أكد الرئيس التونسي «محمد المنصف المرزوقي»، عشية زيارته للجزائر، أن دول المغرب العربي يمكنها إعطاء دفع قوي لهذا الكيان الإقليمي وإعادة إطلاق هذا المشروع. وقال المرزوقي، في حديث لوكالة الأنباء الجزائرية، «إنني شخصيا استعيد حلم جيل والدي عندما كان الجميع مغاربيا فهذا الجيل كان يمتلك دما مغاربيا أكثر منا ولقد حان الوقت لاستعادة هذه المغاربية»، واعتبر الرئيس التونسي بأنه على أساس ترقية الحريات الخمس، أي التنقل والعمل والإقامة والملكية والمشاركة في الانتخابات البلدية، يمكن للدول المغاربية إعطاء دفع كبير لعملية بناء صرح المغرب العربي في انتظار اكتساب برلمان مغاربي حقيقي يتمتع بسلطة حقيقية وكذا إقامة مجلس دستوري على ضوء النموذج الذي تبناه الأوربيون، مشددا على أن دول المغرب العربي يجب أن تتمتع بمؤسسات قوية وحقيقية مشتركة وبفضاء مغاربي متفتح، كما أعرب عن «أمله» في إعادة بعث البناء المغاربي في ضوء الاتجاه الجديد الذي اتخذته المنطقة بعد «ثورات تونس وليبيا» والتحولات الجارية حاليا في الجزائر والمغرب والتي تذهب في الاتجاه نفسه أي اتجاه الإصلاحات وتفتح الأنظمة على إرادة شعوبها. وحول قضية الصحراء الغربية البلد الذي ينتظر تنظيم استفتاء تقرير المصير من طرف الأممالمتحدة أكد الرئيس «محمد المنصف المرزوقي» بأن المشكل موجود ولا يمكن غض النظر عنه، معربا عن اعتقاده بأن «العقبة التي لا يمكن التغلب عليها لابد من وضعها جانبا» أي مواصلة تنظيم المغرب العربي على أساس الحريات الخمس وترك المشكل مطروحا على مستوى هيئة الأممالمتحدة. وومن جهة أخرى أكد الرئيس التونسي بأن ما تنتظره بلاده من الجزائر يعتبر «جد هام»، موضحا بأنه سينتقل إلى الجزائر حاملا عدة أفكار تخص التنمية المشتركة، وأبرز الرئيس التونسي بأن «الانتظارات تبقى جد مهمة وبأن زيارته للجزائر تعد رمزية» باعتبار أنه عاش مع الجزائر محنتها منذ طفولته وبأن والده كان من النشطاء المؤيدين لحرب التحرير الجزائرية، وشدد على أن هناك انتظارات تكتسي الطابع المحلي، وقال «أنتم تعلمون بأننا نمر بأزمة اقتصادية واجتماعية خطيرة وأن جيوب الفقر توجد وتنتشر بشكل رئيسي في مناطق حدودنا الغربية والجنوبية»، مبرزا بأنه سينتقل إلى الجزائر حاملا عدة أفكار تخص التنمية المشتركة لكل المناطق الحدودية بين البلدين «وهنا تكمن انتظاراتنا المتعددة» على حد قوله. ولاحظ الرئيس التونسي بأن هناك العديد من الاتفاقيات بين الجزائروتونس «إلا أن التطبيق يعد ضئيلا» وذكر على سبيل المثال بوجود العديد من المواطنين التونسيين من أصول جزائرية ولدوا بتونس بل ولد آباؤهم بتونس ولا يعرفون الجزائر البتة لكنهم يعتبرون لغاية الساعة كأجانب، واصفا ذلك ب «الأمر السخيف»، وحسب المروزقي، الأستاذ في الطب والمناضل في مجال حقوق الإنسان، فإن الأمر يتعلق بمسائل الإقامة والتنقل والملكية التي «لم تجد طريقها إلى الحل»، وفي ذات السياق دعا إلى «تكريس إرادة سياسية قوية كي يشعر الجزائريون في تونس بأنهم في وطنهم ويحس التونسيون في الجزائر بأنهم في بلدهم أيضا». وحول تسوية وضعيات حوالي 15 ألف جزائري يعيشون في تونس والذين يواجهون مشاكل إدارية اعتبر الرئيس التونسي «أن مسار تسوية هذه المشاكل قد تم الشروع فيه»، وفي مجال التعاون الأمني الثنائي بين البلدين لم يفت «محمد المنصف المروزقي» التأكيد بأن المؤسسات العسكرية في الجزائروتونس تنسق أعمالهما بشكل وثيق، وفي هذا المضمار ذكر بأن المؤسستين تعملان بشكل منسق منذ عدة سنوات وأن التعاون بينهما يجري على قدم وساق، كما بيّن أهمية وضرورة التنسيق الأمني بين دول المغرب العربي الخمس لتأمين هذه المنطقة المهددة فعلا بالتسلل الإرهابي كونها مناطق شاسعة وصحراوية، معربا عن استعداد بلاده للقيام بذلك مع الجزائر في نطاق مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة. وعلى الصعيد الدولي استنكر الرئيس التونسي الوضع في سوريا خاصة أمام تزايد عدد القتلى، معربا عن «تأييده ودعمه للشعب السوري»، ومنددا «بشدة» بنظام بشار الأسد، ويرى أن الحل الوحيد يكمن في «انسحاب هذا الرجل من سدة الحكم» وبالتالي إيجاد حل سياسي أي قيام حكومة وحدة وطنية تتولى تنظيم الفترة الانتقالية في انتظار إجراء انتخابات حرة ونزيهة، «فنظام البعث قد انتهى ولابد له من الانسحاب»”على حد قوله، وبالمقابل عبر الرئيس التونسي عن «رفضه البات» إرسال قوات عسكرية أجنبية إلى سوريا، مذكرا بأن بلاده قبلت في السابق على مضض وبتردد هذا الأمر بالنسبة لليبيا وذلك بالنظر إلى «عدم توفر حل آخر»، مشيرا إلى أن هذا الأمر بالنسبة للحالة السورية يعتبر «مرفوضا جملة وتفصيلا لأن ذلك سيؤدي إلى حرب أهلية، بدأت مع الأسف الشديد، علاوة على تفكيك هذا البلد وجر المنطقة برمتها إلى الحرب، وهذا خيار وجب حذفه تماما» حسب تصريحه.