لم تستبعد وزارة التربية الوطنية إمكانية اللجوء إلى تأجيل امتحانات شهادة البكالوريا في حال حصل هذا الخيار على «إجماع الأسرة التربوية»، شرط ألا يكون ذلك محل «طعن من طرف تلاميذ ولايات الجنوب». يأتي ذلك على خلفية الاضطراب الحاصل في سير الدروس الذي خلّفته التقلّبات الجوية الأخيرة، وهو ما أدى إلى غلق 2557 مؤسسة لا تزال 166 منها موصدة الأبواب حتى الآن. كشف مدير التعليم الابتدائي بوزارة التربية الوطنية، «إبراهيم عباسي»، عن اجتماع سينعقد يوم غد الأربعاء مع 14 مدير تربية للولايات التي تضرّرت بفعل التقلبات الجوية الأخيرة، موضحا أن هذا اللقاء سيكون من أجل تباحث كيفية استدراك التأخر الحاصل في الدروس بعد أن تجاوزت فترة التوقف عن الدراسة عن 10 أيام، وأكد أن مصالحه وضعت الكثير من الخيارات بهدف تدارك الوضعية في أقرب الآجال. ووفق الأرقام التي عرضها «عباسي» أمس عندما كان يتحدّث في حصة «ضيف التحرير» بالقناة الثالثة للإذاعة الوطنية، فإن إجمالي المؤسسات التربوية التي تأثّرت بالاضطرابات الجوية التي شهدتها الكثير من مناطق البلاد قبل أسبوعين وصل إلى 2557 مؤسسة بين ابتدائيات ومتوسطات وثانويات، وهو ما يُمثّل نسبة 10 بالمائة من العدد الوطني. وتصدّرت ولاية تيزي وزو قائمة الولايات الأكثر تضرّرا بغلق 725 مؤسسة، تليها قسنطينة ب 538 مؤسسة ثم سطيف التي عرفت غلق 270 مؤسسة. وإلى غاية يوم الأحد فإن تيزي وزو تبقى في الصدارة على اعتبار أنها لا تزال تشهد غلق 104 مؤسسة، وتأتي بعدها ولاية جيجل ب 32 مؤسسة، ثم بجاية ب 17 مؤسسة، وميلة التي تتوقف بها الدراسة على مستوى 7 مؤسسات، وكذا سكيكدة ب 4 مؤسسات مغلقة وأخيرا ولاية البليدة بمؤسستين، وهو ما يعني أن ست ولايات تبقى متأثرة بتبعات تلك التقلبات بإجمالي 166 مؤسسة مغلقة. وعلى هذا الأساس أفاد المتحدث بأن الرهان الأساسي حاليا يكمن في بحث طريقة استدراك الدروس للولايات المعنية، ولذلك أشار إلى أن الوزارة أصدرت منشورا خاصا بتاريخ 16 من هذا الشهر يترك المجال إلى مدراء المؤسسات التربوية، بالتشاور مع الأساتذة وأولياء التلاميذ، من أجل ضبط مخطّط خاص لهذه العملية، موضحا أنه تمّ إبلاغ مدراء التربية للولايات ال 14 المتضرّرة بضرورة التعامل مع الاستدراك وفق جدول زمني لكل مؤسسة. وبموجب ذلك أكدت الوزارة أنه بإمكان المؤسسات التي تأثرّت بالتقلّبات الجوية الأخيرة توخي الخيارات التي تراها مناسبة بخصوص الاستدراك سواء عن طريق استغلال أيام السبت لبرمجة الدروس الإضافية، أو أمسية يوم الثلاثاء أو من خلال تبني خيار ثالث يكون باستغلال الأسبوع الأوّل من العطلة الربيعية المقرّر يوم 15 مارس المقبل، وهنا استطرد: «نحن فقط نعرض الخيارات الممكنة ويبقى الفصل على المستوى المحلي في كل مؤسسة باختلاف الحالات وحسب نسبة التأخّر». ولا يرى مدير التعليم الابتدائي أي حرج إذا ما قرّرت المؤسسات التي توقفت بها الدروس لفترة ناهزت الأسبوعين من أن تلتزم برزنامة امتحانات نهاية الفصل الثاني المقرّرة ابتداء من 26 فيفري، وعليه أكد استحالة اتخاذ قرار بهذا الشأن على المستوى المركزي، وبالتالي اقترح ثلاث خيارات لإجراء هذه الامتحانات إما في آخر أسبوع من هذا الفصل، أو تنظيمها في أوّل أسبوع من العطلة الربيعية، أو في أوّل أسبوع بعد العودة من العطلة، تاركا الخيار لمدراء المؤسسات بعد استشارة الأساتذة وأولياء التلاميذ. لكن الإشكالية التي طرحت على «عباسي» تكمن في احتمالات أن تلجأ وزارة التربية الوطنية إلى مراجعة الرزنامة الرسمية المعتمدة لامتحانات نهاية الطور الابتدائي والمتوسط وكذا شهادة البكالوريا، فأجاب: «تأجيل الامتحانات الرسمية في الوقت الحالي ليس مطروحا» ما يعني الإبقاء على التواريخ المحدّدة سلفا وهي 27 ماي النسبة للطور الابتدائي و3 جوان لامتحانات البكالوريا و10 جوان لامتحانات التعليم المتوسط. ومع ذلك أعطى «إبراهيم عباسي» إشارات قوية بإمكانية إعادة النظر في هذه التواريخ بعد أورد أن استعداد الوزارة لفتح النقاش في الأمر، حيث جاء على لسانه: «ما أريد تأكيده أنه إذا كان الأمر يتطلّب التأجيل فإننا سنناقش ذلك مع كل الشركاء»، وتابع حديثه: «ليس لدينا أيّ اعتراض في هذا الشأن، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار للمزايا والمآخذ التي قد تنجرّ عن التأجيل». ومن بين السلبيات التي تحدّث عنها احتمال أن لا يتعاطى تلاميذ ولايات الجنوب بشكل إيجابي مع هذه الخطوة «خاصة وأن هذه الفترة تتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة»، ومن هذا المنطلق شدّد «عباسي» على أنه «يجب أن يكون هناك طلب قوي من طرف الأسرة التربوية»، ليخلص إلى التأكيد «ليس لدينا أي اعتراض.. ونحن متفتحون على كل الحلول التي يمكن أن تتخذ عن طريق الاستشارة مع مراعاة مصلحة تلامذتنا بطبيعة الحال».