آخر الحلقات في مسلسل الاتهامات الموجهة للجزائر بخصوص دعم القذافي بالسلاح هو ما نشرته وسائل إعلام عالمية عن وجود وثائق تثبت مساعي نظام القذافي للحصول على السلاح من الصين التي تكون قد اقترحت أن يتم التسليم عبر الجزائر أو جنوب إفريقيا، ويجري تقديم هذه المعلومات على أنها دليل لا يرقى إليه الشك يدين الجزائر، رغم أن الوثائق تحدثت عن مساع فقط ولم تحمل أي معلومة تجعل الجزائر طرفا في العملية ملخص القصة هو أن مسؤولين عسكريين ليبيين كبارا زاروا الصين في شهر جويلية الماضي وبحثوا مع شركات صينية إمكانية إبرام صفقات يحصل بموجبها القذافي على أسلحة، لكن الصينيين اشترطوا أن يتم التسليم عن طريق الجزائر أو جنوب إفريقيا، ولم يرد في الوثائق، التي حصلت عليها هيومن رايتس ووتش وسلمتها لوسائل إعلام عالمية، أي إشارة إلى أن هذه الصفقات تمت، كما لم ترد في الوثائق إشارة إلى وجود طرف جزائري في العملية، وبقي الأمر محصورا في مجرد أفكار تبادلها مسؤولون ليبيون مع ممثلين لشركات صينية ومسؤولين في بكين وزارة الخارجية الصينية ردت على ما نشرته صحيفة "ذا غلوب أند مايل" الكندية التي نشرت الخبر وأعلنت أمس أن الصين لم تزود ليبيا بأسلحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، حتى وان كان نظام معمر القذافي قد اتصل بشركات صينية، وقالت يانغ يو المتحدثة باسم الوزارة ردا على سؤال حول معلومات نشرتها صحيفة كندية مفادها أن بكين عرضت أسلحة على القذافي، "في جويلية أرسلت حكومة القذافي شخصا إلى الصين من دون علم الحكومة الصينية للاتصال بأعضاء في شركات مهتمة بالأمر" ، وأضافت أن "الشركات الصينية لم توقع عقودا تجارية ولم تصدر معدات عسكرية إلى ليبيا"، وتابعت "لم تزود الشركات الصينية ليبيا بمعدات عسكرية بشكل مباشر أو غير مباشر"، وردا على سؤال حول عقوبات محتملة قد تفرضها بكين على الشركات الصينية المعنية أجابت أن "السلطات المكلفة بصفقات بيع الأسلحة ستدرس هذا الأمر بجدية المشكلة التي تطرح الآن هي أن بعض عناصر المعارضة هي التي تصر على مواصلة اتهام الجزائر، فقد أصر عمر حريري المكلف بالشؤون العسكرية في المجلس الانتقالي الليبي على القول بأن الصفقة أبرمت بالفعل وأن هذا ما يفسر وجود أسلحة جديدة في ميادين المعارك خلال الشهرين الأخيرين، ويجري التركيز على الجزائر تحديدا من خلال القول إن معظم الأسلحة التي طلبها الليبيون موجودة بالفعل لدى الجيش الجزائري وقد تم تسليمها لليبيين عبر الحدود في حين تم إبرام الصفقة مع الجزائر، وهذه الادعاءات ليس هناك ما يدعمها، سواء في الوثائق التي نشرتها الصحيفة الكندية، أو فيما يدعي عناصر المعارضة أنه بين أيديهم من وثائق وأدلة جنوب إفريقيا لم تتعرض لأي حملة سياسية، فرغم إعلانها الصريح عن عدم الاعتراف بشرعية سيطرة المعارضة على الحكم، ورفضها حضور مؤتمر باريس حول ليبيا، فقد تمت الإشارة إليها عرضا، في حين أن الموقف الصيني بدأ ينسب إلى شركات لصناعة السلاح ربما سيوجه لها اللوم لخرقها الحظر الدولي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على بيع السلاح لليبيا في بداية الأزمة شهر فيفري الماضي، ولا توجد إشارات إلى توتر العلاقة بين المجلس الانتقالي والصين التي ترفض إلى حد الآن الاعتراف بالسلطة الجديدة في طرابلس، بل إن المجلس الانتقالي التزم بشكل واضح بحماية الاستثمارات الأجنبية في ليبيا ومن ضمنها استثمارات صينية السعي إلى تخريب العلاقة الجزائرية الليبية يبدو أنه أصبح هدفا لأطراف في المعارضة الليبية، فالمكلف بالشؤون العسكرية في المجلس الانتقالي يناقض بشكل صريح المواقف التي عبر عنها مصطفى عبد الجليل عندما هون من أمر الاتهامات التي وجهت إلى الجزائر بالقول إن وسائل الإعلام ضخمت الأمور، والتزم بالعمل من أجل علاقة متينة ومستقرة مع الجزائر، وربما تكون هذه التصريحات بالذات هي التي دفعت أطرافا في المجلس، وخاصة العسكريين منهم، إلى إعادة فتح ملف الاتهامات الموجهة للجزائر بدعم القذافي، وهو أمر يؤكد مرة أخرى عدم الانسجام داخل صفوف المعارضة، وارتباط بعض أعضاء هذا المجلس بأجندات خارجية التركيز على الجزائر دون جنوب إفريقيا والصين يفسر الرغبة في تحجيم الدور الإقليمي للجزائر، فبحكم الجوار يعتبر تدهور العلاقة بين الجزائروطرابلس عاملا غير مساعد للجزائر، وربما يكون منفذا للقوى الغربية، وعلى رأسها فرنسا من أجل بسط نفوذها بشكل مباشر على منطقة الساحل الإفريقي، وهي المنطقة التي تشهد اليوم تنسيقا غير مسبوق بين دول المنطقة في ميدان مكافحة الإرهاب بقيادة الجزائر ودون تدخل للقوى الكبرى، ومن هنا فإن التسلل عبر المنفذ الليبي أصبح أفضل الخيارات أمام باريس التي تريد من الآن الاحتفاظ بأوراق ضغط على الجزائر ربما تستعملها في مراحل لاحقة خاصة وأن هناك سعيا واضحا إلى توسيع رقعة الترتيبات الإقليمية الجديدة لتشمل دولا عربية جديدة في المشرق والمغرب