أكد رئيس اللجنة الوطنية لحماية وترقية حقوق الإنسان «فاروق قسنطيني» أن العنف ضد المرأة في الجزائر يشهد انتشارا واسعا نتيجة سوء الأوضاع الإجتماعية. وأكد «قسنطيني» أن سوء الأوضاع الاجتماعية «يضاعف» من حدة الظاهرة التي أخذت «منعرجا خطيرا» خاصة مع تفشي ظاهرة البطالة في الأوساط العائلية، وأضاف «قسنطيني»، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي سيتم إحياؤه غدا الخميس، أن «الأجواء غير الملائمة داخل الأسر تجعل العلاقات العائلية أكثر تعقيدا سواء لدى الأسر المقيمة في المدن الكبرى أو في المداشر والقرى»، وتأسف «قسنطيني» لانتشار الظاهرة رغم تنبيه اللجنة في تقاريرها السنوية حول أوضاع حقوق الإنسان بالجزائر إلى «خطورة ظاهرة العنف ضد المرأة»، مؤكدا أن اللجنة جددت تنديدها في تقريرها الحالي باستمرار الظاهرة التي تعود أساسا إلى تردي الأوضاع الاجتماعية للجزائريين، وأضاف أن الظاهرة «بدأت تتفاقم بازدياد حدة التوترات الاجتماعية»، مشيرا إلى أن ظاهرة العنف «لن تتراجع ما لم نقدم الحلول المناسبة». كما تأسف «قسنطيني» لتفشي ظاهرة العنف التي أخذت، حسبه، أبعادا خطيرة في المجتمع الجزائري لاسيما عندما يكون المعتدي من أصول الضحية الأمر الذي «يعد أكثر انتشارا مما يمكننا اعتقاده»، وأشار الحقوقي إلى أن ظاهرة العنف «تمارس أيضا ضد الفروع حيث يعاني عديد الأطفال من سوء المعاملة»، مضيفا أن الطريقة «الأمثل» لمواجهة هذه الظاهرة تكمن «أولا في الحصول على إحصائيات»، وأضاف «قسنطيني» أن الطريقة المثلى لمكافحة العنف الممارس ضد المرأة «لا تكمن في القمع بل في التربية التي تبدأ في كنف العائلة ثم المدرسة وفي المساجد»، مؤكدا بالقول «لابد أن يفهم “الذكور” أن استعمال العنف ضد المرأة أو الزوجة أو غيرها أمر سيء لأنه لا يوجد شيء مخزي بالنسبة للرجل أكثر من رفع يده على المرأة»، وأضاف أنه على الرغم من «عدم وجود أي مبرر» لهذا النوع من العنف إلا أن «ضيق المسكن والبطالة والظروف المعيشية الصعبة تزيد من الاحتكاكات والتوترات بين الأزواج وأفراد العائلة الواحدة». وحسب «قسنطيني» فإن «تأثير المخدرات التي عوضت تناول المشروبات الكحولية بسبب غلاء ثمنها تعد من ضمن الأسباب الرئيسية للعنف الممارس ضد النساء والزوجات والأخوات والبنات»، وأشار «قسنطيني» إلى أن اللجنة تلقت عدة شكاوى من النساء، غير أن غالبية الضحايا يترددن في رفع شكوى خوفا من الطلاق أو الانتقام، وفي هذا الصدد دعا «قسنطيني» إلى «سن أحكام قانونية و جنائية مشددة متبوعة بتطبيق صارم» من أجل مكافحة العنف الممارس ضد المرأة «بشكل فعال»، واقترح «قسنطيني» إدراج، على سبيل المثال، قانون يسمح بمباشرة إجراء قضائي على أساس مجرد شهادة من الجيران، واعتبر أن كل تصرف عنيف ضد المرأة «يعتبر انتهاكا لحقوقها الأساسية في الحياة والأمن والكرامة ويشكل جرما غير مقبول ومهين». وأكد في ذات السياق أن انتهاك هذه الحقوق «لا يمكن تبريره مهما كان السبب كما أن العنف ضد المرأة يعد عقبة أمام تحقيق المساواة والتنمية والسلام والأمن ولهذا يجب مكافحة هذا العنف بصرامة وحزم»، وأشار «قسنطيني» أنه بالرغم من أن الجزائر قامت بتعديل نصوصها بما جعل الضرب والجرح جنحة قد تصل العقوبة بشأنها إلى غاية 10 سنوات سجنا في حال وجود سبق الإصرار والترصد أو حمل السلاح (المادة 266 من قانون العقوبات) إلا أن هذا «يبقى غير كاف»، كما قال، من أجل القضاء على العنف ضد المرأة لاسيما وأن الضحايا يترددن في رفع شكوى خوفا من الطلاق أو الانتقام.