أفاد مصدر حكومي بأن الجزائر باشرت رسميا إجراءات ترحيل عائلة العقيد الراحل «معمر القذافي» على خلفية توالي تصريحات نجلته «عائشة» وعدم امتثالها لقواعد الضيافة التي خُصّت بها. ولم يكشف المصدر الذي تحدّث مع «الأيام» عن تفاصيل إضافية بهذا الخصوص لكنه أشار إلى التحذيرات التي أطلقتها وزارة الشؤون الخارجية عندما أبلغت «عائشة» بأن تكرار الخرجات الإعلامية يعني عمليا وجوب مغادرتها بلادنا. أورد مصدر حكومي أن هناك تدابير عملية من أجل التعامل مع ما أسماه «خرق» نجلة العقيد الليبي الراحل «معمر القذافي» لتقاليد الضيافة التي حضيت بها في الجزائر، لكن مصدرنا اعتذر عن تقديم مزيد من التفاصيل حول طبيعة هذه الإجراءات التي كشف عنها ولو أنه أكد في المقابل بأن الأمر يتعلق ب «الترحيل» وكذا «وضع حدّ لهذه التصرّفات غير المسؤولة»، مشيرا إلى أن الصورة ستتضح أكثر في الأيام المقبلة. وتأتي هذه الخطوة ردّا على تحدّي «عائشة معمر القذافي» للتحذيرات التي سبق وأن وجّهتها لها السلطات الجزائرية التي استقبلتها أواخر شهر أوت الماضي لاعتبارات وصفت حينها ب «الإنسانية». وعُلم أيضا أن هناك اتصالات مع عدة دول في إفريقيا وأمريكا اللاتينية قصد استكمال ترتيبات الترحيل في أقرب الآجال خصوصا وأن السلطات الرسمية في بلادنا تُدرك بأن استمرار «عائشة» في التصريح يعني مزيدا من الضغوط الدولية وكذا الخلافات مع السلطات الجديدة في ليبيا وهو ما لا يخدم المساعي الجارية لمواجهة التحدّيات الأمنية المفروضة في المنطقة. والواقع أن ما حصلت عليه «الأيام» من معلومات بشأن ترحيل عائلة «القذافي» إلى وجهة لم تتحدّد حتى الآن كان أمرا مطروحا خصوصا في أعقاب تصريح «عائشة» الأوّل عبر قناة «الرأي» التي تبثّ من سوريا عندما أكدت أن والدها بخير وبصحة جيدة قبل أيام من اغتياله، وقد ردّ عليها الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية قائلا: «يجب على عائشة القذافي وكل أفراد عائلتها المتواجدين بالجزائر الامتناع عن أي تصريح أو نشاط سياسي أو حزبي أو إعلامي، وإلا سيتم نقلهم إلى وجهة أخرى..». ومن جانبه فإن وزير الشؤون الخارجية، «مراد مدلسي»، علّق على تلك الحادثة من «نيويورك»: «بلغني التصريح الذي أدلت به السيدة عائشة القذافي.. ولا يسعني سوى أن أعبر عن دهشتي أمام مثل هذا التصريح الصادر عن سيدة استقبلتها الجزائر مع باقي أفراد عائلتها لدواع إنسانية والذي يتعارض مع واجباتها تجاه البلد الذي استقبلها». وبعد أن تحدّت «عائشة» السلطات الجزائرية من جديد بمناسبة مرور أربعين يوما عن وفاة والدها ودعت إلى الثورة على المجلس الانتقالي، سارعت وزارة الشؤون الخارجية أمس الأول إلى استنكار الخطوة التي وصفتها ب «غير المقبولة». وحول هذا الموضوع صرّح الناطق الرسمي للوزارة «عمار بلاني» يقول: «إننا نأسف لهذه التصريحات غير المقبولة كما نأسف بشدة لقيام السيدة عائشة القذافي بانتهاك وللمرة الثانية قواعد الضيافة التي حضيت بها لدواعي إنسانية بالجزائر». وكان الجديد الذي حمله تصريح الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية هو تأكيده بأن إقامة عائلة «القذافي» بشكل مؤقت على أساس أن: «عائلة القذافي ضيفة الجزائر لفترة زمنية محدودة كما أكده سابقا وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي». وأكثر من ذلك فإنه لمّح إلى إمكانية الترحيل عندما تابع حديثه: «سنقوم بدراسة كل العواقب الناجمة عن هذا التجاوز الجديد لواجب التحفظ الذي يفرضه وضع أعضاء هذه العائلة في الجزائر». وتتزامن هذه المستجدات مع التحضير الجاري لاستقبال وفدين رفيعين عن المجلس الانتقالي الليبي بحسب ما سبق وأعلن عنه «بلاني»، ويتعلق الأمر بوفد من الخبراء الذي سيقدم إلى الجزائر من أجل مناقشة الملفات ذات الأولوية التي تخصّ التعاون المشترك وخاصة التحدّيات الأمنية، إضافة إلى وفد سياسي آخر غير مستبعد أن يقوده رئيس الحكومة الحالي «عبد الرحيم الكيب»، وهما الزيارتان المتوقع أن تُنهيا حالة الفتور التي خيّمت على علاقات البلدين منذ مارس الماضي خصوصا بعد لقاء «بوتفليقة» الأخير بقطر مع «مصطفى عبد الجليل».