يتوقع المتتبعون للشأن الوطني حدوث هزّات ارتدادية جديدة في أحزاب المنهزمين في تشريعيات ال10 ماي في حال ذهاب قياداتها إلى خيار مقاطعة البرلمان المقبل، ولا تستبعد قراءاتهم احتمال تصادمهم مع المرشحين الفائزين الذين حتما لن يفرطوا في مقاعد مبنى زيغود يوسف وامتيازات المنصب النيابي، وهو ما يقود إلى مزيد من الانقسام والتشتت في صفوف هذه الأحزاب. أسدل الستار عن تشريعيات ال10 ماي إلا أن تداعياتها على الساحة السياسية ما تزال مستمرة وقد تتواصل لأسابيع أخرى خاصة وأن العرف السياسي يفترض في قادة الأحزاب التي خاضت الاستحقاق التشريعي تقديم الحساب لهيئاتها الحزبية وأكثر المعنيين بكشف الحساب هي الأحزاب المنهزمة التي أوهمت مرشحيها ومناضليها طيلة الحملة الانتخابية وقبلها أنها قادرة على اكتساح البرلمان المقبل وأنّ حصتها من مقاعده تكاد تكون مضمونة ومنها “تكتل الجزائر الخضراء” الذي تحدث قادته عن ما لا يقلّ عن 120 مقعدا وجبهة التغيير التي راهن رئيسها عبد المجيد مناصرة على افتكاك 10 مقاعد في العاصمة، بينما عبد الله جاب الله أمين عام حزب العدالة والتنمية فقد تجاوز حسابات توزيع المقاعد إلى حسابات الحكومة التي سيقودها بعد التشريعيات والتحالفات التي سيلجأ إليها. وكخطوة استباقية بادرت قيادات الأحزاب المنهزمة إلى الاستنجاد بمشجب التزوير لتعلق فشلها عليه في محاولة للتنصل من مسؤولياتها، وبعدما تقلصت مقاعد “الجزائر الخضراء” إلى 48 مقعدا، بدلا من 120 وتبخّر معها حلم سلطاني في إسناد رئاسة البرلمان لعمار غول، تماما كما تحوّلت ال10 مقاعد التي راهن عليها مناصرة في العاصمة وحدها إلى 4 مقاعد يتيمة على المستوى الوطني، بينما الأغلبية التي كانت ستعبد الطريق أمام عبد الله جاب الله لقيادة الجهاز التنفيذي أصبحت 7 مقاعد لا تؤهله حتى لتشكيل كتلة برلمانية في المجلس المقبل، لم يجد هؤلاء المنهزمين ويضاف إليهم موسى تواتي من مخرج سوى التلويح بمقاطعة البرلمان المقبل والتنازل عن المقاعد المعدودة المحصّل عليها. خطوة المنهزمين هذه وإن كانت من وجهة نظرالمتتبعين للشأن السياسي الوطني لا تعدو أن تكون مجرد مناورة سياسية فإنها في المقابل وفي حال مضت القيادات الآنفة الذكر في تنفيذ وعيدها بمقاطعة البرلمان القادم، فإن من شأنها تفجير هذه الأحزاب وتعريضها لمزيد من الانقسام والشتات.