بقلم: نوال الغانم/ العراق الكلمة التي تدحرجت من سقفِ الرؤيا إلى السفحِ، لم تكن سوى قنينة العطر التي سقطت بغتة من يدِ آلهة الكلمات. الكلمة التي باركها الربّ، وألقاها في حديقة الضوء، لم تكن سوى فراشة بيضاء استدرجها النور لتنثرَ أزاهير جناحيها على وميضهِ. الكلمة التي حَمَلتها غيمة البكاء، لم تكن سوى روح الخليقة، وهيَّ تندمجُ معَ الطين. الكلمة التي أطلقت نهرَ العصافير من قفصهِ، لم تكن سوى روحي المعلقة على رفيفِ الأجنحةِ. هذا والبقية تأتي .......!!! لولا تلكَ اليد المشبعة بالموسيقى، والطالع من بياضها هديل الحمام، والراكضة على خطوطها زرقة البحر، والمنغمس رنينُ أصابعَها بفيض خضرةِ الأشياء، لتراجعتِ العربات المحملة بنضائدِ ورد الكلمات إلى خلفِ الأسوار . أيها الشعر، يا من تلاحق خطاكَ أصوات النايات، دع غيمتكَ النافرة تمطر عليَّ، دَعها تمشطُ شعْريَّ، وترتديني، دَعها تطلقُ سحرها الكوني في معاقل روحي، لتحررني من عبوديتي التي طوقت حديقة أحلامي. أيها الشعر ....... تَفضل وأجلس هنا، هنا أمامي، على المقعدِ الذي يقابلني لنشرب شاي الصباح سويةً ... ونقرأ الصحف ... نعلقُ على الصور المنشورةِ على صفحاتِها الأُول ونبكي ........ تميلُ برأسكَ نحوي وتهمس صبراً ..... ثمَ تمد يدكَ إليَّ، تساعدني على النهوض، فأنهضُ متكئة عليكَ. أيها الشعر تفضل ..... تفضل وأجلس هنا. هنا أمامي .... لنتحدث عن أخبارِ الوطن تهزُ برأسكَ وقبلَ أن ترفعَ فنجان القهوة نحوَ شفتيكَ يسيلُ الدمعُ .... يبلل قميص حروفك، فتنهض مُنفعِلاً ...... ثمَ تدورُ حولَ كرسيكَ وتجلس. أقولُ : بردت قهوتكَ تجيبني.... لم يعد هناكَ شيء دافىء، وتنثر ما تبقى بجيبكَ من قصاصات الورق. أجمَعها تتفتت بينَ أصابعي مثلَ الرمادِ أقول : الشعر، أينَ الشعر أيها الشعر؟ تضحكُ .... وترمي على الطاولةِ باقاته. لم يعد في العرباتِ متسعٌ لتأخذ بيادره نحوَ الحقول........... لم تعد هناكَ عصافير تزقزق...... أقولُ : الشعر تقول : لمن؟