تزايد الترقب وسط العمال بسبب تأخّر ردود صندوق التقاعد تشهد مختلف الوكالات التابعة للصندوق الوطني للتقاعد حالة من الطوارئ بسبب الطلبات القياسية التي تلقتها في الأشهر الأخيرة من طرف عشرات آلاف العمّال من أجل الاستفادة من التقاعد المسبق، وتسود حالة من الترقب لدى الذين أودعوا ملفاتهم بعد أن تعطّلت ردود الصندوق خاصة أمام بداية العد التنازلي لإنهاء العمل بنظام التقاعد دون شرط السن ابتداء من العام الجديد، بحسب تأكيد مصالح الحكومة. علمت «الأيام» من مصدر مسؤول بالصندوق الوطني للتقاعد بأن وكالاته تلقت أعدادا هائلة من طلبات الاستفادة من التقاعد دون شرط السن منذ بداية العام الحالي، ولكن مع ذلك فإن مصدرنا لم يُقدّم أرقاما محدّدة بخصوص إجمالي هذه الملفات، واكتفى في المقابل بالإشارة إلى أنها تُقدّر ب «عشرات الآلاف»، واعتبر من جهة أخرى أن مصالح الصندوق كانت تتوقع هذا التدفّق الهائل من الطلبات، دون أن يتردّد في الإشارة إلى وجود صعوبات نسبية في معالجة كل هذا الكمّ. وعلى الرغم من هذه الصعوبات فإن المصدر الذي تحدّث إلينا أكد بأن الملفات التي تلقاها صندوق التقاعد عبر وكالاته الولائية تكشف عن تخوّف لدى هؤلاء العمال من احتمال تفويت فرصة العمل بنظام التقاعد المسبق في آخر عام، وأشار إلى الفئات التي قدّمت طلباتها تتراوح بين من استكمل 32 سنة من العمل دون أن يصل السن القانونية للاستفادة، وبين العمال في القطاع الاقتصادي العمومي والخاص، مؤكدا أن الفئة الأخيرة هي الأكثر إقبالا بالنظر إلى أنه من الصعب الحفاظ على منصب العمل إلى غاية سن 60 عاما في ظل المحيط الاقتصادي الحالي. وقد تزايدت مخاوف العمال الذين أودعوا ملفاتهم للاستفادة من نظام التقاعد دون شرط السن، ويعود ذلك بالأساس إلى تأخر صندوق التقاعد في الردّ على طلباتهم التي مرّ عليها أكثر من سبعة أشهر دون أن يستجد أي جديد بشأنها، لكن ذات المصدر أوضح ل «الأيام» بأن هذه المسألة قضية وقت فقط وسيتم الحسم فيها خلال أسابيع، لافتا إلى أنه حتى وإن حصل التأخير فإن كل الطلبات ستؤخذ بعين الاعتبار مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة لكل العمّال، مبرّرا التأخير بكثرة الطلبات والوقت المستغرق لدراسة كل ملف قبل اعتماده رسميا. وكما هو معلوم فإن نظام التقاعد دون شرط السن يُمكّن لكل العمّال الذين استكملوا فترة 32 سنة من العمل الاستفادة من حق التقاعد حتى وإن لم يبلغوا 60 سنة، وهي السن المُحددة قانونا، كما يسمح هذا النظام في الوقت نفسه للعامل الذي أنهى فترة 20 سنة من الخدمة على الأقل من العمل، بشرط أن يكون قد بلغ 50 سنة بالنسبة للرجل و45 سنة للمرأة، بأن يذهب إلى التقاعد. وتأتي هذه التخوفات بالرغم من التصريحات الرسمية التي جاءت على لسان وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، «الطيب لوح»، بعد لقاء الثلاثية المنعقد في شهر ديسمبر من الماضي والذي تم خلاله تنصيب لجنة تكفلت بهذا الملف ثم رفعت تقريرها فيما بعد إلى الوزير الأول، «أحمد أويحيى»، وهي تصريحات تضمنت تطمينات وضمانات بأن العمال الذين تتوفر فيهم شروط التقاعد وفقا للنظام الحالي، أي التقاعد دون شرط السن، سيُحافظون على حقهم حتى بعد صدور قانون الإلغاء في حال ما إذا أرادوا ذلك. وتكشف الأرقام الرسمية التي قدّمها وزير العمل بأن نظام التقاعد دون شرط السن الذي اضطرت الحكومة إلى تطبيقه منذ 1997، قد كلّف الخزينة العمومية حوالي 360 مليار دينار، وقد استفاد منه في الإجمال ما يزيد عن 400 ألف عامل، وبحسب تبريرات «الطيب لوح» فإن الظروف التي دفعت إلى اللجوء إليه لم تعد قائمة كون الجزائر واجهت حينها آثارا سلبية جراء تطبيق صندوق النقد الدولي لبرنامج التعديل الهيكلي، مما ساهم في التخفيف من آثار غلق أكثر من 1000 مؤسسة وتسريح أكثر من 400 ألف عامل.