طالبت عشرات العائلات القاطنة بالمناطق الريفية بولاية الشلف من السلطات المحلية منحها الإعانات المالية الموجهة لتدعيم السكن الريفي، إلى جانب تدعيمها ببعض المرافق الضرورية كالمدارس والمراكز الصحية وكل ذلك من أجل ضمان استقرارهم بمناطقهم الأصلية بدلا من الوضعيات التي هم عليها اليوم، ذلك أن غالبيتهم يقطن ببيوت قصديرية بالمناطق الحضرية وشبه الحضرية بعد أن نزحوا نحوها مجبرين لا مخيرين، رغم إنهم يحوزون على ملكيات وعقارات بالمناطق الريفية حيث نشأتهم الأولى. استغل بعض سكان الدواوير والقرى التي زارها مؤخرا والي الولاية لمطالبته بتخصيص إعانات مالية لهم، توجه خصيصا لبناء سكنات ريفية من أجل الاستقرار نهائيا بمناطقهم الأصلية، كما هو الشأن ببعض قرى ومداشر بلدية «الظهرة» الواقعة أقصى غرب عاصمة الولاية، وكذا مختلف التجمعات السكنية الريفية ببلدية «سنجاس» التي تبعد عن بلدية الشلف بأكثر من 15 كيلومتر، إلا أن وقوعها في منطقة جبلية جعلها شبه منعزلة عن محيطها الحضري القريب منها، حيث يعاني سكانها من تصدع بيوتهم الهشة وعدم صلاحيتها للإقامة خصوصا بعد مرور أزيد من عشرية كاملة على هجرها نحو المراكز الحضرية وشبه الحضرية، إلى جانب إنعدام الكثير من المرافق والتجهيزات العمومية على غرار المدارس والمراكز الصحية، وكذا شروط العيش الكريم وفي مقدمتها انعدام شبكات المياه الصالحة للشرب، قنوات الصرف الصحي وكذا التيار الكهربائي والإنارة العمومية، فضلا عن تعبيد الطرقات والمسالك المؤدية إلى هذه القرى والمداشر. العودة إلى الأرياف مرهون بالاستفادة من السكن الريفي وكانت قرابة ال40 عائلة ببلدية «الظهرة» قد أبدت رغبتها مؤخرا في العودة إلى مداشرها شريطة توفير الإعانات اللازمة والتي منها سكنات ريفية زيادة على توفير المرافق الضرورية لضمان تمدرس أبنائهم خصوصا وأن هذه المناطق تعيش في شبه عزلة عن العالم الخارجي، وقد اعتبر هؤلاء السكان أن توفير هذه المستلزمات من شأنه أن يشجع أناسا كثيرين على العودة التدريجية إلى مناطقهم الأصلية، وبالتالي تخفيف الضغط على المراكز الحضرية التي أضحت اليوم مكتظة بالسكنات القصديرية غير اللائقة، والتي شوهت كثيرا النسيج العمراني لهذه الأحياء، كما هو الشأن بالنسبة لبلديات «عين مران» ،«بوقدير»، «الكريمية الشلف»، «وادي الفضة»، «سنجاس» و«تنس» بالشريط الساحلي للولاية. وكان والي الولاية خلال لقائه مع بعض من سكان هذه المناطق قد اشترط على هؤلاء السكان تعمير هذه المناطق قبل الاستفادة من الإعانات الريفية، حيث كثيرا ما يطالب السكان بهذه المناطق بالإعانات الريفية التي ما إن يحصلوا عليها حتى يقرروا العودة إلى مناطقهم التي نزحوا إليها في المرة الأولى، ويبقون على مناطقهم الأصلية خاوية على عروشها، فيما يختار آخرون زيارتها في النهار لأجل فلاحة وزراعة أراضيهم، دون الاستقرار بصفة كلية بها. فتح المسالك، الكهرباء والماء الشروب وعود المسؤول الأول بالولاية وتعهد المسؤول الأول بالولاية لسكان هذه المناطق بفك العزلة عن الدواوير النائية، وذلك من خلال السعي إلى فتح المسالك الجبلية، مع إيصال الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، شريطة قبول هذه العائلات بالعودة لخدمة الأراضي والاستثمار في عالم الفلاحة وتربية المواشي، ومعاودة نشاطهم الأساسي الذي كانوا يمارسونه فيما مضى. لا تزال الكثير من قرى ومداشر ولاية الشلف مهجورة لحد الساعة رغم المساعي الحثيثة للسلطات المحلية لإعادة إسكان هؤلاء النازحين، من خلال تقديم مساعدات مادية لبناء مساكن ريفية، وكذا إنشاء بعض المنشآت القاعدية الضرورية للعيش الكريم، إلا أن غالبية هؤلاء النازحين نحو المدن والمراكز الحضرية يفضلون البقاء بمحل إقامتهم الجديدة على العودة إلى "الدوار". هذا وقد قدرت مصادر رسمية محلية عدد النازحين من قراهم ومداشرهم نحو المدن والمراكز الحضرية منذ سنوات التردي الأمني بأزيد من 15 ألف عائلة بولاية الشلف وحدها، تأتي على رأسها بلديات تعاني من ثالوث الإرهاب، الفقر والأمراض، وتشمل بلديات «بني بوعتاب»، «الكريمية»، «الحجاج»، «حرشون»، «بريرة»، «سيدي عكاشة»، «مصدق» و«تاجنة»، ويرفض أغلبية هؤلاء النازحين العودة إلى قراهم ومداشرهم رغم استتباب الوضع الأمني بمختلف مناطق الولاية، غير أنهم يشترطون للعودة إلى مناطقهم الأصلية توفير ما يضمن لهم ممارسة نفس الأشغال التي كانوا يمارسونها من قبل والمتمثلة في الفلاحة وتربية الأنعام. جدير بالذكر أن السلطات الولائية سعت في البداية إلى إغراء النازحين بالامتيازات الممنوحة لهم في إطار برنامج تأهيل المناطق الريفية المهجورة، من خلال توفير مساكن لائقة والتزامها بإعادة بناء بعض المنشآت القاعدية الأساسية والضرورية للعيش الكريم، إلا أن ذلك لم يُغر إلا عددا قليلا منهم ونخص بالحديث أولئك الذين يتواجدون بمناطق معروفة بالولاية، أما بالنسبة للمقيمين الجدد بعاصمة الولاية فقد لجأت السلطات الولائية إلى تطبيق توصيات رئيس الجمهورية القاضية بتطهير المدن من الأحياء القصديرية، وهو ما تم في ظرف شهر واحد ترحيل عدد كبير ممن اختاروا النزوح إلى حي «الشرايط» الواقع خارج عاصمة الولاية، وتحويل الموقع إلى محطة للنقل الحضري بعاصمة الولاية، وفي حديث لبعض سكان المناطق المهجورة ب«بوقدير» طالب هؤلاء بضرورة توفير مساعدات في إطار الدعم الفلاحي، كون أن أغلبهم يعتمدون في معيشتهم على الفلاحة وتربية الأغنام، وهي أعمال غير متوفرة في المراكز الحضرية التي أصبحت غير مؤهلة لاستقبال المزيد من القادمين، كما طالب السكان في وقت سابق بإعادة أسلحتهم التي سحبت منهم، لاسيما بعد صدور قرار من قبل وزارة الداخلية والذي يقضي بتجميد قرار حمل أو استيراد الأسلحة، وهو مطلب يرونه ضروريا للعودة إلى مناطقهم الأصلية دفاعا عن أرواحهم وممتلكاتهم من الإجرام واللصوصية التي يمكن أن تستهدفهم. برنامج جزائري أوروبي لإعادة تأهيل المناطق الريفية سيشمل 6 ولايات وعلاوة على برنامج السكن الريفي الممنوح للولاية، تقرر كذلك إدراج ولاية الشلف ضمن الولايات المعنية بالهبة المقدمة من طرف الاتحاد الأوروبي، والمتضمنة في برنامج "دعم وإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الأعمال الإرهابية" المعروف اختصارا ب"برازات"، وذلك عن طريق الاتفاقية المبرمة ما بين وزارة الداخلية والجماعات المحلية والاتحاد الأوروبي في 27-12-2004 والذي يشمل 6ولايات من بينها الشلف بقيمة مالية إجمالية تصل إلى 5 مليون أورو، ويقتضي هذا البرنامج بإنشاء بعض المنشآت القاعدية الأساسية بهذه المناطق المتضررة من العشرية السوداء، بغرض تثبيت السكان في مناطقهم الأصلية وممارسة مختلف أشغالهم السابقة وتحسين الإطار المعيشي لهم، وحسب إطار من محافظة الغابات بالولاية والمشرفة على تسيير البرنامج فإن حصة ولاية الشلف تقدر بأزيد من 8ملايير سنتيم مقسمة على ثلاث شرائح، علاوة على 600 مليار سنتيم للسكن الريفي التي استفادت منها الولاية في إطار البرنامج الخماسي 2005- 2006 والمقدرة ب12 ألف إعانة ريفية موجهة خصيصا لتثبيت هؤلاء النازحين في مناطقهم الأصلية، بما يقابل600 مليار سنتيم بمعدل 500 ألف دينار جزائري للوحدة.