والملاحظ أن الأعراس الجزائرية تمتاز بأنها مكلفة جدا، وأن أكثر ما يصرف فيها يكون في إظهار البهجة والفرح كمواكب السيارات والألعاب النارية و''الديسك جوكي''، هذا الأخير الذي لا يكاد يخلو عرس في الجزائر كلها منه، ويُبرَّر تزايد الإقبال عليه بقدرته على توفير التمتع بأكبر قدر ممكن من الأغاني على اختلاف الطبوع المحلية الجزائرية والعالمية، التي ترضي جميع الأذواق، والأكيد أن ما يُعاب على هذه الوسيلة هو احتواؤها على مجموعة كبيرة وقوية من مكبرات الصوت، التي يصل مداها إلى حدود بعيدة، وفي كل الأحوال يبقى العيب الأكبر في طريقة توظيف هذه الوسيلة التكنولوجية وقد ساعد ''الديسك جوكي'' على توفير فرص عمل لكثير من الشباب، يجنون به دخلا محترما لاسيما خلال حلول كل موسم صيفي أين تكثر الأعراس، ومن محاسن الصدف أنّ "الأيام" وخلال نزولها إلى الميدان لتقصي آراء الشارع، التقت بالشاب «حسان» الذي اتضح أنه صاحب محل لأشرطة الكاسيت وكراء «الديسك جوكي»، أفاد أنّ هذا الأخير ساعده على تحسين دخله، علاوة على أنه ساعد الكثير من الشباب المقبل على الزواج على إقامة حفل رائع يتناسب مع جميع الأذواق، بعد أن كان يستعصى في وقت سابق إرضاؤهم، وهو المشكل الذي وضعت له هذه الوسيلة حدا، إلا أنّ أسعار كرائه تتبقى مرتفعة حسب بعضهم، وهو ما جعل بعض العائلات الجزائرية لا تستطيع توفيره، وقد تزايد الطلب عليه نظرا لما يوفره من جودة في الصوت وما يرافقه من أضواء تمتزج بالمتعة والفرجة، وأجمعت آراء الشباب على تأييد الأعراس التي تقام ب«الديسك جوكي»، ف «سامي» صرّح أنه لا يمكنه أن يتصور إقامة عرس دون موسيقى و''ديسك جوكي'' ورقص وما إلى ذلك، فهي –حسبه- أكثر ما يشده في العرس ولا يهتم لأي شيء آخر، وانطلاقا من الفراغ الذي يميز يومياتهم يتجه جموع الشباب إلى الأعراس التي ترفق ب«الديسك جوكي» من أجل قضاء أوقات مسلية عند الجيران، الأقارب والأصدقاء، وحتى من لا تربطهم به أية علاقة، فالمهم حسب «سامي» أن يصلهم الصوت ليبدأ الاحتفال وفي ذات السياق أكّدت الحاجة ''زينب''، أن هؤلاء الشباب باتوا يبالغون في كل شيء، فقديما كان العرس يجري هادئا في ظروف بسيطة والجميع يخرج راضيا، أما اليوم فمع كل ما يُصرف على العرس إلا أنه يمر وأيدي الآباء على قلوبهم خوفا من وقوع حوادث سيارات أو شجار بسبب الموسيقى العالية وغيرها فقدت أغلب الأعراس اليوم نكهتها وأصبح التسابق والتنافس بين الجيران والأقارب سيد الموقف، والجميع يريد أن يكون عرسه الأحسن والنتيجة تبذير يصل حدودا خيالية وموسيقى تصم الآذان لأيام عديدة، ولأن هناك من العائلات من تفضل استعمال أناشيد دينية أثناء إقامة أفراحهم بدل الموسيقى، انتبه أصحاب ''الديسك جوكي'' لهذا الأمر ولكي لا يخسروا شريحة مهمة استعملوا الأناشيد الدينية لإقامة الأفراح، وفعلا لقيت هذه الفكرة استحسان عدد كبير من الناس وكثر الإقبال على هذه الفرق ولم يعد غريبا أن نسمع أناشيد تصل من هنا وهناك، والأمر لا يتعلق بحفلة دينية بل بعرس أراد له أصحابه أن يختلف عن غيره من الأعراس، ويدل ذلك على أن الجزائريين حتى وإن اختلفت أذواقهم إلا أن طباعهم واحدة ويجمعهم الرغبة في التميّز، وإظهار الفرح بأي شكل من الأشكال، وعن مدى انتشار هذا النوع من الحفلات أكد أغلب من التقيناهم أن الحفلات الدينية بدأت تأخذ طريقها نحو الانتشار بحكم ميل الكثير من الناس إلى الالتزام، إلا أن ''الديسك جوكي'' العادي ما زال هو الآخر يملأ ليالي الكثير من الأحياء الشعبية، وعن الأناشيد التي تقدم في مثل هذه المناسبات، فهي في الأغلب مشرقية يغلب عليها الطابع الخليجي وأما الأناشيد الجزائرية فهي قليلة مقارنة بما يستورد من الدول العربية لم يعد استعمال ''الديسك جوكي'' مقتصرا على الأعراس فقط، بل تعدى استعماله إلى حفلات النجاح الدراسية وأعياد الميلاد وغيرها، هذا وقد ظهر ذلك في السنوات الأخيرة عقب الإعلان عن نتائج الامتحانات، خاصة امتحان شهادة البكالوريا، حيث تبدأ الاحتفالات "الهستيرية" التي تتعدى فيها مظاهر البهجة والفرح ما يحدث في الأعراس، خاصة إذا نجح أكثر من فرد في العائلة أو صديق أو جار، وقتها يطلق العنان للموسيقى دون انقطاع تمتد لعدة أيام منذ حلول الليل إلى غاية طلوع الفجر. أصبحت إقامة الأعراس عبر كامل بلديات ولاية تيارت مرادفة تماما لكلمة "إزعاج"، وهو حال بعض الأفراح والأعراس التي تقام مع نهاية كل أسبوع من هذا الفصل تحديدا، أين تبرز معها مظاهر مزعجة ومقلقة في نفوس الكثير من المواطنين، وذلك في ظل تحوّل بعض مواقع الأعراس إلى شبه كباريهات مفتوحة على الهواء الطلق، في مقابل ذلك يلاحظ أن أصوات الموسيقى والغناء بالكباريهات لا تصل أسماع السكان الذين يقطنون بجوارها ما يلاحظ ميدانيا عبر مختلف بلديات ولاية تيارت، التفنن الواضح من قبل الكثير من العائلات التي تقيم الأفراح والليالي في إزعاج المواطنين، وذلك عن طريق رفعها لمعدلات الصوت الصادرة عما يسميه العامة ب"الديسك جوكي" إلى أقصى الحدود، تردد أغان لا تحمل كلماتها إلا ميزة التردي، متسببين بذلك في إزعاج الجيران وحرمانهم من النوم بهدوء، والغريب في الأمر أن تلك الأصوات تستمر إلى غاية أوقات متأخرة من الليل، حتى أنها لا تنتهي في بعض الأحيان إلا مع بداية بزوغ شمس نهار جديد، هذا ناهيك عن الأصوات التي لا يكف الحاضرون المدعوون إلى العرس عن إصدارها، وتضاف إلى هذه الظواهر المزعجة ظاهرة أخرى على قدر مماثل من الخطورة، ونخص هنا إطلاق بعضهم لعيارات نارية من البارود ليلا، رغم أنه أمر ممنوع، وهو ما سُجل مؤخرا ببلدية "فرندة"،هذا وتتواصل تلك المهازل إلى ساعات متأخرة طوال يومي الأربعاء والخميس بشكل خاص، وعلاوة على ذلك يسجل تجوّل مواكب السيارات الخاصة ببعض الأعراس في ساعات متأخرة من الليل عبر مختلف الأحياء، ولا يتردد أصحابها في بث أغان ماجنة وأصوات صاخبة مصحوبة بصراخ الشباب الراكب في تلك السيارات، كلها سلوكيات باتت تثير قلق الكثير من المواطنين، لاسيما منهم الأطفال الصغار وكبار السن، وفي هذا الصدد تحدّث من اقتربنا منهم لتقصي آرائهم في الموضوع عن تسجيل حالات فزع أثناء النوم بسبب تلك الأصوات الصاخبة المرعبة، التي تدفعهم إلى غلق نوافذهم لتفادي سماع تلك الموسيقى الصاخبة وصراخ المدعوين إلى تلك الأعراس الذين يسجلون حضورهم في حالة ثمالة ورغم أن القوانين واضحة في الشق المتعلق بتنظيم حفلات الأفراح والأعراس، لاسيما تلك التي تمنع بث أغان لا تتمتع إلا برداءة الكلمات في ساعات متأخرة من الليل مع الرفع المتواصل في درجات الصوت، علاوة على القوانين التي تحدد منتصف الليل كآخر وقت لوقف الغناء و أبواق السيارات، في مقابل ذلك يتفنن الكثير ممن يقيمون تلك الأعراس في مخالفة القوانين ويبدعون في إزعاج الغير، في ظل تساهل الجهات المعنية في تنفيذ البنود الواضحة، رغم أن الكثير من الشجارات تسجل أثناء الأعراس بين شباب ثمل تخلّت أفراح ومواكب الأعراس التي تقام بولاية خنشلة عن العادات والتقاليد التي كانت تتميز بها، كاحترام الجار القريب والبعيد، وعدم استعمال الموسيقى والأغاني الصاخبة خاصة بعد منتصف الليل، وتأجيل العرس في حالة وقوع وفاة عند أحد الأقارب أو الجيران، وغيرها من التقاليد التي تعكس الاحترام المتبادل بين الجميع وعدم الإفراط في استعمال البارود، كل هذه الأفعال تخلى عنها المواطن وأصبح يؤذي الجار مع الإصرار على عدم الاكتراث بما قد يصيبه عن طريق الاستعمال العشوائي للبارود، والفوضى في سير الموكب وغلق الطريق أمام الجميع، وعدم احترام إشارات المرور أو المارة والصراخ الذي يطلقه الشباب، تعبيرا عن الفرح أو للفت الانتباه، حتى لو كان ذلك يشكل خطرا على حياتهم من بين العادات الدخيلة التي تُشاهد في مواكب الأعراس بولاية خنشلة والتي تشكل خطرا على المدعوين، تقدمهم أمام الموكب المصحوب بالخيول وطلقات البارود بشكل مكثف في كل الاتجاهات، حيث أصبحت تشكل خطرا على الجميع وفي الأيام الأخيرة أصيب 4 أشخاص بعيارات نارية، وجروح خطيرة في مختلف أنحاء الجسم لرجل وطفل لم يتجاوز سن الخامسة، مما أدى بالمواطنين إلى تجنب مواكب الأعراس، التي أصبحت تقام بطريقة فوضوية، غالبا ما تنتهي بشل حركة المرور وغلق الطرقات أمام القادمين من الجهة المعاكسة، حيث تقوم سيارات الموكب بغلق كامل الشارع أو الطريق التي تمر منه والسير في فوضى، والتوقف وغلق الطريق لمدة أمام الجميع، ورغم تدخل رجال الشرطة لفسح المجال أمام المارة والسيارات القادمة من الجهات الأخرى، خاصة عند مفترق الطرق يصعب على الجميع تنظيمها، وفي كثير من الأحيان يتسبب عدم احترام قانون المرور في مناوشات وملاسنات بين المشاركين في موكب العرس وبين المواطنين. تُسجل في العديد من مواكب الأعراس منذ حلول فصل الصيف، حوادث مرور بين السيارات المشاركة في الموكب، مخلفة بذلك ضحايا وإصابات خطيرة في وسط المشاركين، وفي بعض الأحيان بين أفراد أهل العريس والعروس، خاصة منها المواكب التي تتنقل لمسافات بعيدة وبين البلديات، كما وقع السنة الماضية عندما توفي والد العريس وشقيقه واثنان من أصدقائه، الحادث وقع قبل وصول الموكب لمنزل أهل العروس، مما اضطروا إلى إلغاء حفل الزفاف، الجميع أصبح ينتقد وينبذ التصرفات والفوضى المميزة لمواكب الأعراس، ولمعرفة آراء بعض المواطنين بعد مرور ثلاثة مواكب أعراس في وقت واحد، والتقائهم عند مفترق الطريق المتواجد وسط المدينة وبالضبط عند مقهى "حقاص" طالب مواطنون رفضوا ذكر أسماءهم، من السلطات وخاصة منها الأمنية تطبيق القانون، بعدم السماح باستعمال الأسلحة النارية، وإطلاق البارود الذي أصبح يشكل خطرا على حياتهم، بسبب الاستعمال المفرط والمكثف والعشوائي، وفي أي وقت من النهار أو الليل دون ترخيص، وفرض القانون من طرف شرطة المرور على سيارات مواكب الأعراس، بالسير بانتظام في الطريق واحترام الجميع لغاية نهاية السير والعودة إلى منزل أهل العريس فقدت الأعراس العباسية ميزاتها، حيث قضت قاعات الحفلات على أهم الروابط العائلية التي ما فتئت تتسم بها منذ أقدم العصور، ففيها تسعى بعض الأسر المرموقة إلى الإبداع في كل شيء، حيث تجتمع العائلات حول فكرة تنظيم حفل زفاف مشترك بين أهل الزوجين لتفادي الخسائر المادية، التي غالبا ما تصرف على الثانويات دون الكماليات، وتفضل بعض العرائس التخلي عن التصديرة لما ينعكس عليها من مصاريف أهم ما كان يوحي بقرب حفل زفاف في بيت من بيوت بلعباس العتيقة، هو اجتماع أهل عائلة العريس أو العروس المقربين جدا لتحضير وطبخ ما لذ وطاب من حلويات تقليدية، في جوّ حميمي تمتزج فيه الفرحة بالزغاريد، عادات للأسف تلاشت مع مرور الزمن، ولم يعد لها أثر في وقتنا الحالي، فمعظم العائلات العباسية تخلت عن هذا السلوك، وأضحت تركض وراء "الحلواجية" التي ذاع صيتها لتتولى المهمة، حيث لا يقل سعر حبة حلوى بمستلزماتها عن 50 دينارا، وهو ما يكلف قرابة 5 ملايين سنتيم ل 300 علبة تحمل 3 حبات، فالملاحظون فقط من أهل العرسان ينالون مرادهم، هذا إلى جانب مصاريف الحلوى المقدمة مع الشاي عند نهاية الحفل، وكذا الحلوى المخصصة للأطفال التي لا يستغني عنها أحد، ناهيك عن علب الحلويات التي تكلف أبسط علبة منها 60 انتشرت في ولاية بلعباس خلال الآونة الأخيرة ظاهرة قطع الطريق لإقامة الأعراس، وذلك في الكثير من الأحياء بعاصمة الولاية، وعدد من البلديات الحضرية أو الريفية، حتى أصبح من مظاهر الحياة الطبيعية وجود حواجز بالحجارة أو بكراسي المدعوين في الطرقات، التي تتوسطها الخيم وصهاريج مياه الشرب، وهو ما يسبب معاناة المارة من الراجلين أو أصحاب السيارات، الذين يصبح مطلوبا منهم قطع مسافات إضافية، أو حتى يحرمون من دخول بيوتهم في بعض الأحيان! ورغم أن القوانين صارمة مع أصحاب السيارات، الذين يتوقفون للحظات في الطريق العمومي ويعاقبون عقوبات شديدة، ويصير المواطنون مجرمين إذا ما قطعوا الطريق للاحتجاج على معاناتهم، لكن لا أحد يُحرِّك ساكنا مع المحتفلين ولا أحد يطالبهم بإخلاء الطرق المحتلة لأيام بلياليها، مقابل الزجر الذي مارسته السلطات على قاعات الحفلات غير المطبقة لإجراءات الأمن وكبح الضجيج فأغلقتها كلها باسم القانون، لتسكت عن تجاوزات أكبر تُسجل في الطريق العمومي،