤلاء السكان في شبه عزلة، فضلا عن معاناتهم اليومية للالتحاق بمراكز البلديات سواء لقضاء بعض المصالح الإدارية أو الالتحاق بمقاعد الدراسة أو أماكن العمل. أبواب الاستثمار مفتوحة والعزلة نصيب الكثيرين
حيث أنه ورغم فتح مديرية النقل الباب أمام المستثمرين في قطاع النقل لاستغلال الخطوط الريفية وشبه الحضرية، إلا أن عزوف الناقلين والمستثمرين لا يزال قائما رغم ارتفاع معدل الكثافة السكانية بتلك المناطق على خلاف النقل الحضري وحتى شبه الحضري، هذا الأخير الذي يعرف تشبعا في عدد الحافلات المخصصة لنقل المسافرين، غير أنه وفي مقابل ذلك يعاني سكان المناطق الريفية والنائية أوضاعا مزرية، كما يعاني المواطنون القاطنون بتلك الجهات الأمرين جراء الانتظار الطويل عسى الحظ يحالفهم فتمر أمامهم إحدى مركبات النقل، خصوصا بالنسبة لأولئك الذين يودون الذهاب إلى المراكز الصحية المتواجدة بمراكز البلديات.
مركبات لنقل البضائع أم البشر..! كما يبرر ناقلو الخطوط الريفية عزوفهم عن اتخاذ بعض المسالك الريفية إلى المشاكل التي أضحت تعترضهم خلال عملهم اليومي بتلك المناطق، فعلاوة على المردودية القليلة والتي لا تكفي لتغطية مصروف اليوم الواحد من أجرة السائق، الصيانة والمازوت، يعاني هؤلاء الناقلون من الإعطاب المتكررة والتي تتعرض لها مركباتهم والتي ليست في معظمها إلا عبارة عن شاحنات مهيأة محليا، على اعتبار أنها كانت في وقت سابق عبارة عن وسائل لنقل البضائع لا غير، ما يعني أنها حوّلت عن مهامها الأساسية من نقل للبضائع كما سبق الذكر إلا نقل للبشر، وفي مقدمتها حافلات "الصافيام" ذات اللون الأزرق والتي تعود إلى فترة الستينات، والتي بقي البعض منها يعمل، وحافلات «بيجو» ذات الطراز القديم عكس الحالي.
التوقف هنا أو هناك بحسب مزاج السائق هذا ويعاني الزبائن مع هذه أصحاب تلك المركبات كون أنهم ملزمون على الانتظار طويلا حتى تمتلئ أولا قبل أن تتحرك من موقعها، ويتوقف ذلك على مزاج السائق الذي يرجع إليه أمر الإقلاع من عدمه، كما أن لا شيء يمنعه من الوقوف أو عدم التوقف في محطات لا توجد إلا في مخيلته وحسب ما يشاء هو، وغالبا ما تحدث مناوشات بين السائق والزبائن الذين يحتجون على عدم إيصالهم إلى المحطة القريبة من مساكنهم بحجة عدم وجود موقف ثابت، ولكن الأمر سيكون معاكسا في حال ما إذا أراد السائق نقل زبائن جدد فكل الطريق عبارة عن مواقف ثابتة ومتحركة ومشروعة بتصورهم، ما دام المهم عندهم كسب دنانير إضافية.
عزلة دائمة والمواطن الخاسر الأكبر هذا وتتصادف أحيانا أن لا يتوقف السائق في النقطة المطلوبة من طرف الزبائن، إلا إذا كان هناك زبائن آخرين ينتظرون هناك، وفي حال فراغ الطريق فإنه يرفض ذلك وعندها يضطر هؤلاء المواطنون إلى تحمل السير على الإقدام إلى غاية الوصول إلى مساكنهم، ويزداد الأمر صعوبة خلال الأيام الشتوية الباردة والماطرة، فوقتها يجد المواطنون على مستوى تلك المناطق صعوبة بالغة في أخذ المسالك غير المعبدة، والشأن نفسه يقال بالنسبة للسائقين الذين يفضلون إنزال الزبائن عند أطراف المداشر وعلى طول الطرق المعبدة، دون الوصول إلى المحطة النهائية، كما يتجنب الكثير من السائقين والناقلين الاشتغال على هذه الخطوط رغم عدم وجود مراقبة أمنية لوزن الحمولة أو مراقبة عدد المقاعد المرخص بها إلا أحيانا خلال دوريات الدرك الوطني، بخلاف المراقبة المكثفة على باقي الخطوط الأخرى .