ما تزال أزمة ندرة حليب الأكياس في الأسواق الوطنية تمثل حديث العام والخاص، خاصة وان هذه الندرة أدت إلى بروز ظواهر غير عادية تُظهر عدم تمكن الدولة من التحكم في توزيع أحد المواد المدعمة وبسعر مضبوط ب 25 دينار للكيس. ومع مرور حوالي شهر من بداية اختلال عملية التوزيع الذي تتحكم فيها وحدات التحويل، يقوم الموزعين في نقاط مختلفة ببيع حليب الأكياس على مستوى الطرقات وعدم إيصالها إلى المحلات بأسعار غير مضبوطة، تصل إلى 40 دينار للكيس، بزيادة قدرها 15 دينار عن كل لتر عن السعر المضبوط من طرف الحكومة والمحدد ب 25 دينار للتر. ويأتي هذا الانفلات الخطير في عملية التوزيع والتي صاحبه ارتفاع في سعر المادة المدعمة من طرف الدولة، في الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الفلاحة والتنمية الريفية منذ حوالي شهر من بداية الأزمة انه لا توجد ندرة في مسحوق الحليب على مستوى وحدات التحويل، مرجعة السبب إلى ظروف تنظيمية بحتة. لكن خرجة وزير التجارة بتصريحاته الأخيرة وتأكيده بأنه سيتم القضاء على الأزمة مع نهاية شهر نوفمبر الجاري مع وصول أولى دفعات حليب الغبرة من الخارج، تبرز تناقض في تصريحات المسؤولين، أين تؤكد الوزارة المسؤولة عن الإنتاج في كل مرة انه لا توجد ندرة في المسحوق، فيها تؤكد وزارة التجارة العكس، بأنه سيتم التخلص من الأزمة بتوفير البودرة. من جهة أخرى، كشف بن بادة أن أزمة الحليب التي تشهدها هذه الأيام كل ولايات الوطن، تضاعفت مع رفض العديد من الملبنات تجسيد الإجراءات الجديدة التي اتخذتها الوزارة المسؤولة على الإنتاج مؤخرا، والتي ستدخل حيز التنفيذ بداية جانفي ,2011 وهو ما يدفع للشك أن الأزمة لن تحل قبل هذا التاريخ. وتهدف الإجراءات الجديدة لتقوية شعبة الحليب إلى إدماج الحليب الطازج في صناعة الحليب بنسبة 70 بالمئة وتقليص كميات المسحوق المستورد، وتلزم الحكومة في هذا الشأن المحولين إلى إدماج الحليب الطازج في صناعتهم، لكنها تواجه حاليا رفض هؤلاء المحولين لهذا الإجراء. وأمام هذا الرفض، ستتجه الحكومة إلى إلزام المنتجين بتطبيق هذا الإجراء في خطوة منها لتقليص فاتورة استيراد البودرة التي تدعمها حاليا، وإن لم تقم هذه الوحدات بتطبيقه سيتم تخفيض حصتها من مسحوق الحليب. وأشار محمود بن شكور رئيس اللجنة المهنية لفرع الحليب في تصريحاته مؤخرا إلى أن الدولة سوف تعزز آليات المراقبة للتحقيق في تطبيق هذه الإجراءات، بالتنسيق بين وزارتي التجارة والفلاحة، بالإضافة إلى عمل اللجنة. كما ترمي الاجراءات التي وضعتها الوزارة إلى بلوغ تغطية احتياجات الإنتاج الوطنية من الحليب على الأقل نسبة 75 بالمئة بدلا من 50 بالمئة حاليا، وضمان وفرة الإنتاج على مستوى الأسواق ب 25 دينارا الذي يصل سنويا إلى 2ر1 مليار لتر. وفي هذا الشأن، شددت الوزارة أنه يتعين على مصانع الحليب العمومية إنتاج 50 بالمئة على الأقل من الحليب المبستر والمعلب المعروض على السوق الجزائرية، موضحة أن المحولين سيستفيدون من مسحوق الحليب بأسعار مدعمة، من أجل ضمان وفرة الحليب المبستر والمعلب على مستوى السوق بسعر محدد ب 25 دج. وبخصوص الملبنات الخاصة أشارت المذكرة إلى أنه سيتم اللجوء إليها للمشاركة في تغطية ال 50 بالمئة المتبقية على أن تستجيب إلى الشروط التي ينص عليها دفتر الشروط، وأضافت الوزارة أن انضمام مصانع الحليب الخاصة لهذا الإجراء يبقى طوعيا وفرديا، مشيرة إلى أن الأولوية ستعطى للمصانع التي تساهم في تطوير الإنتاج الوطني وفي جهود الإدماج. وبالنسبة لمصانع الحليب المتواجدة في المناطق السهبية والصحراوية والتي تبدي اهتماما بشأن صنع الحليب المبستر والمعلب ستربطها شروط خاصة بالديوان الوطني المهني المشترك للحليب.