أنهت الزيارة التي قام بها رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي إلى الجزائر صفحة الخلافات بين البلدين خاصة وأن السلطات الجديدة في طرابلس أعلنت أنها تعوّل كثيرا على خبرة وتجربة بلادنا في مجال مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود من أجل مساعدتها على استرجاع الأمن ومحاربة التهريب والجماعات المسلّحة. قدّم رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، المستشار «مصطفى عبد الجليل»، قراءة إيجابية حول نتائج زيارته الأخيرة إلى الجزائر بعد أن اعتبرها «توطئة لزيارات وتبادل خبرات مستقبلية»، ولذلك توقع أن تكلل نتائجها «بالخير على مستقبل هذه العلاقات وخاصة أن الأشقاء في الجزائر يمتلكون الكثير من الخبرات في مجالي الأمن والدفاع». وأكد «عبد الجليل» في تصريح أدلى به أمس لوكالة الأنباء الليبية قائلا: «نحن في حاجة إلى مثل هذه الخبرات في هذه المرحلة بالذات باعتبار أن الجزائريين مرّوا بمثل هذه المراحل في أوقات عديدة سواء أيام الاستقلال أو أيام الأحداث الأخيرة التي هزت بلادهم في التسعينيات»، وأردف في الاتجاه ذاته أن «الشعب الجزائري يعتبر مساند للثورة الليبية منذ البداية وتواق لنجاحها، وكان معنا يوما بيوم يتابع في كل الأحداث». إلى ذلك تابع المتحدّث كلامه بعرض توضيحات بخصوص الاتهامات التي سبق وأن وجّهها أعضاء في المجلس ضد الجزائر، حيث ذكر أن الموقف الإيجابي «هو ما سمعناه من الإخوة الجزائريين الذين أكدوا أن الطائرات الجزائرية التي قد تكون نقلت جنود داخل ليبيا بين مدينة أو أخرى هي طائرات تتبع شركات تجارية لا علاقة للشعب الجزائري أو حكومته بها». ومن خلال المعطيات التي كشف عنها «مصطفى عبد الجليل» فإن النظام الليبي السابق «أوفد للجزائر وفدين لشراء سيارات ومحروقات وأسلحة غير أن الحكومة الجزائرية رفضت ذلك ولم تقدم أي خدمة لذلك النظام رغم طلباته العديدة»، معلنا من جهة أخرى أن اتحاد المغرب العربي «سيكون له شأن كبير في ضبط العملية الأمنية عن طريق التعاون بين الأجهزة الأمنية والدفاعية لأعضائه»، ودعا دول الاتحاد إلى «اتخاذ موقف موحد في هذا السياق وخاصة أن الخطر محدق بالجميع». وفي تصريحات إعلامية أعقبت زيارته إلى الجزائر تحدّث المسؤول الليبي عن مسألة إيواء الجزائر لعدد من أفراد العقيد الراحل «معمر القذافي»، وقال في هذا الصدد: «نحن لم نسقط حق التتبع ضد عائلة القذافي، والجزائر أكدت أن حق التتبع القضائي مكفول لليبيين وهو محفوظ لكل من له حق تجاههم، والجزائر لن تؤوي من يشكّل خطرا تجاه ليبيا»، لافتا في مسألة البعد الأمني إلى أن «ما عجّل بهذه الزيارة هو الأحداث المتلاحقة في شمال مالي» على الحدود الليبية. وقد اتفقت ليبيا والجزائر على خارطة طريق لتفعيل التعاون بين البلدين للعام 2012 في إطار الزيارة الرسمية التي قام بها رئيس المجلس الوطني الانتقالي، ونصّ الاتفاق الموقع عليه من وزيري خارجية البلدين على عقد اجتماع بهدف «لإجراء تقييم شامل للتعاون في مختلف المجالات وفق رؤية جديدة»، وقد تمّ تحديد موعد هذا الاجتماع في شهر سبتمبر بالعاصمة طرابلس. وتضمنّت خارطة الطريق إنشاء لجنة التشاور السياسي التي تتولى تنسيق المواقف بشأن الوضع في دول الجوار وتبادل الوفود بين البلدين وتنسيق المواقف على المستوى الجهوي والإقليمي والدولي، على أن تعقد اجتماعها في شهر أكتوبر بالجزائر، إلى جانب اللجنة المشتركة للشؤون القانونية التي تختص بتحديث الاتفاقيات التي لم تعد تواكب تطورات العلاقة بين البلدين بحيث ستجتمع في شهر أكتوبر بطرابلس. واتفق الطرفان على تفعيل لجنة المبادلات التجارية التي ستعمل على بحث السبل الكفيلة لتطوير المبادلات التجارية والرفع من حجمها وتعقد بطرابلس في شهر نوفمبر، وعقد منتدى اقتصادي بين رجال الأعمال والمتعاملين مع الشأن الاقتصادي وحدد له شهر نوفمبر بمدينة «غدامس»، وكذلك عقد اجتماع الغرفة التجارية الليبية الجزائرية لربط العلاقات بين المؤسسات التجارية ورجال الأعمال بين البلدين وحدّد لانعقاده شهر نوفمبر بالجزائر.