جدتي والأمس.. وسجائر تحترق... وقلب يرنو بتوق للماضي..للشوق..للندى والهمس... جدتي والأمس.. ودخان يتسرب من فجاج عميقة... لسجائر ينفثها الأنين..وتضج بها الذكرى.. وحضن جدتي تربت على ضفائري... فتبعث الطمأنينة في الروح وتجذل لها النفس... جدتي والأمس.. وأقاصيص الحب والتصوف... وأميرة ألفت الحبيب بعد غياب... وبعد أن حطمت عنها أغلال الحبس... وأنبياء ورسل هلوا... وأحاديث عن السماء تجلجل من عظمة الله... وحكم كثيرة.....ونيران وشهب وقبس....... جدتي والأمس.. وسجائر تحترق... وقلب يرنو بتوق للماضي..للشوق..للندى والهمس... جدتي والأمس.. وفتاة صغيرة تتلفح بأذيال السذاجة... وعيون بريئة تحلم...وأيادي منمقة... تبحث...تستكشف..تهوى اللمس... وحكايا تعبق في المكان.. يفوح بعطر الماضي... بلازوردية سحره وجهله.. وحب قديم..عساه مر؟.. كما يمضي العمر على غفلة.. كقطار يقف عند محطة.. ثم يهرع ناشدا" المسير.. حينما يهتف به رنين الجرس.. جدتي والأمس... وضحكات زرعت في البستان.. واكتست بها الزهور..وتلون بها الكون.. ورسخت في زوايا القرية تحميها كأنها الحرس.. جدتي والأمس.. وسجائر تحترق.. وتردد الشوق إليهما.. بأمل..بألم..بهوس.. جدتي والأمس... في دارها القديم تتخبط الأحداث السالفة.. وتتكلم الجدران عنها..وتفتر الزوايا لها.. ويفيض بها الركن..وينبئ عنها الحدس... جدتي والأمس.. ورفاق تتالوا في ذاكرة الحدث.. تهلل بهم الروع..وثمل بهم المكان والزمان.. وأودعوا البهجة في أمتعة القلب.. وأثقلوا الحياة بالأنس.. جدتي والأمس.. يا لها من أيام يتهدج بها الوتر.. يتبعثر من ناي زمردي عتيق.. أودعه الراعي عند ساقية حالمة.. وبح من قطرات الندى يثمل منها.. ودربه الطويل بها يلتمس.. جدتي والأمس... يا لها من ليال يرتعش لها اللب في الصميم... يدونها أسطورة خيالية يغالي بها... يلثم أطلالها بود جارف... يتقمصها كالروح تتقمص الجسد... جدتي والأمس... وسجائر تحترق... وأرجوحتي ولعبي... وكتبي وبلور نافذتي... وأمي ودفء ثوبها المعطر بالحنان... وكراريس الشعر تهتف لي مناغية نبضي.. وعالم مشع بالضيا.. لا يعرف مصاعب الحياة ولا يعتريه اليأس... جدتي والأمس.. وسجائر تحترق... وقلب يرنو بتوق للماضي..للشوق..للندى..للهمس.