انتهى اجتماع الثلاثية إلى اعتماد قرار رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون إلى 18 ألف دينار، أي زيادة بنسبة 20 بالمائة، وهو ما ستنجر عنه زيادات في أجور عدد محدود من المتقاعدين، في وقت نجحت فيه الحكومة في أقناع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين بعدم جدوى تخفيض أو إلغاء الضريبة عن الدخل، في حين تمّ تأجيل الحسم في تحسين القدرة الشرائية لفئة المتقاعدين إلى وقت لاحق. باستثناء المكسب الذي حقّقه عمال الوظيف العمومي الذي يراوح سقف أجرهم الأدنى المضمون 15 ألف دينار، فإن اجتماع الثلاثية خرج بنتائج متفاوتة خاصة ما تعلّق منها بفئة المتقاعدين، ومقابل ذلك تمكّن أرباب العمل ورؤساء المؤسسات والمتعاملون الاقتصاديون من خلال ممثليهم في الثلاثية، من افتكاك عدد من التزامات من طرف الحكومة قصد تحسين مناخ الاستثمار ومنح مزيد من التسهيلات على الصعيد الإداري لتسريع عملية إعادة جدولة الديون الجبائية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بناء قرارات الثلاثية الاقتصادية الأخيرة. وظهر رسميا من خلال البيان الختامي لقمة الثلاثية بأن الحكومة هي التي اقترحت عمليا رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون إلى 18 ألف دج، وليس المركزية النقابية، وهذا بعدما طرح الاتحاد العام للعمال الجزائريين ملف القدرة الشرائية على طاولة النقاش واعتبر أن المداخيل الحالية للعديد من العمال تظل غير كافية بشكل كبير مقارنة بتطور كلفة العيش مقترحا بذلك عدة طرق لتحسين الوضع المعيشي على رأس ذلك مراجعة الضريبة على الدخل العام «إي أر جي» وإلغاء المادة «87 مُكرر» المتعلقة بطريقة حساب الأجر الوطني الأدنى المضمون. وأبدت منظمات أرباب العمل المُشاركة تحفظها في اللقاء على الطلب الذي تقدمت به المركزية النقابية بحجة الاتفاقيات المتعلقة بالأجور التي اُبرمت سنة 2010 وبهدف الحفاظ على ديمومة المؤسسات الاقتصادية بالرغم من تأكيدها موازاة مع ذلك بأن الطلب مشروع. ومن جانبها فإن الحكومة شددت على أن دراسة هذا الملف لا يجب أن تتم بمعزل عن عوامل متعددة في مقدمتها حالة المالية العمومية «التي بات يطبعها من جديد ظهور عجز هام للميزانية بفعل سياسة الدولة الخاصة بالأجور». وركزت السلطات العمومية، ممثلة في الوزير الأول، على أهمية التحويلات الاجتماعية إلى جانب حجم الاستثمارات العمومية، إلى جانب كون سنة 2010 قد شهدت دخول الأنظمة التعويضية الجديدة حيز التنفيذ مع أثر رجعي ابتداء من 2008، بحيث يُرتقب أن ترتفع كتلة أجور الموظفين إلى 2850 مليار دج سنة 2012 مقابل 1126 مليار دج سنة 2008. ووفق الحجج التي قدّمتها الحكومة فإن تحسين القدرة الشرائية لا ينبغي أن يتجاهل «المخاطر التي قد تلحق بالمجموعة الوطنية والمؤسسات والتشغيل والعمال» خصوصا وأنها أشارت إلى كون الظرف الاقتصادي الدولي الراهن يتميز بركود سيُؤثر حتما على طلب وأسعار المحروقات وبالتالي على الاقتصاد الوطني.. «وهي كلها أسباب تفرض نفسها كي يتم تجنب أي إجراء من شأنه أن يزيد في تفاقم عجز الميزانية» حسب نصّ البيان الختامي.