بقلم: غادة مخّول/ لبنان وحدي في عالم يسوده الضباب ويلّفُه الغموض.. أبتسمُ في حضرة الملائكة.. مستلقية على سرير أبيض.. أتابع بأرق صامت.. السكون المستمر المخيّم على غرفتي. أحّسُ بالوجهين المتجهمين يراقبان زفرات أنفاسي بقلقٍ بادٍ.. سمعتُها تسألهُ .. - هل ستحتفظ برسائلها بعد أن تُفارق الحياة؟ - أرجوكِ اخفضي صوتكِ!..قد تسمعكِ..تدركين بأنها صديقة عزيزة.. لم يكن من السهل عليّ أن أصدّها! - اسمعني حبيبي.. لا يمكنك أن تحتفظ بشيء منها إن أردت البقاء معي..ليكن هذا الوداع الأخير (يرتجف صوته) - أجل..الرسائل..لا قيمة لها !.. قسوةٌ.. أصابتني كرصاصة في القلب .. تدفق الوجع وانتفض في داخلي.. كنتُ أكتبُ له بالدمع مداداً.. ربما لم تعنِه مشاعري أبداً..ولكنه بالنسبة لي كان مصدر إيمان لوجودي وتأكيد لذاتي.. تقدمَ نحوي بخطوة وانحنى قليلاً.. - أدعو لكِ بالشفاء العاجل.. يا صديقتي الغالية.. اهتزت غيبوبتي مرة جديدة لصوته.. ياااه..صوته!.. ليته عَلِم كم أكرهُ كلمة “صديقتي”.. يا لها من صفة!.. كيف أخبره؟ كيف؟؟ مدّ يده ليتلمس شعري وجبيني، فشعرتُ بنبضي يتسارع، وقناع الأوكسجين على وجهي يكاد يخنق روحي.. لن يسمعني مهما ناديته الآن عالياً في محراب ألمي.. تمنيتُ لو يضمني، لا بذراعيّه، إنّما بروحه.. يا الله ساعدني!.. تسمّرتُ في أعماقي.. بينما سمعتهما يخطوان نحو الباب.. ويرحلان معاً..