اعتبر وزير الداخلية «دحو ولد قابلية» أن القوانين المتعلقة بالإصلاح السياسي تم تمريرها كما هي، وقلل من تأثير التعديلات التي أدخلها النواب على هذه القوانين، وهو ما يؤكد مرة أخرى ما ذهب إليه الرئيس بوتفليقة من أن الإصلاحات سائرة على الطريق الذي رسم لها. في حديثه الذي بثته القناة الثالثة للإذاعة الوطنية أمس، بدا وزير الداخلية واضحا في تصريحاته بخصوص الطريقة التي تناول بها البرلمان مشاريع القوانين المتعلقة بالإصلاحات، وفي نظره فإن “التغييرات التي حصلت على هذه القوانين كانت عديدة وأساسية..هذا أمر لا جدال فيه”، غير أن هذه التغييرات لم تمس جوهر القوانين وهو ما جعله يقول: “بالنسبة لي أعتبر أن المشاريع التي صودق عليها من طرف مجلس الوزراء تم تمريرها كما هي”. فمن ناحية المضمون اعتبر وزير الداخلية أن القانون العضوي المتعلق بالانتخابات “يفتح المجال لمشاركة الناخبين في أحسن ظروف الصرامة والشفافية والاندماج” كما أنه “يسمح بالاختيار الحر والسيد للجزائريين والتعبير عن إرادتهم السياسية”، كما أن قوانين الإعلام والأحزاب والجمعيات “تفتح المجال لتطبيق فعلي للمبادئ الواردة الدستور” من خلال “تمكين المواطنين من حرية التعبير والتنظيم في أحزاب أو جمعيات دون تضييق سوى الالتزام بالحدود التي وضعها الدستور نفسه من خلال احترام القيم الأخلاقية والحضارية للشعب والسيادة الوطنية والوحدة الوطنية وكذا الهوية الوطنية”، إلى جانب “رفض إنشاء أحزاب على قواعد دينية أو اثنية أو عرقية”، وهذا هو العمق الحقيقي الذي تستهدفه الإصلاحات والذي لم تمس بها التعديلات التي أدخلها النواب. وردا على وصف بعض الأحزاب للإصلاحات بأنها فارغة من محتواها اعتبر ولد قابلية أن التغييرات التي جاءت بها قوانين الإصلاح المصادق عليها كانت “تغييرات أساسية والشعب أظهر تفاعلا إيجابيا مع هذه التغييرات”. وزير الداخلية لخص أهم التعديلات في مادة استقالة الوزراء المرشحين التي تمّ حذفها، وقد قلل من أهمية هذا التعديل واعتبر أنه “ليس له تأثير أصلا على الانتخابات”، أما النقطة الثانية فتخص “التجوال السياسي”، واعترف بأن “إسقاط المادة التي تمنع التحوّل من حزب إلى آخر أزعج حزبا سياسيا” وقال إن “هذه المسألة ليست ذات أهمية”، أما المسألة الثالثة أثارت حفيظة بعض النواب فهي المادة الرابعة من القانون العضوي المتعلق بالأحزاب التي تمنع عودة قيادات الحزب المنحل للنشاط السياسي، كما أن “بعض الأحزاب لم تتقبل الإجراءات التي تضمنها قانون الجمعيات بإخضاع المساهمات المالية القادمة من الخارج الموجهة للجمعيات الوطنية إلى ترخيص” “في هذا المجال الترخيص لا يعني فقط المساعدات التي تأتي من الدول الغربية ولكن أيضا تلك القادمة من بلدان عربية وإسلامية”، وأشار إلى أنه تم إسقاط التعديلين الأخيرين وتم تمرير القانون بصيغته الأولية. تصريحات دحو ولد قابلية تنسجم تماما مع ما ذهب إليه الرئيس بوتفليقة في خطابه بمناسبة افتتاح السنة القضائية عندما رد على منتقدي الإصلاحات بإعادة الخلافات التي ظهرت بين أحزاب التحالف الرئاسي إلى إطاره الطبيعي ضمن تباين الرؤى، وبهذا الخصوص قال “إن الإصلاحات هي إصلاحات الشعب الجزائري، هذه الإصلاحات قد تدخل في رؤية حزب أو حزب آخر من الكتلة الحكومية، وقد لا تكون ضمن رؤيتها” وفي تقديره فإن هذا ” أمر طبيعي لأن هذا من الديمقراطية خاصة وأننا مقبلون على استحقاقات سياسية هامة”، وهذا التنبيه لا يعني أحزاب التحالف الرئاسي فحسب، بل هو يحمل ردا مباشرا على المشككين في التوافق الحاصل داخل السلطة حول الإصلاحات، وقد تمت قراءة معارضة نواب الأغلبية لبعض تفاصيل قوانين الإصلاحات، والتعديلات الجوهرية التي أدخلوها على هذه القوانين، على أنها مقاومة للإصلاح من قبل دوائر في السلطة تكون هي التي حرضت نواب الأفلان تحديدا على إفراغ القوانين من أي مضمون إصلاحي، وقد جاء هذا التصحيح من جانب بوتفليقة في وقت حساس، حيث أعلن صراحة تحمله لمسؤولية الإصلاحات والطريقة التي طرحت بها، وهو ما كان قد أكده قبل ذلك في اجتماع مجلس الوزراء أيضا. نفس الموقف كان قد عبّر عنه أحمد أويحيى بمناسبة عقد الاجتماع الوطني للتجمع الوطني الديمقراطي عندما قال إن “لم يجعل من الإصلاحات سجلا تجاريا سياسيا ولم يجعل الإصلاحات منبرا سياسيا” وأن “كل ما جاء في قوانين الإصلاح من قيم ومبادئ هي من صميم قناعات الحزب”، وأكثر من هذا فإن وصف وزير الداخلية مغادرة حركة مجتمع السلم للتحالف الرئاسي بالانسحاب التكتيكي يؤكد أن لا خلاف حول الإصلاحات، وأن تباين وجهات النظر بين أحزاب التحالف الرئاسي لا تؤشر على وجود أي صراع داخل السلطة، وأن الإصلاحات يجري تنفيذها حسب الطريقة التي أرادها الرئيس بوتفليقة ووفق المنهجية التي اعتمدها.