نفى وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، «محمد بن مرادي»، وجود أي «خلاف سياسي» بين الجزائر وفرنسا بشأن تجسيد مشروع «رونو» لصناعة السيارات، بل على العكس من ذلك فقد أكد أن المفاوضات بين الجانبين حول هذا الملف «تتقدّم بشكل جيد جدّا»، معترفا بوجود بعض النقاط الخلافية المتوقع تجاوزها خلال المرحلة المقبلة، دون أن يستبعد إمكانية توقيع اتفاق مبدئي نهاية هذا الشهر. قدّم وزير الصناعة الكثير من التوضيحات بخصوص مشروع «رونو» لصناعة السيارات في الجزائر، حيث أكد عندما كان يتحدّث للصحفيين أمس الأول على هامش جلسة الأسئلة الشفوية بالمجلس الشعبي الوطني، أن المفاوضات مع هذا المتعامل «بلغت مراحل متقدمة جدا»، مشيرا إلى أن تجسيد المشروع على أرض الواقع يتطلب مزيدا من الوقت خصوصا مع إشارته إلى أن الاتفاق النهائي بشأنه سيتم قبل نهاية العام الحالي. وأعلن الوزير أن المشروع لن تقل تكلفته استثماره عن 1 مليار أورو كما أنه سيوفر حوالي 8 آلاف منصب شغل مباشر، إضافة إلى 20 ألف منصب غير مباشر، وهو ما يمثل مجموع 28 ألف منصب عمل ستكون غالبيتها للجزائريين، مشيرا إلى أن السيارة التي ستُصنع بالجزائر ستحظى بحماية جمركية لا تصل إلى حدّ توقيف الاستيراد مثلما اشترطت «رونو» في وقت سابق. وأكد «بن مرادي» في إجابته على ما ذهبت إليه «الأيام» في أعدادها السابقة عندما لم يستبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق مبدئي خلال الشهر حالي بمناسبة انعقاد منتدى الأعمال الجزائري-الفرنسي، حيث جاء على لسانه أنه «في كل بلدان العالم المفاوضات من هذا الشكل تستغرق عاما كاملا ونحن الآن عقدنا أربعة اجتماعات خلال ثلاثة أشهر وهناك مجموعات تقنية تباشر عملها..»، ليوضح أكثر «نأمل في التوصل إلى اتفاق أولي في شهر ماي بحيث ستعمل فرقنا بعد ذلك وفق ميثاق المساهمين الذي يتطلب ثلاثة أو أربعة أشهر أخرى». ورغم حديثه عن وجود توافق فإن الوزير اعترف من جانب آ خر بوجود بعض نقاط الظل التي ستكون محور الجولات المقبلة من المفاوضات بين الطرفين، وذكر منها أن الجزائر تُعارض أن يكون مشروع «رونو» مجرّد مصنع للتركيب، مؤكدا أنه «تمّ قبول مقترحاتنا لأننا نأمل بخصوص هذا المشروع أن تتم كل الأمور في بلادنا خاصة التجهيز»، وصرّح في هذا الشأن «لقد طلبنا صناعة هياكل سيارات رونو بالجزائر وتمت الموافقة على هذا الطلب»، ثم استطرد «هذا الاستثمار ثقيل جدا ونحن واثقون من التوصل إلى اتفاق نهائي قبل نهاية السنة الجارية». وضمن هذا السياق أبرز المتحدث بخصوص المشروع أن «هناك الكثير من الجوانب التي نعمل على دراستها منها التقنية والاقتصادية وكذا التكنولوجية.. نحن الآن نتقدم بشكل جيد في المفاوضات»، حيث نفى وجود أي «خلاف سياسي» حول هذه المسألة، مشيرا إلى بعض التحفظات الفرنسية بشأن صناعة المحرّك في الجزائر كونها تشترط أن يكون ذلك بتصنيع 300 ألف سيارة سنويا حتى يكون المشروع ذو مردودية، في وقت أن بلادنا تتمسك بتصنيع 150 ألف سيارة فقط وهو ما ستُركز عليه المفاوضات. كما أورد «محمد بن مرادي» أن الرفض الفرنسي يعود كذلك إلى علاقة الشراكة بين «رونو» و«نيسان» بخصوص صناعة المحرّكات، وعليه فإن الشركة الفرنسية طلبت من الحكومة مهلة إضافية للردّ عليها إلى حين استشارتها الشريك الياباني حول العملية، وبرأيه فإن «رونو» لا تُعارض مبدئيا تصنيع 150 ألف سيارة سنويا وفق شرط الجزائر «بل تعتبره مشروعا طموحا». وكشف «بن مرادي» عن «اتصالات بين صانع السيارات الفرنسي مع 70 مختصا وطنيا في المناولة من القطاع الخاص لصناعة الكوابل والسروج علما أن هدفنا يكمن في التوصل إلى تحقيق نسبة اندماج لا تقل عن 50 بالمائة..أي أن 50 بالمائة من قيمة السيارة سينتج بالجزائر»، ويرى في هذه النسبة من الاندماج بمثابة مكسب للجزائر، لافتا بالمناسبة إلى أن المناولين الوطنيين «يفتقرون للخبرة ويعملون دون احترام المعايير»، مما يتطلب مرافقتهم في مسار التصديق.