أعلن وزير المالية "كريم جودي" أن الحكومة لم تدرج القروض الاستهلاكية ضمن قانون المالية التكميلي للسنة الجارية باعتبار أن الجزائر لا تمتلك صناعة قوية خاصة في مجال الصناعة التحويلية والسيارات، مشيرا إلى إمكانية عودتها مباشرة بعد دخول مصانع السيارات بالجزائر مثل "رونو" و"فولسفاغن" حيز الخدمة، كما كشف الوزير أن التوقعات التي أجرتها دائرته الوزارية أكدت أن نسبة التضخم سترتفع بنهاية هذه السنة إلى 4 بالمائة خلفا للتوقعات السابقة التي كانت في حدود 3.5 بالمائة. وقد سجل مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2011 رصد اعتمادات مالية إضافية هامة من طرف الحكومة في خطوة منها لإنعاش النمو الاقتصادي والاستجابة للمطالب الاجتماعية التي تزايدت حدتها في الآونة الأخيرة، وقد راهنت الحكومة على مستوى إنفاق عمومي قياسي في مشروع الميزانية التكميلي لهذه السنة لم تسبق وأن رصدته من قبل حتى في فترات ارتفاع أسعار النفط التي تعد موارده أهم مصدر لتمويل الاقتصاد الوطني. وارتفع حجم الإنفاق العمومي في قانون المالية التكميلي لسنة 2011 الذي عرض أمس بالمجلس الشعبي الوطني إلى 8275 مليار دينار مقابل 6618 مليار دينار كانت الحكومة قد رصدتها بعنوان قانون المالية الأولي لهذه السنة مما انجر عنه عجزا في ميزانيتها قدر ب 33.9 في المائة من الناتج الإجمالي الخام. وأقرت في مذكرتها المتعلقة بالجوانب الميزانياتية بالحجم المرتفع لهذا العجز إلا أنها أكدت أنها قد تحلت بانضباط ميزانياتي صارم في إعدادها وذلك طبقا لتعليمة الوزير الأول "أحمد أويحيى" بهذا الخصوص الصادرة في مارس الفارط. وأوضحت أن هذا القانون جاء حصريا كتغطية مالية لقرارات مجلس الوزراء المنعقد في 22 فيفري والمتعلقة بالشغل والاستثمار والسكن وإعانات المنتوجات ذات الاستهلاك الواسع، وستضطر لسد هذا العجز المالي للجوء إلى صندوق ضبط الواردات الذي بلغت موارده بنهاية 2010 إلى 4842 مليار دينار محذرة في نفس الوقت من استمرار مستوى هذا الإنفاق العمومي على المدى المتوسط الذي قد يتسبب في ارتفاع التضخم وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين. وحسب تقديرات الحكومة فإن الجزائر بحاجة إلى برميل نفط بسعر 137 دولار لسد عجز الخزينة العمومية المقدر ب 4693 مليار دينار، مشيرة إلى أن موارد الجباية العادية حاليا لن تغط إلا 35 في المائة من ميزانية التسيير المقترحة لهذا العام بقيمة 4291 مليار دينار. عدم إدراج رسوم رغم الحاجة إلى موارد جبائية إضافية ورغم حاجة الحكومة إلى موارد جبائية إضافية لتمويل الاقتصاد إلا أنها لم تلجأ إلى فرض رسوم جديدة بل بالعكس فقد عمدت في مشروع قانونها إلى تخفيف الأعباء الضريبية التي تقع على أرباب العمل من أجل توظيف الشباب طالبي الشغل من 56 بالمائة إلى 80 بالمائة بولايات الشمال ومن 72 بالمائة إلى 90 بالمائة بولايات الهضاب العليا والجنوب. كما أبقت على قرار إعفاء واردات الزيت الغذائي الخام والسكر الأبيض والبني من الرسوم الجمركية ومن الرسم على القيمة المضافة ساريا إلى ما بعد تاريخ 31 أوت الذي كانت قد حددته من قبل وذلك مواصلة منها لدعم أسعار هذه المواد. وشملت هذه التحفيزات إنشاء ضريبة تدريجية للمؤسسات الصغيرة المستحدثة في إطار الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والصندوق الوطني للتأمين على البطالة والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر. وأكدت الحكومة في التقرير التمهيدي لمشروع قانون المالية التكميلي للسنة الجارية أن التوازن المالي للبلاد يبقى محكما على الأقل على المدى المتوسط يعززه مستوى الادخار العمومي الحالي مشيرة في نفس الاتجاه إلى أن سنة 2011 ستعرف ارتفاعا في مداخيل المحروقات إلى 67.5 مليار دولار مقابل 42.5 مليار دولار كانت قد حققتها في السنة الفارطة. وقد استقطبت قطاعات السكن والفلاحة والأجور النسبة الأكبر من الاعتمادات المالية الإضافية المسجلة في مشروع قانون المالية التكميلي حيث اقتطع قطاع السكن الحصة الأكبر من هذه الاعتمادات الإضافية حيث رصدت له الدولة 897 مليار دينار أخرى بعنوان رخصة برنامج لإنجاز 410 ألف مسكن عمومي إيجاري. أما عن الأثر المالي الناتج عن تطبيق الأنظمة التعويضية لأجور عمال القطاعات التي تمت تسويتها وتلك التي لم يتم التكفل بها، اقترحت الحكومة تسجيل غطاء مالي إضافي يقدر ب400 مليار دينار بغرض مواجهة الأثر الميزانياتي. وأوضحت في نص مشروعها أنها ستستعمل هذا المبلغ في الوقت المناسب وذلك حسب الاحتياجات المعبر عنها من مختلف الآمرين بصرف هذه الأموال. واستحوذ قطاع الفلاحة والتنمية الريفية على 180 مليار دينار إضافية منها 143.6 مليار دينار لدعم أسعار الحبوب و33.3 مليار لدعم الحليب مما سيرفع مستوى دعم الدولة لهاتين المادتين الواسعتين الاستهلاك من 93 مليار دينار إلى أكثر من 270 مليار دينار حسب نفس البيانات. وأضافت الحكومة اعتمادا ماليا إضافيا لقطاع العمل والشغل والضمان الاجتماعي بلغت قيمته 47 مليار دينار وآخر لقطاع التضامن الوطني والأسرة حدد ب 45.1 مليار دينار واحتياط ثالث مخصص لنفقات غير متوقعة بقيمة 85.6 مليار دينار. وفيما يتعلق بالتجهيزات العمومية، استفاد القطاع الفرعي للسكك الحديدية ب 116 مليار دينار لإنجاز ترامواي قسنطينة ووهران وورقلة وسيدي بلعباس في حين استقطب قطاع المخططات البلدية للتنمية من مبلغ 22 مليار دينار، كما تم رصد غلاف مالي قدره 16.1 مليار دينار لإصلاح الأضرار التي أحدثتها الاضطرابات الجوية التي مست 18 ولاية خلال السداسي الثاني من 2010. ارتفاع هام في النفقات العمومية من أجل تحسن الظروف الاجتماعية والاقتصادية هذا ويتميز مشروع قانون المالية التكميلي 2011 بارتفاع النفقات العمومية ب25 بالمائة مقارنة بقانون المالية الأول الناجم عن ارتفاع نفقات التسيير والتجهيز بنحو 25 بالمائة والموجهة أساسا لتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية. وارتفعت نفقات التسيير بسبب الآثار المباشرة الناجمة أساسا عن تقييم الرواتب في الوظيف العمومي وتوفير مناصب مالية جديدة ودعم أسعار المواد الغذائية الأساسية والتكفل بالاستدراكات المالية منذ 2008 بسبب القوانين الأساسية الجديدة التي ستصدر خلال هذه السنة و السنوات التي تليها. وزادت نفقات التسيير ب 857 مليار دينار حيث قدرت في حدود 291 4 مليار دينار في قانون المالية التكميلي 2011 مقابل 434 3 مليار دينار في قانون المالية الأولي، ويرجع ذلك أساسا إلى ارتفاع نفقات الأنظمة التعويضية ودعم أسعار مواد الاستهلاك وتعزيز جهاز المساعدة للاندماج المهني وفقا للإجراءات التي صادق عليها مجلس الوزراء المنعقد في فيفري الأخير. ويخصص القانون الجديد مبلغ إضافي قدره 400 مليار دينار للاستجابة إلى الأثر المالي للأنظمة التعويضية و 160 مليار دينار لإعادة تكوين احتياطي مجمع ودعم أسعار القمح والحليب بغلاف مالي قدر ب 177 مليار دينار. وارتفع المبلغ المخصص لدعم القمح والحليب بهذه الزيادة من 93 مليار دينار إلى 270 مليار دينار في قانون المالية التكميلي 2011. ويقدر المبلغ المالي المخصص لتعويض فارق سعر السكر والزيت الغذائي ب5 مليار دينار لإبقاء الأسعار عند الاستهلاك بقيمة 90 دينار للكيلوغرام الواحد من السكر الأبيض و600 دينار ل 5 لترات من الزيت الغذائي. أما جهاز المساعدة للإدماج المهني يستفيد من تخصيص إضافي يقارب 47 مليار دينار للاستجابة لعقود الإدماج التي قد يرتفع المبلغ المخصص لها إلى 35 مليار دينار تحت التأثير المزدوج لزيادة مستوى دفع الرواتب وارتفاع عدد المستخدمين بموجب إعادة تجديد العقود وإدماج مستفيدين جدد وتعزيز عقود العمل المدعم بغلاف مالي قيمته 12 مليار دينار للتكفل ب150 ألف عقد عمل جديد، كما يخصص مشروع القانون 40 مليار دينار لتعزيز البرامج التي توفر أكثر مناصب الشغل لفتح 18 ألف ورشة جديدة منها 12 ألف تخص قطاع الفلاحة. وفيما يتعلق بنفقات التجهيز، فقد قدرت ب 981 3 مليار دينار مسجلة زيادة 797 مليار دينار من حيث القيمة و25 بالمائة من حيث معدل التغيير، كما تم تسجيل زيادة الدعم للحصول على السكن بقيمة 278 مليار دينار وعمليات برأسمال التي تسجل حركة ذات 455 مليار دينار. وترجع الحركة القوية لعمليات برأس المال عن دعم النشاط الاقتصادي الذي يتزايد بقيمة 204 مليار دينار والبرامج التكميلي لصالح الولايات بقيمة 200 مليار دينار.