خانوا العهد.. يا أمي.. توشّحوا بابتسامة العصر المتحجرة.. ونسوا أن ابتسامتك... توشحت بزنابق السفح الأخضر... مضوا في الحياة يكتبون أسماءهم... لتتألق وتكبر.. وخلفوني هناك... عند ساقية حالمة.. أمدد عندها خواطري محتدمة كالحلم.. أجدل بخريرها ضفائري المبعثرة.. التي نسيت مثلي أن تكبر.. وأعتكف للصمت في محراب السكون... ساقية عمرها قرون... رقراقة كزهر ربيعي معطر.. هيابة كروحك الدافئة يا أمي... لم تنس العهد مثلهم.. بقيت وفية.... تحتكر مبسمك يخفق حنانا"... وتخنق برودة أحاسيسهم وقسوتها... تمضي بي بعيدا"... إلى ذراعيك... خانوا العهد يا أمي.. غرسوا الشوك في دربي... داسوا الورد بأقدامهم مقهقهين... فهرعت إليها كما هرعت إليك طفلة... ساقية هي مثوى طفولتي.. وذكرياتي.. تقبل غرّة الصباح كل يوم... تنثرني زنابق متألقة كالوهج.... أنادي...لما رحلت يا أمي؟.... عبق الغروب في هامات النخل... فتذرعوا بالظلام وهطول المطر.. وتواروا في بلاد سحيقة.. غاب منها الانسان..عن أخيه الانسان... وزوابع تصطك حولها بأنين.. فبقيت وحيدة.. أناجي مدى السكوت... ولكن..لا تحزني أمي...فالساقية ما زالت هنا... تصب في روحي.. وتعج في نبضي... وتقيني من شرور الأحزان... ومن دمعي الذي كان يستجديهم العودة...