الرهان على تطوير المصانع العمومية لتغطية 75 بالمائة من حجم السوق طالبت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية مصانع الحليب العمومية بإنتاج 50 بالمائة على الأقل من الحليب المبستر والمعلب المعروض بالسوق الجزائرية، بهدف ضمان تغطية الطلب الوطني واستقرار سعر هذه المادة التي يصل سعر إنتاج الكيس الواحد منها قرابة 50 دينارا جزائريا، فيما تتحمل الدولة عبء الهامش. ذكرت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية أمس الأول، في بيان تلقت "الأيام" نسخة منه، أنها وجهت مذكرة لمصانع الحليب العمومية المنتشرة عبر الوطن، من أجل تعزيز وإدماج فرع الحليب والتي ستدخل حيز التنفيذ بعد شهرين وتحديدا ابتداء من الفاتح من شهر جانفي2011، حيث أشارت خلالها إلى أن الوحدات العمومية ملزمة بضمان إنتاج 50 بالمائة من الحليب المبستر والمعلب المعروض على السوق الوطنية، على أن يستفيد المحولين من مسحوق الحليب بأسعار مدعمة بغرض تحقيق وفرة الحليب المبستر والمعلب على مستوى مختلف أسواق الوطن بسعر محدد ب 25 دينارا جزائريا، وتغطية كاملة للطلب المحلي على هذه المادة الذي يتراوح في حدود 1.2 مليار لتر. وذكرت المذكرة ذاتها التي عرضتها الوزارة على اللجان المهنية المشتركة الوطنية والجهوية لإعطاء المزيد من المعلومات، في الشق المتعلق بالملبنات الخاصة، أنه سيتم اللجوء إليها للمشاركة في تغطية ال 50 بالمائة المتبقية على أن تستجيب إلى البنود التي ينص عليها دفتر الشروط الجديد، مضيفة أن انضمام مصانع الحليب الخاصة لهذا الإجراء يبقى طوعيا وفرديا، باعتبار أن الأولوية ستعطى للمصانع التي تساهم في تطوير الإنتاج الوطني وفي جهود الإدماج للقضاء على فوارق السوق وتحقيق استقرار على مؤشرات الإنتاج والأسعار. وفيما يتعلق بمصانع الحليب المتواجدة بالمناطق السهبية والصحراوية والتي تبدي اهتماما بشأن صنع الحليب المبستر والمعلب، فقد ذكرت الوثيقة ذاتها، أن الديوان الوطني المهني المشترك للحليب بصدد إعداد اتفاقية خاصة في هذا الشأن وفق بنود جديدة تختلق عن تلك المطبقة بشمال الوطن. تسويق قرابة 5 ملايير لتر من الحليب خلال 2009 هذا وقد تم خلال ال 12 شهرا التي مضت من عام 2009، والتي اتخذت كسنة مرجعية لتطبيق القرار الجديد، تسويق قرابة 5 ملايير لتر من الحليب، منها 4 ملايير لتر من الحليب الموجه للاستهلاك والمليار لتر المتبقي يتمثل في مشتقات الحليب، ومن بين ال 5 ملايير لتر من الحليب فإن 2.5 مليار لتر ناجمة عن الإنتاج الوطني للحليب الطازج فيما أتى الجزء المتبقي والمقدر ب 2.5 مليار لتر من الاستيراد على نحو 1.2 مليار لتر في شكل مسحوق الحليب الموجه للتحويل مستورد من قبل الديوان الوطني المهني المشترك للحليب و1.3 مليار لتر موجه للاستهلاك والتحويل ومشتقات الحليب المستوردة من قبل القطاع الخاص. أما فيما يتعلق بأسعار بيع إنتاج سنة 2009 من الحليب بالتجزئة، فقد أكدت الوزارة أنه تم تسويق 3.5 لتر بأسعار حرة فيما سيتم تسويق 1.5 مليار لتر المتبقية بسعر مدعم من قبل الدولة أي 30 بالمائة من مجموع الحليب المستهلك، مشيرة إلى أن برنامج تطوير هذا الفرع الإستراتيجي يهدف إلى زيادة الإنتاج الوطني، حيث من المنتظر أن ترتفع نسبة تغطية الإنتاج الوطني للحاجيات لتصل 75 بالمائة على الأقل بدلا عن 50 بالمائة حاليا، وهو ما يبرر الجهود الإضافية التي ستبذلها الدولة لصالح المربين. إنشاء مصانع للحليب وعلاوات للجمع والإدماج الصناعي ويتمثل تدخل الدولة في هذا المجال، حسب ما أعلنت عنه وزارة الفلاحة والتنمية الريفية في نص البيان، في علاوات للإنتاج ومختلف أشكال الدعم الممنوحة لهؤلاء المربين في مجال التغذية، علم الوراثة، الصحة الحيوانية وكذا في تنظيم دورات تكوينية مع مراعاة الخصوصيات المحلية كحليب الناقة والماعز. وإلى جانب الدعم، ستعمل الحكومة على إنشاء مصانع الحليب ومراكز جمعه ومنح علاوات للجمع والإدماج الصناعي، فالمصانع التي تدمج الحليب الطازج بمقدار أكثر من 50 بالمائة من قدرتها الإنتاجية، ستستفيد من رفع علاوة الإدماج إلى 5 دينار جزائري للتر الواحد، وستنتقل علاوة المصانع التي لا تستعمل سوى الحليب الطازج من 5 دينار إلى 7.5 دينار جزائري، وذلك في إطار مخطط توفير الظروف الملائمة من أجل إنشاء هيكل عصري وضمان تنمية مستدامة وتأمين كل حلقات الفرع وعصرنة تربية المواشي وتحسين إنتاجيتها. وجاء تدخل الحكومة سريعا بعد تفاقم ندرة حليب الأكياس في الكثير من مناطق الوطن، بعد انقطاع العشرات من منتجي الحليب بسبب نقص المادة الأولية خلال الأسبوع الأول والثاني من هذا الشهر، في ظل توقف توريد كميات إضافية من مسحوق الحليب الجاف التي يشكل توفرها انتعاشا للإنتاج الوطني وبالتالي القضاء على الندرة الحاصلة، حيث اتهم المنتجون الخواص وانتقدوا الحكومة بسبب ما أسموه بسياسة التهميش وعدم تشجيهم على حساب المصانع العمومية التي لا تصل نسبة تغطيتها لأكثر من 35 بالمائة مقابل 65 بالمائة لصالح الخواص، مطالبين بضرورة تقديم السلطات لدعم خاص لهم، من أجل مواجهة الخسارة التي تسبب فيها ارتفاع أسعار مسحوق الحليب والمنتجات الفلاحية في الأسواق الدولية والبورصات العالمية منذ أزيد من أشهر، إلى جانب رفع حصصهم من مسحوق الحليب المستورد الذي يشرف على توزيعه الديوان المهني للحليب. مدير الديوان المهني للحليب: الديوان يمون الملبنات بمسحوق الحليب بصفة عادية وفي رد مدير الديوان المهني للحليب «عبد الحفيظ جلولي» على الانتقادات الموجهة إليه من قبل الخواص، أكد أن هيئته تمون الملبنات بمسحوق الحليب بصفة عادية، مفندا بذلك تطبيق الديوان لسياسة الإقصاء وتفضيل المصانع العمومية، حيث أرجع «جلولي» النقص في حليب الأكياس إلى ظاهرة المضاربة التي يقوم بها بعض الفاعلين، بالإضافة إلى الاضطراب المسجل على مستوى دوائر التوزيع، بسبب ما تقوم به بعض الملبنات من خلال تمون مناطق خارج نطاق نشاطها. وعرفت الفاتورة الإجمالية لاستيراد مسحوق الحليب ومشتقاته انخفاضا معتبرا من 1.28 مليار دولار سنة 2008 إلى 862.76 مليون دولار السنة المنصرمة، وانتقل إنتاج الجزائر من الحليب الطازج من 2.23 مليار لتر سنة 2008 إلى 2.45 مليار لتر خلال سنة 2009. وتراهن الحكومة بفضل مخطط تقليص واردات مسحوق الحليب، على رفع إنتاج هذه المادة الإستراتيجية إلى 3.5 مليار لتر في آفاق 2014، بفضل عدة عوامل في مقدمتها رفع رؤوس البقر الحلوب المقدر عددها حاليا 850 ألف رأس بقرة حلوب، عن طريق اللجوء إلى استيراد الأبقار الولودة، فضلا عن رفع أعداد الأبقار الملقحة اصطناعيا والمقدرة ب130 ألف بقرة سنويا. وكان وزير الفلاحة والتنمية الرّيفية «رشيد بن عيسى» قد دعا كل محترفي ومنتجي الحليب إلى التحاور الجاد من أجل الخروج بمقترحات ومساعي كفيلة تتماشى والأهداف والانتقال من مرحلة الاستيراد المفرط لمسحوق الحليب إلى تطوير عملية جمع الحليب الطازج، بدلا من تبادل الاتهامات بين الإطراف الفاعلة دون إيجاد حلول كفيلة للأزمة التي يعاني منها المواطن البسيط، مضيفا إلى أن مختلف أطراف فرع الحليب بصدد التفاوض لتحديد أحد الآليات الرامية إلى تقليص استيراد مسحوق الحليب ورفع نسبة إدماج الحليب الطازج في الإنتاج، وبالتالي تقديم اقتراح للديوان الوطني المهني للحليب الذي سينقله إلى الوزارة، مؤكّدا أن الإجراءات التي وضعتها الحكومة لبلوغ الهدف المرجو تحادث بشأنها مختلف المتعاملين ، مشيرا إلى أن الأمر يتعلّق بإيجاد أحسن وسيلة لضمان تغطية السوق بصفة منتظمة ورفع إدماج الحليب الطازج في الإنتاج، وبالتالي تقليص استيراد مسحوق الحليب، وهو الأمر الذي أدى بالسلطات العمومية إلى وضع العديد من الإجراءات المالية والمادية التحفيزية، حيث منحت الدولة لهذا الفرع الاستراتيجي إعانة بقيمة 12 مليار دج سنة 2009 وتعود ب 12 دج للتر بالنسبة للمربي و5 دنانير بالنسبة للجامع و4 دنانير لإدماج الحليب الطازج في إنتاج الحليب المعبأ في أكياس، والذي يستفيد من إعانة ليباع بسعر 25 دينارا.