تعاملت وسائل الإعلام الموريتانية بكثير من الريبة والتشكيك مع النتائج التي خرجت بها زيارة رئيس أركان الجيش المالي إلى نواكشوط، واعتبرت في استنتاجاتها بأنه من غير الطبيعي أن تتجاهل سلطات بلادها الدور المحوري للجزائر في الحرب على ما يُسمى ب «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وتساءلت في سياق ذلك عن جدوى هذه الشراكة الأمنية بين الجارتين وفق الصيغة الحالية. ذكرت مصادر موريتانية أن زيارة قائد أركان الجيش المالي، الجنرال «غابريال بوديوغو»، التي ختمها الاثنين، انتهت باتفاق على تنسيق عسكري وأمني بين الجيشين الموريتاني والمالي لمواجهة تنظيم «القاعدة»، وحتى وإن تحفّظ الجانبان في الكشف عن مضمون هذا الاتفاق فإن التفاصيل التي نشرتها وكالة «مورينيوز» المستقلة تُشير إلى أنّ من بين ما اتفق عليه الطرفان «تنظيم دوريات مُشتركة بين وحدات مالية وأخرى موريتانية وتبادل مُوسّع للمعلومات الاستخباراتية». وبحسب المصدر ذاته فإن باماكو انضمت إلى موريتانيا، لأول مرة، في مواجهتها للعمليات المسلحة وهو ما أرجعه مراقبون إلى خطة فرنسية هدفها مواجهة «القاعدة» بآليات عسكرية محلية، فيما تحدثت مصادر أخرى عن تمركز ثلاث وحدات عسكرية موريتانية على الأقل في ثلاث مناطق من الأراضي المالية وقرب منطقتي «حاس سيدي» و«خويبة راس الم» اللتين جرت فيهما العملية العسكرية الأخيرة بين وحدات من الجيش الموريتاني وعناصر من «القاعدة»، وفسرت إعادة الانتشار بأنها تدخل ضمن استعدادات للجيشين للقيام بعمليات مطاردة لمسلحي «القاعدة» بعد أن وردت معلومات تفيد بأن هذا التنظيم يُعاني حاليا من مشاكل في التموين والتحرك. وعلى إثر ذلك فإن أوساطا إعلامية موريتانية شنت هجوما كاسحا على النتائج التي انتهت إليها زيارة رئيس أركان الجيش المالي إلى نواكشوط وخصّت بالذكر إصرار نظام «محمد ولد عبد العزيز» على تجاهل الدور المحوري للجزائر في حربها ضد تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، واعتبرت أنه من الخطأ الاستمرار على نفس النهج الذي أثبت فشله بخصوص مُحاربة عناصر تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، يأتي ذلك في أعقاب انتشار أنباء عن إعادة انتشار فرق من الجيش الموريتاني ابتداء من يوم أمس في مناطق شمال مالي وعلى طول الحدود الشرقية والجنوبية. إلى ذلك تساءلت وكالة «مورينيوز» المُستقلة في تحليل لها عن موقع الجزائر في ما لم تتوان في وصفه ب «هذه الطبخة» بين موريتانيا ومالي بعد زيارة رئيس أركان الجيش المالي، الجنرال «غابريال بوديوغو»، وقد علّقت على ذلك بالاستفسار «وأين الجزائر من كل هذا؟»، وتابعت ردّا على هذا التساؤل بالتأكيد أن «أي مُقاربة لمواجهة المجموعات المسلحة الناشطة في الساحل لن تحقق غاياتها إذا لم يُنسق فيها مع الجزائر ذات التجربة الواسعة في هذا المنحى». وعموما فقد تركزت نظرة الصحف الموريتانية إلى التنسيق الحاصل بين نواكشوط وباماكو في تساؤل محوري مضمونه «هل ما تقوم به موريتانيا ومالي هو عمل مُنسق مع الجزائر ومع الفرنسيين والأمريكيين؟ أم أنه مجرد خطة تتبناها موريتانيا وباماكو بدفع فرنسي للقضاء على المسلحين؟»، وذلك تزامنا مع تواصل انتقادات المعارضة للسياسة الأمنية في البلاد كان آخرها بيان شديد اللهجة أطلقته «قوى التقدّم» التي جدّدت موقفها بأن «نظام ولد عبد العزيز يقود حربا بالوكالة ضد تنظيم القاعدة». وبالموازاة مع هذا الحراك فإن موقع «ويب مالي» نقل أمس عن صحيفة «لافيا رفلاتير» قولها إن مجموعة مُسلحة تعمل لحساب موريتانيين، وتستقل سيارة من نوع «تويوتا لاندكروزا» هاجمت ليلة الاثنين، حي «آن آيماغ» الواقع على طريق «تاودني» والذي تقطنه قبيلة أولاد إدريس، وأشارت إلى أن الهدف من الهجوم كان اختطاف شخص يعمل مع تنظيم «القاعدة».